المقالات

توافق ام تراجع ... ؟

692 00:41:00 2011-06-02

جواد العطار

تقوم فلسفة الديمقراطية التوافقية في المجتمعات ذات التنوع الاثني او اللغوي او الديني على وجود انظمة تُطمِئن مختلف مكوناتها وتتيح لها المشاركة والتمثيل بفعالية في السلطات الثلاث على نحو يجعل اتخاذ القرارات المصيرية ممكنا . وتفترض الديمقراطية التوافقية؛ بحرصها على تمثيل مختلف مكونات المجتمع؛ ان تحول دون تفاقم الازمات السياسية وتدفع كافة الاطراف في لحظات الخلاف الى تسويات تحتكم للآليات الدستورية والمؤسساتية ... والى ما تنص عليه من شروط لاتخاذ القرارات الحاسمة . واذا كانت الديمقراطية الحديثة العهد في العراق ، قد اقترنت بعد الانتخابات التشريعية الثانية عام 2005 بالتوافق؛ لتمثيل كافة مكونات الشعب وطوائفه في مجلسها النيابي ، فان ذات الديمقراطية اتجهت الى التوافقية السياسية بعد الانتخابات الاخيرة لتتحول المكونات الى ائتلافات حيث اندمجت وذاب بعضها ببعض في ظاهرة يفترض انها صحية بدرجة مئة بالمئة . لكن ، ما حدث ان التوافق اصبح وسيلة الكتل والسياسيين للخروج من اي مأزق يواجههم او مشكلة تعيق بقائهم او استمرارهم .ان المتتبع للشأن السياسي يجد ان الدورة البرلمانية الحالية بنتائجها التي جاءت متقاربة بشكل نسبي بين العديد من الكتل ، كان له ان يؤسس لحكومة اغلبية فعالة تقابلها كتلة معارضة تتولى الرقابة والمراقبة والاشراف ولها ان تطيح بتلك الحكومة متى ما وجدت النصاب اللازم او خرجت الحكومة عن الاهداف والمسؤوليات التي تشكلت من اجلها . هذه الصورة النمطية للديمقراطية التوافقية القائمة على المكونات السياسية ، والتي كادت ان تنضج وتصبح حقيقة في العراق حينما وقعت الاطراف الفائزة على اتفاق اربيل لتسمية الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة بعد مخاض طويل استمر لاكثر من ثمانية اشهر ، تلاشت بعد نقض تلك الاتفاقات والدخول في خلافات وتفسيرات وتأويلات وختمت برسائل وسجالات ، رغم ان ذلك الاتفاق تم تاطيره لحظة التوقيع عليه وقراءته من قبل رئيس البرلمان امام كافة القيادات والبرلمانيين في جلسة مفتوحة . ان التوافق اليوم لم يصبح على اساس المكونات كما كان قبل اربعة اعوام ، ولم يعد على مبدأ الاتفاقات السياسية كما كان بداية العام الحالي ، بل اصبح على مقصد الغاية تبرر الوسيلة . فاذا تعرضت الحكومة الى ضغوط تتعلق بمسألة مصيرية مثل خروج القوات الامريكية؛ وتنفيذ بنود الاتفاقية الامنية المبرمة بين الطرفين او تمديد بقاءها او عقد اتفاقية جديدة؛ من قبل التيار الصدري وشريحة واسعة من ابناء الشعب العراقي ، تتجه الكتلة المشكلة للحكومة وقياداتها السياسية الى فتح ابواب المفاوضات؛ التي اغلقتها سابقا؛ مع الكتل الاخرى ( العراقية مثلا ) ... وتستمر الاجتماعات وتتوالى الاخبار والتصريحات عن تقدم في ملف كذا وتعنت في ملف كذا وتختتم بالمفاوضات ايجابية ... وهي في الحقيقة تضر بالعملية السياسية وبالديمقراطية لما تستهلكه من وقت وجهد بدون نتائج ، ولما تحدثه من شروخ في جدار الثقة بين المكونات السياسية قد لا تندمل بسهولة . ليبقى الحال على ما هو عليه منذ اكثر من عام منذ اغلاق صناديق الاقتراع في انتخابات 2010 ، ولتتراجع قضايا الوطن وشؤونه المصيرية ، التي يجب ان تتصدر الاحداث وتأخذ الحيز الاكبر من الاهتمام السياسي والاعلامي والشعبي ، ولتستمر معاناة المواطن وتتفاقم مع تراجع اولوياته في معالجة قضايا البطالة والخدمات الاساسية وملفات اخرى شائكة كثيرة ومتوالية ... لتركن جميعها على رف التوافق السياسي الذي لا يسير بنا الا خطوات واثقة الى الوراء .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مروان العاني ابو الحكم - بغداد الاعظميه
2011-06-02
سيدي الكريم - من تراجع الى تراجع بسبب بناء العمليه السياسيه بني على اساس الغالب والمغلوب كما ان الاخوه السياسيين لم يشعروا ابناء شعبهم انهم جاءو لخدمة الجميع بل عكس ذلك يتصور من يتبؤ منصب عليه خدمة المكون او الحزب ولربما المنطقه او العشيره فاصبحنا نسمع كلمة تهميش واليوم نسمع بالتوازن وهي كلمات لها مصداقيه لواقع العمل التنفيذي في حين تسمع عكس ذلك في سيارة الباص الجميع بدون استثتاء يقول ليأتي كائن من كان فقط اطلب الكهرباء والاخر يطلب الامن والاخر يريد توفير الدواء والعلاج لمريضه ولم نسمع شيعي سني
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك