احمد عبد الرحمن
يتفق معظم-ان لم يكن جميع-المشاركون في العملية السياسية، والمشاركون في ادارة شؤون الدولة على ان واحدا من ابرز نقاط الضعف ومكامن الخلل في بنية الدولة هو الترهل الكبير في مختلف المفاصل، لاسيما العليا منها.ولاشك ان مصاديق ذلك الامر كثيرة وواضحة، فمقاعد مجلس النواب ارتفعت من مائتين وخمسة وسبعين مقعدا في الدورة البرلمانية السابقة الى ثلاثمائة وخمسة وعشرين مقعدا في الدورة الجديدة، تحت مبررات ودواع واسباب لاتبدو مقنعة بما فيه الكفاية ولايمكنها ان تصمد كثيرا امام ضرورات ومقتضيات الواقع.وعدد الوزارات وعموم التشكيلة الحكومية لم تكن في الدورة السابقة قد تجاوزت الثمانية وثلاثين موقعا، بينما وصلت في التشكيلة الحكومية الجديدة الى اثنين واربعين موقعا، هذا ماعدا الكثير من المواقع الاخرى التي تناظر وتوازي الوزارات في امتيازات مسؤوليها وحجم كوادرها ومقدار نفاقاتها المالية.وللتذكير فأن الكل -بدءا من دولة السيد رئيس مجلس الوزراء المحترم-كانوا يتحدثون عن ضرورة واهمية ووجوب ترشيق الحكومة من خلال تقليص عدد الوزارات، واليوم نرى ونسمع الجميع ينتقد الترهل الحكومي، والاسراف والهدر والتبذير بالمال العام، لكن لم نلمس ترجمة عملية وواقعية وخطوات جادة وملموسة لتلك الانتقادات، بل والاكثر من ذلك مازالت والتزاحم والصراع على المواقع والمناصب والامتيازات بدلا من التنافس والتسابق لخدمة الناس، هو السمة المهيمنة والطاغية على مجمل المشهد العام في البلاد.وقد تكون الخطوة الشجاعة والحكيمة التي اقدم عليها الدكتور عادل عبد المهدي بالاستقالة من منصبة بمثابة القاء حجر كبير في المياه الراكدة، والامر الايجابي هو ان استقالته قوبلت بترحيب كبير وواسع من مختلف القوى والشخصيات السياسية في البلاد، وهذا يعني اقرارا واعترافا اخر بوجود خلل وضعف وخطأ لابد من معالجته وتلافيه، وذلك لايمكن له ان يتحقق الا من خلال خطوات ومبادرات شجاعة وجريئة اخرى تساهم في اصلاح الواقع وتصحيح المسارات الخاطئة والسياقات المغلوطة بالافعال لا بالاقوال فقط.والكم الهائل من المشاكل والازمات التي تعانيها البلاد ويأن تحت وطأتها المواطن العراقي من غير الممكن معالجتها واحتوائها بالمزايدات الكلامية، والمماحكات السياسية، والصراعات المحتدمة حول المناصب والمواقع والامتيازات، فهذا كله يزيد الطين بله ويدفع بالجميع الى المزيد من التيه والتخبط والفوضى والاضطراب.
https://telegram.me/buratha