حافظ آل بشارة
نحن قبائل العرب تعلمنا من المحتلين القدامى تقاليد مفيدة ، عندهم في بلادهم مخلوق بشري يكتب ويخطب وتثنى له الوسادة لينتقد ويصحح يسمونه (الصحفي او الاعلامي) نحن كأمة عربية تابعة ليس عندنا صحفيون بل عندنا شعراء بلاط وعصاعيص يحيطون بالخليفة او الوالي او رئيس القبيلة يتناوبون على مدحه وهو بسبب امراضه النفسية يشعر بالراحة ، بعد ان انتقلت السلطة في امة العرب من الخليفة السكير الى الرئيس العميل الذي تعينه احدى دول الغرب المنتصرة في الحرب الكونية تحول شعراء البلاط الى صحافة البلاط فاصبحت دول العرب تطبع وتوزع الصحف ، لكن صحفنا مضحكة بعض الشيء لانها عبارة عن قصيدة مدح مطولة للحاكم وحواشيه على شكل اخبار وتقارير وتحقيقات واعمدة لا اكثر ولا اقل ، وعندما حاول بعض الصحفيين تقليد صحافة الغرب في توجيه النقد الى السلطة كان صاحب المحاولة يساق الى المحاكم كتجار المخدرات. قبل 142 سنة في العصر العثماني صدرت اول جريدة عراقية هي جريدة (الزوراء) ، لا داعي لاطلاق كلمة عيد على ذكرى صدور تلك الصحيفة وهي من صحف البلاط العثماني ، العثمانيون هم آخر الطواغيت الذين مكثوا خمس قرون يدعون خلافتهم للنبي (ص) جريا على طريقة بني امية وبني العباس الذين ستدخل اغلبية الثلثين منهم ابواب جهنم ، كانت اروقة الحكومات العراقية العميلة بعد الدولة العثمانية تمتلئ بمرتزقة القلم ، واسهمت تلك الصحافة في خدمة النهج الطائفي منذ ثورة العشرين الى 2003 وكان عرش صدام قد حمل على اكتاف الصحفيين ، العراق اليوم يمارس الديمقراطية والانتخابات والفصل بين السلطات ومحاولة تكوين اعلام حر ، لكن في ذكرى الصحافة تقوم مؤسساتنا ونقابتنا بتكريم وتتويج رموز الاعلام الذي خدم الطواغيت وشاركهم الجرائم ، اعلام البلاط وجمهرة العصاعيص وتعتبرهم ابطالا ! أما الاعلاميون الذين اسسوا اعلام المقاومة العراقية وشاركوا في عطاء الدم والاستشهاد ضد نظام صدام فلا أحد يذكرهم ، الصحفيون الذين اختلط حبرهم بدماء الشهداء الذين اسسوا صحف : بدر ، الشهادة ، لواء الصدر ، المبلغ الرسالي ، الجهاد ، نداء الرافدين ، وغيرها من الصحف التي كانت تصدر في المهجر وتوزع في الداخل ، اين اختفت واين اختفى مديروها ومحرروها ومراسلوها ولماذا لا يتم البحث عنهم وتكريمهم ، من الذي يجب ان يكرم في العراق الجديد الصحفي الذي قاتل نظام صدام قبل التغيير ويقاتل عوامل الانحراف والفساد الآن أم الذي قاتل مع صدام ويبحث اليوم عن طاغية جديد ليكون عصعوصا في بلاطه ؟ لماذا يفتخر الصحفي الذي كان يعمل في جريدة الثورة الصدامية بماضيه ؟ والصحفي الذي كان يعمل في جريدة بدر المعارضة يخاف ان يذكر ماضيه ويتلفت بكل اتجاه خائفا مترقبا ؟ هل هذه من عجائب الصحافة ام عجائب السياسة ؟ انه عيد لصحافة البلاط المخضرمة ومأتم لصحافة الكفاح والتغيير .
https://telegram.me/buratha