احمد عبد الرحمن
مرة اخرى توضح قيادة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي رؤيتها الدقيقة والصائبة لمفهوم الشراكة الوطنية كخيار لابد منه لادارة شؤون الدولة من قبل مختلف مكونات المجتمع العراقي بعيدا عن الاقصاء والتهميش والالغاء، بل بعبارة اوسع كخيار افضل وانجع لمشروع بناء الدولة.وهذا المبدأ-المفهوم، يعد احد اهم وابرز ثوابت ومتبنيات المجلس الاعلى في الماضي والحاضر والمستقبل. ومشروع بناء الدولة في الواقع لايتطلب فقط اموالا واستثمارات في شتى الجوانب والمجالات، ودستور وقوانين لايتورع أي طرف عن التجاوز عليها متى ما شاء وكيفما شاء، ولايتطلب وزارات ومؤسسات تتحول بمرور الزمن الى بؤر للفساد بمختلف اشكاله وصوره وميادين للصراع والتنافس غير الشريف على المكاسب اللامشروعة.بل يتطلب مشروع بناء الدولة ترسيخ ثقافة الشعور بالمسؤولية، وقبول الاخر، والمرونة والانفتاح، وتقديم ماهو عام على ما هو خاص، والتمييز بين مبدأ الاستحواذ على السلطة ومبدأ خدمة الدولة، والتمييز بين المعارضة من اجل البناء والمعارضة من اجل الهدم والتخريب. والشراكة الوطنية الحقيقية بأعتبارها محور ومرتكز مشروع بناء الدولة على اسس صحيحة ورصينة وقوية في شتى مجالات وجوانب الحياة، تقوم على جملة معايير واعتبارات وثوابت، لايمكن بدونها ان تنجح وتؤتي ثمارها ونتائجها الطيبة والنافعة.اهم وابرز واول تلك المعايير والاعتبارات والثوابت يتمثل بتحمل استحقاقات الشراكة بنفس القدر الذي يراد من خلالها تحقيق مكاسب واحراز امتيازات.أي بعبارة اخرى يمكن القول ان هناك شراكة شكلية ووقتية، لان طرفا فيها او اكثر يريد ان يتخذها جسرا للوصول الى اهدافه الخاصة، ومتى ما تحقق له ذلك فأنه يتنصل عما تعهد به وامضى عليه من عهود واتفاقيات ومواثيق منه دون ان يعبيء بما يمكن ان يؤدي ذلك التنصل من تبعات واثار سلبية وسيئة على عدد كبير من الناس.اما الشراكة الحقيقية، فهي تلك التي تقوم اساسا على مبدأ الاخذ والعطاء، وتحقيق المكاسب وتحمل المسؤوليات والواجبات، وتقديم التنازلات المتبادلة من اجل المصالح الوطنية العامة، وليس على مبدأ كم تتنازل لي وتعطيني حتى ادخل شريكا معك واضع يدي بيدك... انها شراكة التضحية ونكران الذات وتجاوز الانا ... انها شراكة السراء والضراء.. انها شراكة الاقوياء والاكفاء وليست مشاركة وتقاسم حصص والاستحواذ على مغانم وامتيازات ومكاسب.
https://telegram.me/buratha