المقالات

العرب وضياع الهوية والذات

747 12:55:00 2011-06-06

علي حسين

لا أعرف من أين أبدأ مشوار رحلتي المتعثرة أصلاً وفق معطيات ومسببات تداعيات الأزمنة الغابرة والمراحل الراهنة للبحث عن الذات العربية الأصيلة الممزقة الى أجزاء متنافرة مرة ومتناقضة مرة أخرى، والأجزاء الى أشلاءٍ ولقمٍ دسمة سائغة يلتهمها الطامعون والغزاة وكل قوي في هذا الزمان، الذاتُ التي فقدت منذ عصور هوية الأنتماءات بكل أشكالها والمضامين بكل أحجامها وأعماقها لتصبح سقيمة تائهة حائرة مليئة بالجراح والأوجاع لتختفي بحياء وهي موشحة بالسواد بين الأمم القديمة والجديدة لتستبدل سمفونية المجد والعلا بأنشودة الصمت والسبات العميق، تميل بجسدها الهزيل لتتفادى رياح الأقوياء وأعاصير التغيير، عقيمة كجفاف الصحراء والحياة في البحر الميت عاقرة لم تلد أنصاف القادة كالسلف الأفذاذ يصارعون بالحق الدنيا ومن عليها ليعيدوا أمجاد التاريخ المجيد، ومتقاعسة محنية الرأس تستحق العطف والحنان ترضى مكرهة لتقبل ما يملي الدهر والأخرين عليها حتى لو أقتضى الأمر قتل الأخوة والأبناء وأكلهم كالضباع، وأي طريق صحيح أسلك لأبتعد عن طرق السراب لأجد طوق النجاة أو ماء الحياة لأسقي روحاً عليلة تئن من غدر وكيد الأخوة والأقدار، ولعلها تخرج من سجن الأنهزامية وركامات التخلف والجمود والإتكالية التي كانت سبب في التراجع والبعد عن ركب التقدم والتطور والحداثة الذي يجتاح العالم وأن تلحق بها ولو بخطوات أثقلتها الخوف والتبعية لقوى هذا الزمان، أوالبحث عن المفتاح السحري لفتح أقفال العقول المغلقة التي تسممت بخواء الفكر والثقافة والتي لبست ثوب الجاهلية الممجوجة التي تكلست بطقوس ولاء أكل الدهر عليها وشرب، أو نجد دواء لمرض الإنكسار النفسي الذي تغلغل أغوار العرب لكثرة النكبات والإنتكاسات، أو نشعل ناراً بالكتب والأوراق الرخيصة والمشبوهة لنجلي الظلام عن المشهد الفكري والثقافي المتجدد والمتحضر ونحرق الكفن الجاهز لموتنا ونعتلي مسرح الحياة بمسرحية (لنجدد الهوية والذات)، إن جميع الأمم تتطلع للنهوض بواقع الأنسانية فيها وبناء القيم والمبادئ الحميدة في مجتمعاتها والأستقواء بالذات والهوية والعقيدة لحتمية كسر قيود الخنوع والخضوع والتبعية المذلة، والإبتعاد عن التخبط والعشوائية في التفكير والسلوك، وكذلك التخلص من سماسرة السياسة والثقافة والفكر الذين يسعون الى المنافع الذاتية وحب البقاء في السلطة والتحكم برقاب الأمة ومصيرها، ولابد من أستكشاف كل ما هو جديد على كافة الأصعدة والذي يتناسق أو يتمازج مع التطلعات وطموحات هذه الأمة ويحقق غاياتها وأهدافها وصولاً الى المجد والعلا لمشاركة الحضارات الأخرى في التعايش الأنساني والمفاهيم والمصالح المشتركة والثوابت والمسلمات المتفق عليها والتأثير في هذه الحضارات من خلال الفكر الغني والثقافة الرصينة والقيم الأصيلة والأعتدال في الحوارات والطروحات السياسية والعقائدية التي تثير المخاوف والصراعات، إن رمادية وهلامية الإطار الشعبي للثورات التي تحدث في الوطن العربي والنتائج غير ملموسة وفي أغلبها سلبية أكثر من أن تكون إيجابية لحد الآن، والمواقف المتباينة للدول العربية بين متفرجة تنتظر ما تؤول اليه الأحداث لترافق المنتصر أو مناصرة لهذه الشعوب بسبب خلافات وتوجهات سياسية أو طائفية أو مؤيدة للحكام خوفاً أن يلتهم هشيم النار عروشهم ويكون مصيرهم كمصير الراحلين أو من تدخلت مباشرة في الدعم الإعلامي والمادي والعسكري بسبب الأوامر الملزمة من أسيادها وتصفية حسابات سابقة وكذلك رغبة في التعملق على حساب الأخوة الأعداء والظهور كقوة لها تأثير في الساحة السياسية العربية والدولية، وهذا خير دليل على إتساع الهوة والخلافات والإختلافات بين قادة الدول العربية والتي إنعكست بالسلب على شعوبها، فضلاً عن التخلي عن الهوية والذات العربية ونسيانها وضياعها بسبب هوس التملق والتخادم لأسيادهم وسد الشعور بالنقص في البنية السايكولوجية الذي يعانون منه، إن العرب يمرون بمخاض تأريخي ومرحلة فوضوية وتخوفنا بل الخطر الجسيم أن يصبح حكام الخليج هم المتنفذين وأصحاب القرار والقادة المتحكمين في مصير الشعوب العربية (توسع مجلس التعاون الخليجي خارج إطارها الخليجي) كحالة حتمية لسد الفراغ السياسي المعتاد بعد رحيل القادة المخضرمين وضرورة غربية لبقاء المصالح تسير بنفس الوتيرة والسياق وكل ذلك بسبب هذه الثورات العفوية التي تبحث عن الحرية ولكن دون أهداف محددة وواضحة وحتى في قسم منها لا ندري في أي طريق يسيرون ولأي فكر ونهج يتبعون، أن تسلم هؤلاء الخليجيين زمام القيادة والسياسة تبدأ معها مرحلة طمس ودفن الهوية والذات العربية بعد مرحلة ضياعها والتي سنرضى بها مرغمين رغم علتها، وستبدأ سيناريوهات جديدة وخصوصاً في الشأن الضحية فلسطين وإنهاء هذا الملف لصالح إسرائيل، وكلنا يعلم السيناريو القديم الذي تم أعداده مع ملوك وأمراء الخليج والذي بدأ بعدم الموافقة على وعد بلفور شكلياً والتمهيد لإسرائيل بالأحتلال الأراضي العربية في 1948 والى النكبة في 1967 وحرب 1973 وصولاً الى القبول بمعاهدات السلام، وبعدها العمل على بث الروح الإنهزامية داخل النفوس لتنقلب شعارات التحرير الى شعارات إيجاد الحلول السلمية ومن ثم المبادرة الخليجية ومن ثم الى التطبيع العربي مع العدو (الصديق والحليف) والإقرار والأعتراف بوجوده وهي الغاية والهدف، وسيعمل هؤلاء أخيراً على القبول بالحلول التي تفرضها إسرائيل شئنا أو أبينا، بعد تمزيق العرب وبث الأختلاقات والتناحرات بينها وخلق خنادق وأصطفاقات جديدة من أجل الإنشغال بصراعات دائمية في المنطقة والأبتعاد عن التطور والتقدم وما يحدث في العالم، وسوف تدفع الأمة ثمناً غالياً وتمر في أوقات عصيبة وبعدها نقرأ على الدنيا والعرب السلام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك