علي حسن الشيخ حبيب
كان قَدَرنا ان نرث مشاكل البعث وفواتير حسابات حروبة ومغامراته العبثية الباهضة الثمن، وعلى الرغم من عمق الجراح وجسامة التضحيات، وعمليات الابادة التي تعرضنا لها على مدار ثلاث عقود من الزمن، استبشرنا خيرا في التغير وسقوط اصنام البعث، وعلت صيحات العقلاء الى تغليب صوت العقل وتناسي الماضي المرير، والقفز على المأساة، والعض على الجراح، وتوحيد الصفوف ..
وذهب الشرفاء في سباق مع الزمن لايجاد الشريك السياسي النزيه الذي لم تتلطخ يداه بدماء العراقيين ليكون شريكا في حملة اعادة اعمار وبناء البلد، وخلق توازن طائفي يتلائم مع تركيبة المجتمع العراقي ، وتعويض الشعب ما حل به من الحصار الجائر، والطائفية المقيتة للبعث ورجالاتة...
واليوم وبعد ثمان سنوات من سقوط اصنام البعث، اصبحت وزارة المصالحة الوطنية التي كانت مهمتها الاساسية ان تبحث عن (الشرفاء من البعثيين) في عمان ودمشق وابوظبي والدوحة والقاهرة وسائر البلدان التي يتواجد فيها البعث ، لكي تفتح لهم حسابات مصرفية وتغدق عليهم امتيازات مادية كبيرة شريطة سكوتهم وتايدهم للعملية السياسية، او كسب رضاهم او شراء سكوتهم والكف عن قتل الابرياء ..
واستبدل اجتثاث البعث بقانون المساءلة والعدالة الذي اصبح مطاطيا حسب الظروف السياسية ومتطلبات الحاجة، او لتمير صفقة سياسية معدة سلفا وفق اتفاقات سياسية مسبقة ، وحقق البعث مكاسب كبيرة لم يحلم بتحقيقها ، وصعد سقف مطالبة، وانيطت لرجالاته المناصب الامنية والوزارات السيادية ورئاسة البرلمان ....
في الوقت الذي يصرح هؤلاء البعثيون جهارا نهارا امام الجميع انهم جزء لايتجزء من البعث ولم يتبرؤا منه، رغم صراحة الدستورالعراقي بحضر البعث وتجريم الذي ينتمي اليه، تلون البعثيون بالوان مختلفة واذاقوا اهلنا مرارة العيش بقتلهم الابرياء. وجعلوا من تلك الدماء رسائل سياسية مفعمة برائحة الدم...
وبعد رضوخ الجميع من السياسين والحكومة والاحزاب التي تدير دفة البلاد للمطالب والضغوط التي مارسها الامريكان ودول الجوار واصحاب المصالح الشخصية، ارجع معظم البعثيون الى ما كانوا فية من مناصب امنية حساسة، وانيط الى بعضهم مناصب في الدولة لكي تتشكل حكومة المالكي وترى النور بعد مرور اكثر من سنة على الانتخابات...
وفرضت معادلة سياسية جديدة بوجود شريك سياسي همه الاول هو تخريب العملية السياسية ،وخلط الاوراق، وتحين الفرص للانقضاض على المنجزات السياسية والاقتصادية والاستقرار الامني.
وكانت ولا زالت اساليبهم الرخيصة في التشويش المبرمج والمٌعَدة في دهاليز المخابرات الاقليمية والدولية ضد العملية السياسية برمتها ، بعد ان نجح هؤلاء في صنع صدام المقبور وتسليطه على رقاب العراقيين لاكثر من ثلاث عقود من الزمن.
والان تفرض هذه الدوائر مرة ثانية على الساسة العراقيين بُدلاء جدد للبعث المعدل في مطابخ الرياض وعمان والدوحة وابو ظبي والمنامة ودمشق. وعلى الجميع القبول به وعدم الاعتراض عليه، لانه هو المنقذ والعروبي والقومي والوحدوي وووو من تلك الترهات والشعارات الفارغة التي وضعت للاستهلاك والمزايدات الفارغة.
وعلى الحكومة والساسة وجميع الاحزاب والتيارات العراقية، ان تعي خطورة المرحلة وان تضع البلد ومستقبل اجياله نصب اعينها، لانه مرهون بصلابة موقفكم وقوة مبادئكم وعمق ايمانكم بعدالة قضيتكم ، والتسابق في خدمة شعبكم وقطع الطريق على العابثين بأمنة .
وان يغلب الجميع المصلحة العليا على المصالح الحزبية والفؤية الضيقة ،وان يبتعد الجميع عن تصفية الحسابات السياسية،لان البعث لم يميز بيننا - هذا في حزب الدعوة، وهذا في المجلس الاعلى وهذا في التيار الصدري - بل تعامل معنا على اننا شيعة كطائفة، وشروكية ومعدان كجغرافية، فشككوا في عروبتنا وديننا وتاريخنا وسلبوا حقنا في حكم انفسنا بأنفسنا والتمتع بثروات مناطقنا ، ونكروا حقنا في الحياة الكريمة ورفعوا شعارا اما نحكمكم اونقتلكم !!
علي حسن الشيخ حبيب
مركز الرافدين للدراسات والبحوث الاستراتيجية
http://www.alrafedein.com/index.php
https://telegram.me/buratha