بقلم .. رضا السيد
الحلقة الثالثة في هذه المحطة الكبيرة من محطات شهيد المحراب ( قدس ) نلقي الضوء على بعض ما مر بالسيد محمد باقر الحكيم ( رضوان الله تعالى عليه ) خلال مسيرته الجهادية منذ خروجه من العراق وحمله لهموم المظلومين والمستضعفين من أبناء بلده العزيز حتى تأسيسه للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي ومنظمة بدر ولقاءاته بالشخصيات العالمية التي نقل لها معاناة شعب العراق وما يمر به تحت وطأة نظام صدام المجرم . فمنذ اللحظات الأولى لخروج سيدنا الشهيد من العراق في تموز عام 1980، توجه على الفور نحو تقييم الوضع في العراق ووضع الخطوط الإستراتيجية الثابتة للعمل، وتشخيص أسلوب العمل الجهادي للمواجهة، وتنظيم المواجهة ضد نظام صدام ، وتعبئة كل الطاقات العراقية الموجودة داخل العراق وخارجه من اجل دفعها لتحمل مسؤولياتها في مواجهة هذا النظام ، فأمضى مدة ثلاثة أشهر في سوريا يعمل فيها بصورة غير علنية ، وكتب في ذلك بحثين مهمين .وبعد التوصل إلى صورة واضحة عن المسائل المطروحة والاتفاق مع أطراف الساحة وشخصياتها توجه سماحته في أوائل تشرين الأول عام 1980 بعد بدأ العدوان الصدامي على إيران بأيام قليلة نحو الجمهورية الإسلامية ضيفاً على الإمام الخميني (قدس سره) ، فخصص له منزلاً مجاوراً لمقره (قدس سره) ، وأولاه عناية كبيرة واهتماماً ملحوظاً ومتميزاً .وما إن علمت الجماهير العراقية المجاهدة الموجودة في إيران بقدومه حتى تحركت نحوه في وفود شعبية وعلمية كبيرة ، ومن حينها أعلن المواجهة الشاملة ضد نظام صدام المجرم ، فكان أول شخصية عراقية علمائية معروفة تعلن في تصديها لمواجهة نظام صدام عن اسمها بصراحة عبر الصحف والإذاعات وصلاة الجمعة في طهران . ثم اجري الحوارات مع كل الأطراف السياسية الإسلامية العراقية لإيجاد مؤسسة سياسية تتولى إدارة التحرك الإسلامي العراقي وتوحيد مواقفه السياسية، وأسفرت تلك الحوارات عن تأسيس (جماعة العلماء المجاهدين في العراق)، غير إن بعض التطورات التي حدثت أدت إلى تجميدها عملياً، فتأسس (مكتب الثورة الإسلامية في العراق).. وبعد مخاضات متعددة أسفر ذلك النشاط المتواصل والجهود الكبيرة عن انبثاق (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) في أواخر عام 1982م - 1402هـ، وانتخب سماحته (قدس سره) ناطقاً رسمياً له وأوكلت له مهمة إدارة الحركة السياسية للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق على الصعيد الميداني والإعلامي. ثم في عام 1986م أصبح سماحته رئيساً للمجلس حتى شهادته ، بعد انتخابه للرئاسة وبصورة متكررة من قبل أعضاء الشورى المركزية .وقبل أن يتشكل المجلس الأعلى سعى سماحته نحو إيجاد قوة عسكرية مدربة تدريباً جيداً تتكفل مقاومة نظام صدام . فوجّه نداءاته للشباب العراقي الذي انخرط في تعبئة سميت بـ(التعبئة الإسلامية) فأولى سماحته عنايته الخاصة لهذا التشكيل الذي كان له دور مهم في عمليات التصدي للعدوان الصدامي على الجمهورية الإسلامية ، وتصعيد الحالة الجهادية لدى العراقيين .وعلى صعيد آخر بدأت تتكون في الساحة العراقية قوى الجهاد في داخل العراق والتي لبت نداءات سماحة السيد الحكيم ، فنفذت عمليات استشهادية ضخمة في بغداد زعزعت استقرار النظام من قبيل تفجير وزارة التخطيط ، ووكالة الإنباء العراقية ، ومقر القوة الجوية ، وغير ذلك من العمليات الضخمة التي كان لها دور سياسي مهم وإعلامي واضح ، وبعد انبثاق المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق اتخذت الحركة ضد نظام صدام طابعاً أكثر وضوحاً على الصعيدين العسكري والسياسي ، فعلى الصعيد العسكري تشكلت في البداية ، أفواج الجهاد ، ثم تطورت لتصبح فيلقاً عرف باسم (فيلق بدر) ، أما في الداخل فقد تشكلت قوات المقاومة الإسلامية والجهاد، حيث نفذت عمليات كبيرة داخل العراق وكان لها صدى أكبر في مناطق الأهوار خلال الحرب العراقية - الإيرانية ، لكنها بعد انتفاضة شعبان عام 1991 تطورت وانتشرت داخل المدن العراقية المهمة وقامت بعمليات كبرى ، منها قصف القصر الجمهوري بصواريخ الكاتيوشا ثلاثة مرات خلال عام 2000 و2001. وشيئاً فشيئاً تحول المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بسعي وجهود رئيسه، ودعم المؤمنين لهذه الأطروحة السياسية الجهادية إلى مؤسسة سياسية مهمة ومعروفة لها وزن كبير على الصعيد الدولي .كان الهاجس الدائم لسماحة السيد الحكيم هو تحقيق السُبل الكفيلة بإنقاذ الشعب العراقي من ظلم نظام صدام.. وكان هذا الهاجس واضحاً كل الوضوح في تفكير وحركة سماحته ، فهو لم يغفل لحظة واحدة في بيان المأساة التي يعانيها هذا الشعب في ظل نظام صدام ، وكان يرفع صوته ويبرق برسائله ومذكراته إلى الأمم المتحدة وأمينها العام ، وملوك ورؤساء البلاد العربية والإسلامية في كل مناسبة ، يطالبهم فيها باتخاذ التدابير اللازمة برفع الظلم عن الشعب العراقي. وعلى هذا الصعيد، فقد قدم أبعد حدود الدعم لتأسيس المركز الوثائقي لحقوق الإنسان في العراق ، وهو مركز يعتني بجمع الوثائق عن انتهاكات نظام صدام لحقوق الإنسان في العراق والاستفادة منها في فضح النظام في أوساط المجتمع الدولي ، كما شجع على التحرك في أروقة الأمم المتحدة ، وتحرك بنفسه حتى التقى بالأمين العام (خافيير بيريز ديكويلار) في عام 1992م. وشجع كذلك على إرسال الشهود والوثائق المرتبطة بالسجناء إلى مؤسسات الأمم المتحدة المعنية ، وكذلك التحرك على منظمات حقوق الإنسان في البلدان الأوربية وبعض البلدان الآسيويةوقد أجبرت تلك الحركة وذلك الضغط الأمم المتحدة على الاستجابة للأصوات المطالبة بإيقاف القمع عن العراقيين وايلاء قضية الشعب العراقي ومعاناته أهمية خاصة ترجمت بشكل علني من خلال البيانات والنداءات التي أصدرتها الأمم المتحدة في مواقع متعددة تتعلق بإدانة انتهاكات النظام لحقوق الإنسان في العراق .
https://telegram.me/buratha