حسن البحراني
مازالت البحرين تعيش اجواء القمع وحالة الطوارئ رغم اعلان الغاءها شكليا واستمرار المحاكم الصورية العسكرية لنشطاء سياسيين واطباء وشعراء ولعموم ابناء الشعب ‘ وفي ظل هذه الاجواء هناك تغييب كامل ومتعمد لرموز اساسية في المعارضة السياسية وقادة جمعيات كان لها دور رئيسي في قيادة الثورة وايصالها لمرحلة متقدمة في الصراع السياسي مع نظام متهالك ومجرم لا يعرف الشفقة ولا الرحمة سحق باقدامه كل القيم الانسانية واستعان بالمحتلين التكفيريين ومرتزقة من دولة شرق الاردن من اجل البطش بشعب البحرين وقتل ابناءه .
وفي ضوء تصاعد الاستياء العالمي من جرائم ال خليفة واهتزاز صورة النظام في المحافل الدولية وتعاطف رأي العام في العالم مع قضية شعب البحرين والتنديد الذي وصل لاقصى حدوده لنظام الحكم الخليفي لم يسبق ان حصل من قبل حيث اغلب المحليين والسياسيين اعتبروا هذا الامر بمثابة انتصار عظيم للشعب البحراني على الصعيد العالمي رغم شدة التعتيم الذي مارسه الاعلام العربي الا ان الشعب استطاع بجهود ونضالات ابناءه ان يوصل صوته الى المحافل الدولية وتحقيق مكاسب حقيقية تجاوزت الشكليات منها لتصل الى الجذور ومطالب ذات سقوف عالية غدت في ظل ربيع الثورات العربية مقبولة !في مثل هذه الاجواء وظروف الانتصار المهيئة للشعب وضعف النظام وسقوط هيبته وشرعيته الشعبية انبثقت "بدعة" المهرجان "وطن الجميع"! ليمهد الطريق نحو ما سماه احد السياسيين والمراقبين "الانتحار الجماعي" خاصة بعد تلك الاهانة التي وجهها حمد لاصحاب المهرجان في تعيين احد رموز البلطجية رئيسا للجنة الحوار وكممثلا للطاغية ‘ فيما اعتبر البعض الاخر من المراقبين ان المهرجان الاستعراضي ليس الا محاولة قد تكون غير مقصودة لتلميع صورة النظام وتجريد الشعب والثورة من المكاسب على الصعيد الدولي والتي تحققت بفضل دماء الشهداء ..
الممهدون للحوار هم اليوم يسيرون باقدامهم للسقوط في الفخ الذي نصبه لهم ال خليفة دون ان يضعوا في اعتبارهم جدلية الصراع القائم وحقيقة ان ال خليفة لا يمكن الثقة بهم وانهم غدارون بامتياز وان القبول بشروط الحاكم الطاغية والتي اعلنها في خطابه عشية رفع ما يسمى بحالة "السلامة الوطنية" وقد تمثلت تلك الشروط في "بلا شروط" سوف يعيد شعب البحرين ونضاله 200 سنة الى الوراء وسوف يتحكم بمصيره عصابات الحكم الجديدة التي تشكلت بمعية الاحتلال وبدأت تبطش بالمواطنين وتمارس التطهير والابارتايد الطائفي بشكله المرعب والكارثي الذي يسعى النظام الى تكريسه عبر كل الوسائل الممكنة ولعل بدعة "الحوار" والاليات التي تم التحشيد لها ستكون الجسر الذي يوصلهم الى مبتغاهم .
الشارع يغلي حمما على ال خليفة وعلى كل من تسول له نفسه المساومة على حقوق الشعب ‘ اصل الحوار غير مرفوض ولكن ليس مع من لا يعرف لغة الحوار ولا معنى للحوار ولا اصلا يؤمن به فيما لو افترضنا ان ال خليفة هم اهلا للحوار !.. فهم يكذبون ويماطلون ويلعبون لعبة القط والفار مع من يريدون محاورتهم دون ان يعطوا تنازلا او تقديم مكسبا للشعب الذي حقق مكاسبه لنفسه من خلال ثورته ودماء ابناءه وصموده في ساحات النضال ضد تلك العصابة التي تصر و تدعوا البعض للحوار الفاشل مقدما .
الاعتقاد السائد ان الممهدين في المهرجان يعلمون ان الحوار مع العصابة الحاكمة نتيجته فاشلة وان لامعنى للحوار في ظل الحراب والاحتلال والقمع وتغييب معظم رموز وقادة الجمعيات والثورة في السجون الا ان الاصرار على تجاهل نبض الشارع ورفضه للجلوس على طاولة واحدة مع القتلة والغدارين يوحي بوجود اجندة لا علاقة لها بمطالب الشعب وحتى الحوار وان المناصب والمآرب الضيقة هي التي تحدد مسارات المتحاورين و"الممهدون" لما سماه االكاتب البحراني الزميل كريم المحروس "المؤتمر الملكي" الذي يهدف اعادة الشعب الى حضيرة الطاعة الخليفية وتحويل ابناءه الى عبيد لدي عصابة مجرمة احترفت القتل والبطش وسلطة البغي في البلاد .
ان الشارع البحراني لا يملكه اليوم 10 آلاف او 20 ألف شخص مع غياب كامل للاغلبية بفعل القمع والمطاردات والاعتقالات وهجمات قرون الوسطى لقوات ال خليفة والمرتزقة ‘ النظام استطاع في فترات سابقة وخاصة في فترة الثمانينات من فرض المعادلة ذاتها بعد ان غيب المعارضة الثورية في السجون وفرض عليهم هجرة قسرية وبذلك استطاع الانفراد بالساحة ومن ثم حصرها في اطار فئة معينة وهذه ا لتجربة يريد اليوم تكرارها كي يستمر في حكم البلاد وتكريس سلطة ال خليفة في مقابل ضرب وتضعيف شعب البحرين الاصيل وتغليب كفة المرتزقة والمجنسين وغيرهم من شذاذ الافاق من اجل ان لا تعود البحرين تاريخية كما كانت بل هي مجرد مزرعة لال خليفة‘ فيما "الممهدون" يتوهمون ان الدخول في الحوار وفي مثل هذه الاجواء سوف يحقق لهم مكاسب يستطيعون الاستمرار في التعاطي مع الشارع بالطريقة التي تعجبهم ناسين ان المخطط اكبر من حجمهم وان بمفردهم وبالمسلكية التي يتبعونها لا يستطيعون الخروج من شرنقة ال خليفة وحيلهم وانما يعطون للعصابة الحاكمة مبررات الاستمرار في سياسة التهميش والاقصاء والابارتايد الطائفي دون ان ينتزعوا منها تنازل يقرر للشعب النظام الذي يختاره والمصير اللائق الذي يمكن التوجه نحوه .
ان يقظة شباب 14 فبراير ومع تظافر الجهود من قبل مختلف الاطياف وبروز تيار وانصار لـثورة 14 فبراير وقراءتهم الواعية للاحداث وللمشهد السياسي ومع توسع شبكة التواصل الاجتماعي وتنوع ادوات الصراع كفيل باجهاض اي مخطط يسعى للنيل من مكاسب الشعب وثورته السلمية العظيمة رغم حالات الاحباط القائمة والتي بقصد او بدون قصد يسببها الممهدون بين فترة واخرى الا ان اصرار الشعب على المضي في درب التحدي ورفض المساومة على حقوقه وعدم اليأس والاستمرار في الثورة سوف يضمن الانتصار ويلحق الهزيمة بالعصابة الحاكمة والمحتلين .
حسن البحراني
كاتب بحريني مقيم في السويد
https://telegram.me/buratha