وليد المشرفاوي
لابد لنا عندما نستذكر (بدر) الثورة والكفاح ضد اعتى طاغوت عرفه التاريخ من ان تستنهض المشاعر الجياشة باستحضار الدروس والعبر التي حفلت بها مسيرة هذا التشكيل المبارك ومن خلال استعراض ظروف ولادته ونموه واتساعه حتى بات معلما بارزا من معالم الثورة ورحلة الكفاح المرير ضد مركب الظلم والاستبداد والاستهتار بمقدرات الإنسانية.. وكيف قضت سنة التاريخ بانتصار المجاهدين الصابرين المرابطين على جحافل الباطل مهما استشعرت القوة واستمرئت الأساليب الدموية التي أحالها ثبات طلاب الحق إلى عار يلاحقها والى لعنات تتردد على شفاه الأجيال..أن سر استقطاب (بدر) لعشاق الثورة والجهاد في سبيل الله تعالى أنها صدى الصرخة التي أطلقها حسين عصره الأمام محمد باقر الصدر (قده) في وجه المنهج اليزيدي المعاصر.. فاستجابت لها القلوب الصادقة.. وإحالتها الأذرع المشدودة والهمم العالية إلى بناء شاخص وقلعة تهوي إليها أفئدة عشاق الحرية وأباة الضيم لتكون يد الشعب العراقي الضاربة.. وصوته الذي أبى إلا أن يتجاوز حجب الكبت وكم الأفواه..وان سر الانسلاك في مسالك بدر دونما تردد هو أن رافع لواءه عالم رباني عرفه التاريخ السياسي المعاصر بشرف أرومته وعلمه وزهده وعزمه فكان شهيد المحراب (قده) عنوانا يشرف من يضع روحه على كفه في حضرته.فكان (قده) الملهم لبدر يفيض عليه من عزمه عزما وثباته ثباتا وكان ذلك الوجود الكريم كهفا منيعا للمشردين في فيافي المنافي.. ومثار الطمأنينة في زمن الوحشة والضياع..فآل مآل الغيارى على حاضر ومستقبل العراق إلا أن يحيلوا مهجرهم إلى مدرسة لتخريج الأبطال المضحين، وميدان للانطلاق في مواجهة جند الطاغوت بلا كلل، وقنوات للتواصل مع أبناء شعبهم القابعين في السجن الكبير لاستنهاض الهمم وإدامة روح الرفض والثورة.أن من يقف على طبيعة تشكيل (بدر) ويتمعن منطلقاته ويتعرف على منهجه ليلمس أن تسديدا إلهيا راعيا لهذا التشكيل وكان ظروفا مختلفة قد خلقت خلقا لتسوق الغيارى من ابناء الشعب العراقي سوقا للالتحام بهذا التشكيل زرافات زرافات كقزع الخريف..وان من يتحرى طبيعة خطابه سيجده مفعما بوحدة أعراق وأطياف الشعب العراقي تجاه إرهاب النظام الرسمي الذي لا يدن له وقد تجسد صدق الخطاب وشفافيته وتجاوزه للمنطق الطائفي والتجزيئي أن انتمى لبدر العربي والكردي والتركماني والسني والشيعي بل والمسيحي والصابئي والايزيدي ولا زال من هذه المكونات والأطياف من يتمسك بانتمائه لبدر حتى اللحظة.. كما آلت قبور شهداء البدريين في ارض المهجر أن تجسد هذه الوحدة في مواكب الشهداء الذين عادوا إلى بارئهم مخضبين بدماء الشهادة المزفوفة بأكاليل الرحمة وشآبيب الفوز.وما يدعو إلى الاعتزاز والفخر أن أولئك المجاهدين قد جسدوا انتصارهم للمبادئ العليا فألفوا لأجل ذلك حياة البساطة وتواضع المعيشة لما يزيد على أو يقل عن العشرين عاما.. لأنهم بصدد إنقاذ شعب من براثن نظام دموي مستبد.. فكان لابد لهم من مواساته واستسهال تحمل الصعاب وتقحم المخاطر من اجله رجاء أن يمن الله تعالى عليه وعليهم بالخلاص من ربقة الطاغوت..لقد أرسى هذا الواقع دعائم الإخوة في الله بين أتباعه بما يسمو على الوشائج القومية والمناطقية والعشائرية فأنجب صورا فريدة جسدت مبدأ (رب أخ لم تلده لك أمك). ولا زال البدريون يستذوقون طعم هذه العلاقة بما يفوق العلاقة مع الأرحام الصلبيين.. ولا زالت تجلل الأذهان تلك الصورة الجماعية المتكررة فجر كل يوم حين تتقاطر السرايا والأفواج صوب ساحة العرض الصباحي.. وتقف بإجلال مؤكدة العهد مع المبادئ.. تسبح في هالة من الخشوع في بحر أجمل الأصوات وأشجاها حين تتلوا آيات من كتاب الله المجيد.. وتختم بزيارة سيد الشهداء (عليه السلام) لتكريس الإيمان بقدسية الهدف وتأكيد الحرص على الظفر بحسن المنقلب.. ليكون جنى ما زرعت تأبين كوكبة من شهدائها على طريق مقارعة الطاغوت بين الفينة والفينة.. فتجاوزت أعداد المودعين المئات إلى الآلاف.. مع إصرار غريب على مواصلة المسار الصعب مهما كان ملونا بلون الدم الأحمر..فالمسيرة كانت قد آلت على نفسها إلا الظفر بإحدى الحسنيين.. النصر أو الشهادة..لذا ليس غريبا أن يكون جزاء ذلك أن تزف الأقدار البشرى بانهدام صروح الطاغوت بين ليلة وضحاها.. وبالصورة التي كانت.. وقد تحقق الهدف الأول لهذا التشكيل المبارك في خلاص الشعب العراقي وتحرره وانعتاقه.. ليعود أجياله من نظام سياسي يحقق من خلاله ذاته وطموحاته المشروعة..لذا كان قرار قيادته الشرعية بإحالة التشكيل من عسكري إلى مدني إيذانا بانتهاء دور البندقية وحلول دور القلم وأداة البناء والاعمار على أن بدر لا تنتظر من بقايا النظام وأنصار الطاغوت أن ينصفوها أو يمتدحوا دورها يوما.. أم لم تتوقع عملا جادا لطمر تاريخها وتشويه حاضرها والاقتصاص من أتباعها.. ثارا لسقوط نظامهم السادي.. وذواء فردوسهم واستئثارهم بخيرات هذا البلد بغير حق.. بقدر ما تناشد الغيارى والمخلصين إنصاف البدريين الذين افنوا زهرة شبابهم دفاعا عن هذا الشعب وكرامته.. فعادوا يجلل رؤوسهم ووجودهم الشيب إنصافهم معنويا.. بالتذكير بمآثرهم.. وإنصافهم باعطاءهم ما لهم من حق مشروع في هذا الوطن الذي جادوا دونه بأرواحهم.. وان يزاح عن أكتافهم غبار السنين.. وان الوسائل إلى ذلك كثيرة والخيارات متعددة..
https://telegram.me/buratha