حسن البحريني
مغالطات كثيرة تحدث والنظام يحاول الاشارة الى ان ما يحدث في مناطق البحرين من احتجاجات ومظاهرات هو تحرك فردي لمجموعة اشخاص يخرجون في بعض "القرى" وهي محاولة لتحجيم الاحتجاجات الشعبية الحاشدة التي تخرج في المدن والبلدات التي تحولت الى احياء قريبة للعاصمة ‘ فالبحرين كلها بجميع مناطقها هي "قرية صغيرة"! بمعنى ان العاصمة والمناطق المجاروة او البعيدة هي كلها عبارة عن كتلة سكانية واحدة تتوسطها صورة الاعمار والمباني الشامخة بحيث كل من يدخل البحرين ويذهب الى مناطقها يحسب نفسه انه مازال في العاصمة !
التقارير التي عادة ما تتحدث عندما تخرج مظاهرات في مناطق البحرين مثل "الدير" او "بني جمرة" او "سترة" او "النويدرات" او "التوبلي" و "المعامير" و"العالي" و"السنابس" او "السار" او "الدراز" او غيرها من البلدات والمدن والاحياء بانها خرجت من "قرى" وتستمر وكالات الانباء العالمية بذكر خروج مظاهرات في "القرى" وهي اما جاهلة بجغرافيا البحرين او انها تتلقى تقاريرها من مصادر خاطئة او تصريحات عفوية تخرج من البسطاء من الناس ‘ فعندما يتم تداول مفردة "قرى" تتبادر للوهلة الاولى الى الاذهان صور لعدد من النخيل وبيوت من الطين وابار مياه ارتوازية و مراعي الاغنام والمواشي ! والحال ان الامر ليس كذلك ‘ فقد شهدت البحرين خلال العقود المنصرمة تحولا كبيرا من الناحية المعمارية والبناء بفضل جهود ابناءها ومزاولة ابناء الاغلبية التجارة الحرة واستيراد النموذج العالمي في بناء المنازل والبيوت بحيث تضاهي ماهو موجود في البلدان المتقدمة رغم استهتار النظام باصول البناء والعمار وسعيه لللاستيلاء على الاراضي واقامة الناطحات السحاب والمباني بشكل عشوائي على الاراضي المنهوبة والمغتصبة وازالة كل الاثار التاريخية ومعالم الحضارية للبلاد .
لذلك فان تناول بعض الوكالات والفضائيات مفردة القرية او "القرى" هو تصغير لحجم المظاهرات وقوة الحشد الجماهيري الذي يخرج من مناطق البحرين وللاسف هناك بعض الناشطين واخوة يمارسون العمل الاعلامي والظهور في الفضائيات يذكرون مثل هذه المفردة وبذلك يتماهى خطابهم دون ان يعلم مع ما تتناوله الفضائيات الموالية للنظام ‘ وللعلم حتى العاصمة اليوم تحولت في اغلب مناطقها الى احياء تجارية ومناطق ديبلوسية ودوائر حكومية اكثر مما هي مناطق سكنية حيث ان سكان العاصمة هجروها وانتقلوا الى البلدات والمناطق النائية التي تحولت الى مدن ومناطق سكنية .النموذج لتلك المغالطة هو "بلاد القديم" ـ العاصمة الاولى والقديمة للبحرين ـ وهي منطقة ملطصقة التصاقا بليغا جغرافيا ومعماريا بسلسلة من المباني والبيوت الحديثة والمطاعم مرورا بالمستشفى السلمانية المركزي حتى وسط العاصمة فهي ليست قرية بل حي من احياء العاصمة القريبة جدا من مركز الاعتقال المركزي "القلعة" باتجاه السلمانية والسقيّة لذلك اعتادت وسائل اعلام بذكر "قرية بلاد القديم" والحال انها حي وضاحية كبيرة لا يمكن وصفها بالقرية .
ومن هنا فان المظاهرات التي تخرج في تلك المناطق هي في اغلبها لجماهير شعبية كانت تقطن العاصمة واليوم انتقلت الى احياء خارج العاصمة تلك الاحياء والبلدات التي تحولت اليوم الى مدن مكتظة بالسكان ‘ لذلك نأمل من القنوات الشريفة ومن اخوتنا في النضال والعمل الاعلامي الالتفات الى هذا الامر بان نقول "مدن" و"بلدات" و"احياء" و"ضواحي" و"مناطق" وبذلك نعطي صورة حقيقية عن حجم التحدي الشعبي وقوة الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة التي تخرج الى الشوارع للتنديد بال خليفة والمطالبة برحيل نظامهم الفاسد عن البحرين .
البحرين كلها اليوم تحولت الى "بلدة" صغيرة او لنقل الى "العاصمة" خاصة اذا عرفنا ان سكان البحرين الاصليين لا يتجاوز عددهم 600 الى 700 الف نسمة وفي المجموع مع المقيمين لن يتعدى مليون و100 الف نسمة ‘ فمثلما هي تحولت الى "بلدة صغيرة" فهي اليوم ايضا تحولت الى كتلة شعبية واحدة وموحدة في جميع مناطقها لمواجهة ال خليفة وقوات المرتزقة ويد واحدة من اجل ازالة كابوس الظلم والارهاب الخليفي واسقاط العصابة الحاكمة وتحرير "أوالنا" من جورهم ومن احتلالهم والمضي بارادة صلبة وموحدة نحو النصر المحتوم .
حسن البحريني
كاتب بحريني مقيم في السويد
https://telegram.me/buratha