حافظ آل بشارة
هدأت اجواء التوتر بين ائتلافي العراقية ودولة القانون نسبيا ، في الشارع لا يوجد تعاطف شعبي مع اي من الطرفين المتنازعين واخبار فوز برشلونة هي الاهم دائما ، لكن الناس خائفون من موجات عنف انتقامية متوقعة بعد هذه النزاعات ، يقال ان هناك مبادرة للمصالحة بين الطرفين تقوم بها جهة وطنية محترمة ، ما هي الاسس التي سوف تعتمدها المصالحة ان وجدت ؟ وهل اكتشف اصحاب المبادرة حلولا معجرة لا يعرفها أحد ؟ المصالحة المفترضة لا تنجح ما لم تستند الى شروط مثل : ان يكون الساعي بالمصالحة موضع ثقة من الطرفين وقادرا على فرض خياراته باستخدام تأثيره الذاتي المعنوي عليهما الى المدى الذي يجعلهما مستعدين لابداء التسامح في مواقفهما ارضاء لصاحب المبادرة . وان لا يكون في هذه المصالحة تجاوز على القانون والدستور وصلاحيات القضاء وبقية السلطات ، يجب على المبادرة ان لا تحرم حلالا ولا تحل حراما ولا تبرئ مجرما ولاتجرم بريئا ، وان يجري الاخذ والرد فيها ضمن المساحة المسموح بها للاطراف الثلاثة بدون موانع قانونية ، ولتصفية القلوب من الضغائن الافضل ان تجري الجهة الساعية احصائية بالتهم والشتائم والتصريحات والروايات المتضاربة المتبادلة والاشتباكات اليدوية بين المسؤولين وتفكيكها ثم تبويبها الى اصناف ثم اجراء عملية تسقيط مقابل لفعل مقابل فعل الا ما يترتب عليه اثر قضائي فيترك للقضاء ، حتى يتم تصفير الاعمال والاقوال بالتقابل ، ثم وضع ضمانات لعدم تكرار هذه المواجهة الخطيرة ، وافضل ضمان هو حل المشكلة التي اثارت هذا الخلاف جوهريا ، والمشكلة هي المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية ، الذي ينظر اليه المستفيدون على انه مشروع يرتبط تنفيذه بالتزام اخلاقي ، فيما تنظر اليه الجهة المقابلة على انه تعهد قد تم في ظروف معينة فان تغيرت الظروف يمكن التنصل منه ولا مجال لتتحدث عن قيم اخلاقية في السياسة ، وعلى الجهة الخاسرة ان تتفهم الموضوع بلا تشنج ، يجب على من يقوم بالمصالحة تذكير الطرفين بضرورة الوفاء بالتعهدات ، فان لم يحترم الطرف الناكث تعهداته الاخلاقية يمكن ان يعاقب اخلاقيا وليس ارهابيا ، فاذا كانت تلك التعهدات ذات بعد قانوني يمكن للجهة المتضررة ان تلجا الى القضاء مع الابتعاد عن اي ضغوط من نوع آخر ، وفي الدول الديمقراطية يلجأ الطرف المتضرر الى القضاء او يعلن انسحابه من الحكومة والتحول الى المعارضة بانتظار دورة انتخابية جديدة ، المشكلة الاكبر لدينا هي الحساسية المفرطة بين الشركاء السياسيين ، حتى ان الشكوك تمتد الى وسيط المصالحة نفسه فيعتقد احد الطرفين او كلاهما بأنه لا يتوسط بينهما في سبيل الله بل يبحث لنفسه عن دعاية سياسية ويريد بهذه الوساطة رفع رصيده وتلميع صورته ليكون في النهاية الرابح الاكبر !! مهما يكن من أمر فان تقليد اعتماد المصالحة والتراضي لحل الخلافات بين الاطراف سنة حسنة ، وهي الحل السحري في بلد اضعف مافيه سلطة القانون .
https://telegram.me/buratha