حافظ آل بشارة
استقبل الناس ببرود خبر اعتقال قاتل المدير التنفيذي لهيئة المسائلة والعدالة الشهيد علي اللامي ، وتعد سرعة القبض على المجرمين دليلا على تطور العمل الاستخباري للقوات المسلحة ، ولكن لماذا لايساعدها هذا التطور على منع الجريمة قبل وقوعها ؟ أو منع تهريب السجين ؟ ليس هذا هو القاتل الاول ولا الاخير الذي يتم اعتقاله فبيانات القوات الامنية اليومية حافلة بعمليات الاعتقال وتفكيك الشبكات ، ولكن يقابل هذه البيانات بيانات أخرى تعلن تهريب مجرمين محكومين من السجون زرافات ووحدانا وبشكل شبه يومي ، جماعات تدخل من الباب الامامي مكبلة الايدي معصوبة الاعين تقابلها جماعات تخرج من الباب الخلفي حرة طليقة مرفوعة الرأس بعملية تهريب مدفوعة الثمن ، الغريب ان القوات الأمنية تعتقل المجرم لتسلمه الى السجون ولكنها تفاجأ به بعد أشهر ضمن عصابة متلبسة بجريمتها ليقع في قبضتها مجددا ، فيعتقد ان هناك عدة نسخ من المجرم الواحد ، نسخة في السجن ونسخة في الميدان ، المعتقلون يسخرون من القوات التي تعتقلهم لانهم يعلمون بانهم سيخرجون معززين من الابواب الخلفية ، القوات الامنية في ديالى وبغداد وصلاح الدين والموصل تسجل معلومات يومية بالارقام حول مجرمين عاودوا نشاطهم الارهابي بعد الخروج من السجن ، قاتل علي اللامي قد يمر بالدورة نفسها وقد يتخذ من السجن مكانا هادئا للتخطيط لقتل مسؤول آخر خاصة وان بعض المجرمين يحظى باقامة ممتازة في السجن ولديه فرصة للتواصل مع شبكاته وعناصره وبعضهم يستغل السجن لاعادة تنظيم مجموعته تدريبا وتثقيفا. مهزلة الاعتقال والهروب المتكرر بدأت منذ قررت بعض القوى السياسية تسييس ملفات الارهاب والجريمة المنظمة واقحامها في الصراع السياسي ، لذا فالموقف القضائي والقانوني من الارهابيين والمجرمين لم يعد من الثوابت فهو موقف متحول تصعيدا واهمالا ، بعض المراقبين يعتقد ان هناك موسما للتستر على ملفات المجرمين واغفالها وتجميدها لأن عمليات المقايضة والبيع والشراء خلف الكواليس تتطلب ذلك ، ويقال ان بعض الشبكات الاجرامية هي مليشيات سرية مرتبطة بشخصيات وقوى سياسية ، وهي تعلن هذا الارتباط بدون تحفظ لهذا السبب يطالبون باطلاق سراح عناصرها او العفو عنهم بكل ثقة واصرار ولو عن طريق تهريب مسكوت عنه في اطار صفقة ، ولكن عندما تتأزم العلاقات وتتوتر الاوضاع بين اللاعبين يقلبون لبعضهم ظهر المجن فتتصاعد لغة مكافحة الارهاب واعتقال المجرمين وتنفيذ الاحكام . في الصراع السياسي كل الوسائل متاحة للضغط من هذا الطرف او ذاك ، ولكن اين حقوق الضحايا ؟ ومن يدافع عنهم ؟ بعض القتلة يخرجون من السجون لينتقموا من ضحاياهم مرة ثانية وممن اخبروا عنهم ، هذه الدورة المضحكة تجعل الضحايا يعتقدون ان الدولة بما فيها من قوات مسلحة وقضاء واطراف سياسية عاجزة عن حمايتهم او أخذ ثاراتهم فيقررون الاعتماد على انفسهم وعشائرهم لينتقموا من القتلة ، وهي بداية فتنة لا تعرف خواتيمها .
https://telegram.me/buratha