حسن الهاشمي
لا تزال الثواني والدقائق والساعات هي التي تحدد مصير المرء سلبا أو إيجابا، ولا نزال بأعمالنا نخط مصيرنا بأيدينا إلى الهاوية أو سواء السبيل، فالله تعالى أودع وألهم النفس البشرية الفجور والتقوى، هنيئا لمن ينتخب طريق التقى والإصلاح ويبتعد عن سبل الرذيلة والإفساد، فإن الانتخاب بيد الإنسان، وعليه أن يلتجأ إلى الله تعالى وأنبياءه ورسله وأوصياءه والصالحين من عباده لعله يكون في خانة السعداء ولكن بورعه وتقواه وأعماله الصالحة، ويكون تبعا لذلك بمنأى عن سبل الأشقياء بكبح جماح نفسه الأمارة وشياطين الإنس والجن وتحكيم عقله وتغليب إرادته عما سواها من الأهواء والضلالات والترهات التي لا تجلب على المرء إلا الندامة والخسران.وفي هذا الصدد نقل لي احد المؤمنين إن شخصاً رفع عنه الحجاب فرأى في إحدى المقابر أربع عقارب كل واحدة بحجم (السيارة الكية)! وهذا ليس ببعيد لان الإمام زين العابدين عليه السلام يتعوذ من عقارب جهنم في الصحيفة السجادية بقوله: ( وأعوذ بك من عقاربها الفاغرة أفواهها )، إذا كانت عقارب فاتحة أفواهها تريد أن تلتهم أفراد سكان جهنم فكم يكون حجمها حينئذ!آيات وروايات الوعد والوعيد والخزي والخلود بالنار ليس من باب التخويف فقط وإنما جاءت من أجل التحذير من المصير المحتوم لخارقي ناموس الطبيعة بذنوبهم وموبقاتهم وجرائمهم وظلمهم، وما ينتظرهم من عاقبة كأداء سوداء لا مفر منها وما هم إلا واردوها، والتحذير قبل العقوبة ينبأ باللطف الإلهي بالعباد لئلا ينزلقوا في تلك الوهاد السحيقة والمرديات الرهيبة، مثل السيد الذي يذكر العبد بأنك لو خالفت أوامري فإنك تستحق العذاب، خلافا لمن ينزل العقاب دون سابق إنذار فإن هذا الأمر قد يلفه نوع من الظلم والتهتك لمرتكب الخطيئة.ونحن بحاجة دوما إلى واعظ يحفزنا للعمل الصالح ويحذرنا عن العمل الطالح لاسيما مع وجود وسائل الانحراف من فضائيات عارية وانترنت اسود بمواقعه الإباحية وأزيائه النسائية المعروضة أمام العامة، يكاد الكثير من الشباب والشابات أن يسقطوا في شراك الشيطان وما يترتب عليها من مفاسد أخلاقية واجتماعية خطيرة، احذروا رجفة الأرض بكم، واحذروا غضب الجبار! مما تقترف أيديكم وجوارحكم وجوانحكم من ذنوب وخطايا وموبقات أقل ما يقال عنها إنها من المرديات والمهلكات في الدنيا قبل الآخرة.الشهيق والزفير يسيران بنا إلى الموت! الشهيق يصعد والزفير ينزل .. والدقائق تقطع بأعمارنا والليالي تذهب بأوقاتنا وما وزال الكثير منا في لعب ولهو وغفلة من معادنا ومصيرنا، وخفي عنا أنه لو ذهبنا إلى الصحراء فلا مفر من آجالنا! وإن دخلنا قصوراً مشيدة مغلقة علينا أتانا عزرائيل (عليه السلام) أو احد أعوانه فنذهب محمولين على أكف الآخرين إلى قبورنا، فلا نأخذ من المال إلا الكفن، ونذهب إلى القبر الأظلم، فلا زوجة تبقى معنا، ولا ولد يساعدنا، بل بأقوالنا وأفعالنا نسافر إلى المآل والمصير المحتوم، إما جنان أو نيران ومفاتيحهما بأيدينا! ونهاية الامتحان الموت! فلنحذر منه ونتزود لما هو آت فإن خير الزاد التقوى، وها هي أشهر الرحمة الإلهية رجب الأصب وشعبان الخير ورمضان البركة قد أقبلت علينا وهي تهتف بنا للتزود بأعمال البر والإحسان لكي نكون ممن تنالهم الرحمة والرضوان، وهي فرصة ثمينة قد لا تعود إلينا، فلنستغلها قبل فوات الأوان.
https://telegram.me/buratha