حافظ آل بشارة
بدأ سنة العراق ينادون بالفدرالية مع ان قادتهم كانوا ينتقدونها ، لكنها وقفة وعي صحيحة ، ترتيبات العملية السياسية منذ البداية جرت على اساس تسميات طائفية و عرقية مزدوجة لذا قيل ان هناك شيعة وسنة وكرد ووصفت هذه الفئات بالمكونات الاجتماعية للعراق ثم بدأت المكونات الاجتماعية تفرخ مكونات سياسية بفعل التمثيل الديمقراطي فهذا حزب سني وذاك حزب شيعي وهذه جبهة كردستانية ، وكل حزب بما لديهم فرحون . على كل حال بدأ السنة في العراق وجريا على هذه التصنيف يفكرون بمشروعهم الفدرالي ، يريدون فدرلة انفسهم بعد ان كانوا يرفضون فدرالية غيرهم ! يقولون انهم شاهدوا بأعينهم كيف يأتي رئيس الاقليم الكردستاني واثق الخطوة يمشي ملكا ليحمل اموال حصته الـ 17% كاملة غير منقوصة من موازنة المركز مرفوع الرأس منطلقا الى اقليمه وسط التوديع والصلوات ، يقابل هذا المشهد الامبراطوري مشهد مسؤولي المحافظات المرتبطة بالمركز وهم يجلسون كالشحاذين على ابواب رئاسة الوزراء وبأيديهم النشاف الورقي وهم يمسحون وجوههم المرهقة وعاملة النظافة الوزارية الحسناء تأمرهم برفع ارجلهم لتمسح الكاشي من تحتها خلال ساعات الانتظار ، بعدها يدخلون في جدالات طويلة مع الحكومة ويلقون الهوان من التقتير وحرق الاعصاب ليحصلوا على تخصيصات محافظاتهم التي لا تغني من جوع ، موازنة محافظة نينوى 250 مليون دولار لانها محافظة مرتبطة بالمركز ، وموازنة محافظة السليمانية 5ر2 مليار دولار لانها محافظة مرتبطة بأقليم ! لذا اصبحت الفدرالية تعني مزيدا من التخصيصات المالية ، مزيدا من حرية القرار والتفكير ، مزيدا من الخصوصية ، هناك توقعات بأن مشروع الفدرالية السنية سينجح ويزدهر لاسباب كثيرة اولها سهولة الاتفاق بين مكوناتهم السياسية حول المشروع والثاني انهم سيتلقون تشجيعا ودعما عربيا واسعا لا سباب تتعلق بالتعاطف الطائفي التقليديي ولانعكاس حقائق الصراع الاقليمي بقوة على المشروع لذا فسوف تحرص العواصم العربية على جعل الاقليم الجديد نموذجا ناجحا ، اضافة الى ان لابناء هذه الطائفة تجربة سابقة في القيادة والادارة وهم الفئة الحاكمة في العراق منذ سقوط الكوفة سنة 40 هـ حتى سقوط نظام البعث وسيديرون اقليمهم بكفاءة عالية ، اضافة الى الوعي الجديد المنتشر في اوساطهم وملخصه ان الاقليم يحصل عادة على امتيازات الاقليم وامتيازات المركز ، هذه القناعات تترسخ يوما بعد آخر في هذه الاوساط مستندة الى قراءة واقعية لمدارس الحكم ، واذا اصبح لدى العراق اقليمان فستبقى الرقعة الشيعية الكبيرة على شكل محافظات منفردة لأن احزابهم غير متفقة ، منهم من يرى انهم اغلبية ويجب ان يحكموا البلد كله وليس تقطيعه ! ومنهم من يرفض الفدرالية مادام على رأس السلطة لكي يحتفظ بامتيازات المركز القوي ، لذا تفقد هذه المنطقة امتيازاتها من نفط وزراعة وسياحة بسبب ادارة مركزية عاجزة وتظل منطقة خرائب متهالكة مع اختلاف العصرين بين خرائب محكومة و خرائب حاكمة .
https://telegram.me/buratha