السيد حسين محمد هادي الصدر
من التاريخ الى الجغرافية لقد غصصنا بالماء قال الشاعر :مَنْ غصَّ داوى بشرب الماء غُصتَّه فكيف يصنعُ مَنْ قدْ غصَّ بالماءِمرّت بالعراقيين عقود من الزمن ، جرعهتم فيها الدكتاتورية الغاشمة ألوان العذاب والعناء ....لقد أفسدت الأخلاق ، فلم يعد الأب يأمن شر أبنائه المنتمين الى عصابات السلطة الظالمة ، ولا يستطيع الزوج أن يفضي بمكونات نفسه الى زوجته ، خشية ان تنقلب عليه يوماً ،وتوصل الى السلطة أخباره ...!!!ولم يكن ثمة من هامش للحرية بمعزل عن معزوفة الولاء للقائد الضرورة .!لقد صفيّت الحسابات مع الأحزاب السياسية كلها فعادت أثراً بعد عَيْن ؟؟؟..!!ولم تكن وسائل الأعلام المرئية والمسموعة والمقروءة الاّ نسخة متكررة لا تمجّد إلا الصنم ...وحتى وزير الدفاع يسمع بأخبار الحرب من الإذاعة .ومعنى ذلك ان الدولة كلها اختصرت بشخص الحاكم الأوحد ، ولم تعد ثمة من أهمية لاية مؤسسة أو جهاز .أما شباب العراق فقد امتصتهم الحروب والمغامرات الطائشة .وحتى السجناء ،كان تشملهم حملات تنظيف السجون ، فيُقضى عليهم زرافات ووحدانا .كان التضييق على الناس ،يشمل كل المناحي ،الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية والصحية ....وأُعدتْ أحواض التيزاب " للمعارضين الخطرين "وكانت تمتد الملاحقة إلى الأقرباء فلا يسلم منهم احد من العقوبة القاسية .وكانت الكتب الدينية، والكثير من البحوث العلمية والأكاديمية ،ممنوعة من التداول ، في حصار صارم للفكر والثقافة .ولم يكن شئٌ أسهل على الطاغية المقبور من إعدام عيون الرجال ، وفضليات النساء دون وجل وبلا تردد .وما المقابر الجماعية الاّ الدليل المادي على النزعة الأجراميه الفظيعة التي لم نزل نكتشف منها ما نكتشف ،عبر توالي الأيام ،أما السجون والمخابئ السرية تحت الأرض وفوقها فحدّث ولا حرج ...كل ذلك ولم يتعاطف مع محنة الشعب العراقي من أشقائه وجيرانه ومن المنظومة الدولية بأسرها الاّ القليل .وهذا هو الظلم المزدوج بعينه ظلم النظام الفرعوني وظلم الأنظمة المساندة له ، وبكل ألوان الاسناد .ولقد أوصل الطاغوت العراق الى مرحلة لا يملك العراقيون إزاءها الاّ القبول بالمرّ دفعا لما هو أمرّ .-2-لقد استطاعت المعارضة العراقية للنظام الدكتاتوري البائد ، وخصوصاً الحركة الاسلامية منها ،بعلمائها الأعلام ،وشهدائها الكرام ،وتضحياتها الجسام ،ان تكون الأمل للشعب العراقي المظلوم .ولقد فتح الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) بفكره ومواقفه ودمه ، بوابات الثورة على الكابوس الجاثم على رقاب العراقيين ،فابتدأت عمليات التصدي لهذا النظام ومؤسساته وأزلامه حتى هزّته في الصميم .وجاءت مواقف السيد الشهيد الصدر الثاني (رض) لتعبأ الامة للنهضة بوجه الظالمين عبر صلاة الجمعة وعبر حركته الميدانية المباركة وتماسه المباشر بالامة .وشاء الله ان يسقط الصنم ، في نفس اليوم الذي أغتيل فيه الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (رض) راعي المسيرة النضالية لتسقط قلاع الدكتاتورية .ويسدل الستار على كُومة المخازي التي جمّعتها عبر سنوات حكمها العجاف -3-لقد أستقبل الناس حكّامهم الجُدد المنتخبين وهم في غاية من النشوة وداعبتهم الامال العِراض في عراق جديد ، يكون واحةً للحرية والأمن والأزدهار والأستقرار ،وصيانة حقوق الانسان .كما يكون نموذجاً للتعايش السلمي مع الأشقاء والجيران والمنظومة الدولية بوجه عام بعد أنْ ولّت الى الأبد ، تلك السياسة الطائشة التي شكّل فيها الطاغوت خطراً على السلم والأمن الدوليين .لقد أولى الكثير من المواطنين العراقيين السياسيين العراقيين الاسلاميين ثقة خاصة وكانوا عندهم بمثابة الماء الذي ،يلجأون اليه اذا ما غصوا ، ولكن التجربة دلّت على ان هؤلاء لم ينجحوا في الاحتفاظ بهذه الثقة ، فلقد اهتزت الى حد بعيد .لقد وصلت الأوضاع الى درجة اتهامهم بتهريب عتاة المجرمين من قتلة الأبرياء العراقيين من السجون ..!!إن ما ناله الكثير من صنائع الدكتاتورية البائدة ورجالها ، من المناصب والامتيازات ،لم تنله عوائل الشهداء الأبرار ولم ينله معظم أبناء العراق المخلصين من أصحاب المواهب والكفاءات .أين الإسلام إذن ؟وأين موازينه العادلة ، ومفاهيمه ومعطياته ؟ولماذا تنحر المبادئ علي يد من يدعي الانتساب اليه ؟وأنه لحساب عسير ، لا في الدار الاخرة وحدها بل في هذه الدار أيضا ، ينتظر الذين باعوا دينهم بعرض زائل ،ومسار باطل .
حســـين الصـــدر
https://telegram.me/buratha