علي حسين
ليست الثورات والأحداث التي تمر هذه الأيام على بعض الدول العربية تحسب فقط نتيجة شرارات التغيير المنطلقة من الوعي الشعبي العربي للتخلص من الحكومات الديكتاتورية، لتتنفس الحرية وتمارس الديمقراطية وتطفيء نار الخوف في القلوب بماء الحياة لتستمد القوة والعزيمة والأرادة الحرة من التاريخ الزاخر بصفحات المجد والعلا، أو تدخل القدر للتعبير عن قوته وإرادته القسرية التي لابد منها في فرض ما يريد ويقلب الطاولة على من يشاء، أو تنبؤات قراءات المنجمين وحجارات تختة الرمل، أو معطيات وأسباب حتمية سلسلة التغيير الدوري في زمكانية محددة ومعينة لتكون التحولات والتغييرات السياسية والأجتماعية والثقافية والفكرية فيها واقع حال لا محال، أو نسجلها كالعادة على حسابات المؤامرة والترتيب الجديدة للقوى الدولية المهيمنة لتبديل حكام أصبحوا ماركة قديمة ونفذت صلاحياتهم، إنما تحسب أيضاً لتدخل العدالة الألهية وحتمية إنزال القصاص بهذه الحكومات المشؤومة التي هيجت موجات التناحر والفوضى لإرباك العملية السياسية في العراق والتي إنعكست آثارها على الوحدة الوطنية والروابط الإجتماعية، وتلطخت أياديها بدماء العراقيين من خلال دعم وتمويل وتجنيد الأرهاب الأسود التكفيري الذي أستطاع أن يلثم اللحمة الوطنية بحرب أهلية والذي أنسل من بين ضلوع الحقد الطائفي البغيض والغل المدفون في القلوب التي ران عليها الأثم والعدوان، والهمجية المتعشعشة في العقول المتحجرة التي لا تعي وتدرك الواقع والحقيقة بموضوعية ولا تفكر إلا في الظلام كالخفافيش لتحيك المؤامرات والدسائس وتطبخ بسم الأفاعي مشاريع الخراب والدمار وهذه هي سماتهم وديدنهم لدس سم العقارب في العسل، والتي لا تعرف سوى لغة التهجم والتسقيط وقفل باب الحوار والنقاش وإلغاء الأخر، وأستنهضوا بكل ما أوتوا من قوة للتآمر السياسي على النيل من رفعة العراق وسمعته وسموه على المستوى العربي والدولي والتقليل من شأنه التاريخي والحضاري، والإصطفاف مع طرف ضد أطراف وفق رؤية قومية قاتمة بالإشتراك مع بقايا قوى البعث الظلامي التي أدخلت العرب في دوامات النكبات والإنكسارات والإنزلاق الى الهاوية الراكدة والغرق في مستنقعات الأختلافات والخلافات لتتلبد السماء بغيوم سوداء رعدية ومناخات جافة لزرع الفرقة وتوطيد التصدع في العلاقات العربية والمضي في مشروع الصراعات المستديمة والتي شعارها أتفقوا على أن لا يتفقوا وهذا ظاهر وملموس بشكل واضح لا لبس فيه أو إختلاف، وكذلك عمد هؤلاء الحكام الى التشكيك بالهوية العربية للعراق وفي بنية العملية السياسية وعملهم الدؤوب على عرقلتها ودفعها الى نفق مظلم وطريق مسدود من خلال جهات سياسية معروفة مشاركة في هذه العملية السياسية بقدمٍ وخارج العملية بقدمٍ ويَدَين، وفق منهج توازن القوى والسياسة الإقليمية للصراعات وأمتدادات النفوذ والهيمنة وبحجة التخوف من الهلال الشيعي وتدويل القضية دولياً فقي سبيل إرجاع العجلة الى الوراء وعودة الماضي المرير بكل حيثياته وإضافة أستحقاقات كبيرة وغالية جديدة للتضحية من أجل الحرية والكرامة، ولقد تم تحشيد الإعلام المظلل وتجنيده للتأثير في الرأي الشعبي العربي من خلال طرح الطائفية والقومية كأساس لصراع العراق مع الدول العربية وخلط أوراق الحقائق وتزيف حقيقة حجم المكونات العراقية والمذهبية وقلب المعادلة ليصبح الظالم مظلوماً والمظلوم البائس المقهور الذي عانى دهوراً وقروناً من قسوة العبودية ونار الهمجية ظالماً، وهذه معادلة بائسة سمجة وقسمة ظيزى، تلك هي أشياء يسيرة من حقدهم وغلهم وما كان في صدورهم أعظم وأكبر لا يعلم بها إلا الله، كان ظلمكم وجوركم أشد وطأة على نفوسنا من تقبل دخول أمريكا وحلفائهاوطننا، ومن لم يأتي دوره الآن لا يستكين ويطمأن وينام رغدا، فلعنة العراق سوف تطارده وتحرقه في الدنيا قبل يوم اللقاء، وترافق أعاصير التغيير لتمر بكم لتهوي عروشكم وتَقلع جذوركم وتَحطم جبروتكم وطغيانكم وتَنكس غطرستكم الهوجاء وتنهار قوتكم العتيدة، وسوف لاتجدون حفرة في الأرض رغم سعتها ولا زاوية في الحضن الدافئ الحنون للقوى العظمية التي تلوذون بحمايتها الآن، فسارعوا للأعتذار من الشعب العراقي وكفروا عن خطايكم قبل فوات الآوان فإن الله يمهل ولا يهمل.
https://telegram.me/buratha