المقالات

العقل السياسي...والنظام السياسي

690 17:36:00 2011-06-04

الدكتور يوسف السعيدي

تحولات النظم عملية مستمرة، وليس هنالك من بقاء لنظام لفترة معقولة... اما السبب فهو عندما يكون العقل السياسي والنظام السياسي لا يتسعان لروح العصر ومتطلباته، ولا ينسجمان مع التحولات الاجتماعية.. فان النظام السياسي بدلاً من ان يتغير تبعا للمتغيرات فانه يتمحور حول ذاته، ويتحجر، ثم لا يلبث ان ينضغط فينهار.. واذ ذاك لا فائدة من البطش، واجهزة المخابرات مهما تعددت ومهما توفرت لها من حرية انتهاك حياة المواطن، وامكانات مادية فكل نظام يريد البقاء يجب ان يتصف بالداينميكية، ويستجيب للحاجات الاجتماعية في تصاعدها، وللظروف المحيطة بالبلاد في تصيرها الدائم...واذا ما انهار النظام بقوة داخلية فهذا امر طبيعي ولكن حتى لو كان الانهيار بفعل قوة خارجية فان السبب هو كونه منخور من الداخل ولو لم يكن كذلك لاستطاع الصمود.. معظم الاحزاب عندما تكون في المعارضة... تتغنى بالشعب في شعاراتها وبياناتها وما يصدر عن قياداتها من اقوال.... ومعظم الاحزاب في المعارضة تشكو من ارهاب السلطة ومنهج القمع الذي تتبعه السلطة القائمة... ومعظم الاحزاب في المعارضة تشكو من الظلم والبؤس الذي يعاني منه الفقراء.. ومعظم الاحزاب في المعارضة تعد بالجنة... وتعد بالمساواة... وتدعو للديمقراطية والانتخابات النزيهة.. وتدعو لحرية العمل الحزبي... وتشكو من الرقابة وتدعو الى حرية الاعلام. وتشخص الفساد ورموزه وتطالب بتشريع قانون (من اين لك هذا)... وبالطبع فان معظم الاحزاب في المعارضة تطالب بالقضاء على الاقطاع وترفع شعار الارض لمن يزرعها.. والمعارضون يعدون انهم عندما يستلمون الحكم فسوف يصبح العمال المضطهدون في ظل الوضع القائم هم اسياد المصانع مستقبلاً. وستبنى المساكن، وتعبد الطرق، وتشيد الجسور، وتنهض ابنية المستشفيات، وترتفع الاجور... ولكن ما ان تستلم المعارضة الحكم سواء كانت حزبا او مجموعة احزاب... وتأتي الى المناصب الشخصيات (المناضلة) او (ألمجاهدة) في مصطلحات هذه الايام... فان اول ما تعلنه ان التركة ثقيلة، ويحتاج الاصلاح الى وقت، وعلى المواطن ان يتحمل... واول ما يحدث هو الصراع بين اطراف السلطة الجديدة، فالمشاركة مستحيلة اما الانفراد فهو الضروري.. وسيكون اول الضحايا هم اركان النظام الجديد انفسهم وبتهم شتى كالخيانة، والتآمر، والانحراف، وعدم النزاهة، الى غير ذلك من التسميات.وما ان تنتهي (الثورة) وكل حكم جديد يسمي نفسه (ثورة) نقول ما ان تنتهي (ألثورة) من تصفية ابنائها حتى تتوجه الى حلفائها الذين ييدأون ينبشون بحثا عن الاخطاء.. ويحل (قانون الثورة) محل قوانين العقوبات المعروفة. وتلصق كلمة خائن او متآمر بكل معارض... وتتسع السجون القائمة لتحوي قدراً اكبر من المعتقلين... اما الجنة وما فيها من ثمار فهي في نظر (ألثوريين) ليست سوى نزعة استهلاكية، برجوازية. وعلى ذكر كلمة (برجوازية) فان بعض الحكام الجدد يتخلون عن اصحابهم القدامى ويعاشرون الطبقة الارقى، والطبقة الارقى لا تقبل الصحبة الا مقابل ثمن... ويصبح الثوري مطيعا لغرائزه، مدفوعاً بنوازع الكبت والحرمان امام جميلات يرتدين الميني جيب ويقدمن له كؤوس الطلى... وحتى زوجات الايام الخوالي يتحولن الى مربيات وطباخات ليس الا ولا يليق بالحاكم الا زوجة يشترط ان تكون شقراء فالشقرة والوجاهة صنوان. واما توزيع الارض فيتم على الحكام واذا كان الاقطاعي يمتلك 200 دونما مثلاً فان الحاكم الجديد يمتلك 600 اما من يفلح الارض فهم عمال في الدولة... وتحول مجاري الترع نحو ارض السيد الجديد... وأما العمال فهم مشاكسون ولا بد من نقابات لا تدافع عنهم بل تراقب المشاغبين منهم... واما الديمقراطية.. فهي حق الزعيم في ان يعدم، ويسجن، ويصادر، وينتهك الاعراض، ويعلي من يشاء ويخفض من يشاء... والدستور دستوره هو... والبرلمان ليس سلطة تشريع بل جوقة تصفيق...فوضويه.. وينسى من يحكمون انهم كانوا مضطهدين وبدلاً من ان يرفعوا عن الناس غائلة الظلم فانهم يثأرون لانفسهم، ولكنهم يثأرون من الشعب المغلوب على امره في كل عهد.. بقيت نقطة جديرة بالانتباه: وهي جوق المستشارين ومدراء المكاتب: هؤلاء يقدمون للحاكم ما يرضيهم اولاً ثم ما يرضيه ويزيده طربا... اما الحقائق المرة او التي تمس مصالحهم فتحجب عنه... وهكذا يطوف الحاكم على قشرة بصل ويظن انه المحبوب والمحترم جداً من قبل 40 مليون كوري مثل كيم آل سونغ، وان الناس تصلي له.. وان الشعب مرتاح لحكمه غاية الراحة في ظل حكمه اوليس هذا ما تقوله الصحف...؟ يروى عن خروشوف الزعيم السوفيتي الراحل انه زار احدى القرى الروسية النائية.. فسأل الناس الذين تجمهروا حوله: - هل انتم مرتاحون؟ واجابوا: - نعم في غاية الراحة ايها الرفيق وسألهم - وهل تصلكم الصحف؟ فاجابوا: - بالطبع ايها الرفيق والا كيف عرفنا اننا مرتاحون؟ اوليس من الصحف؟ --------------- في هذا العرض يظهر كم كنا مصبين: - عندما اعلنت جماهير شعبنا المظلوم ان تكون الانتخابات هي الحكم... - وعندما أقرت على مبدأ التبادل السلمي للسلطة... - وعندما اصرت ان يكون القضاء مستقلا... - وعندما ارادت ان يسري القانون على الجميع حاكما ومحكوما... اما النسج على نفس المنج فانظروا ما حدث لبلادنا، لقد خسر شعبنا الكثير، ولم ينفع استبدال حاكم بآخر سوى انه يزيد الامر سوء على سوء.. وكل نظام غدا سينهار غير مأسوف عليه اذا ما سار على نفس المنوال.

الدكتوريوسف السعيديالعراق

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك