علي محمد البهادلي
النفوذ والتنفذ من أهم الأسباب التي تحول دون تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص، مما يولد احتكار السلطة والمناصب بيد فئة أو عدة فئات من المجتمع كأن تكون هذه الفئة حزباً أو قومية أو حتى عشيرة، وبذلك يكون مبدأ الكفاية والاختصاص في مهب رياح الحزبية والعشائرية والقومية، أما الميدان السياسي وعملية التنمية فهما سيراوحان مكانهما إن لم يتقهقرا أميالاً إلى الوراء!
وهذا لا ينطبق على الدول التي تسودها أنظمة دكتاتورية قمعية فقط، بل يتجاوزها إلى الأنظمة الديمقراطية الفتية أو التي قطعت شوطاً في هذا الجانب، لكنها لهذه اللحظة لم تستطع استبدال نخبها أو تغيير وجوه الخارطة السياسية أو أحزابها، ومن أوضح الأمثلة على ذلك الأنظمة التي تعاقبت على حكم لبنان والنظام الحالي في العراق.
ولننظر إلى التجربة العراقية، فالكتل السياسية هي هي لم تتبدل ونخدع على أنفسنا ونقفز على الواقع إن قلنا إن نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت العام الماضي قد أفرزت واقعاً سياسياً يختلف كثيراً عن الدورة الانتخابية الماضية، فالقائمة الشيعية والقائمة السنية والقائمة الكردية هذه القوائم على الرغم من كثرة الترقيعات والطلاء التي طليت به إلا أنها لم تتغير تغيراً ملحوظاً، وهذا أفرز من جديد حكومة خاوية غير قادرة على تقديم الخدمات ينعدم فيها مبدأ المهنية والاختصاص والمقدم فيها هو الولاء السياسي، والتصريح الصحفي الذي تحدث فيه رئيس الحكومة المالكي شاهد " من أهلها" ومرة أخرى ستبدأ من جديد عملية غياب الشفافية وحماية الفساد ونهب المال العام وهدره، لا سيما أن المناصب كلها ستخضع لمبدأ (انطيني وأنطيك)بما فيها مكاتب المفتشين العموميين!! أما إذا أصبحت الهيئات المستقلة مرتبطة برئاسة الوزراء لا سيما النزاهة والرقابة المالية فعلى مال العراق وثروته السلام!!
لا أمل لدينا في تغيير هذا الواقع وإذا استمر على هذه الوتيرة، فالفساد وانعدام الخدمات سيكونان على أوجهما، والمتضرر هو الشعب العراقي، أما الحل الذي لا نتفاءل أنه سيكون كلمح البصر، لكن الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح هي أهم ما يمكن تحقيقه الآن، وهذه الخطوة تبدأ من الطبقة المثقفة والناس المتضررين من الوضع الحالي، فالطبقة المثقفة الواعية يجب أن تخلع ثوب المثالية والأبراج العاجية وتنزل إلى الشارع إلى الطبقة المحرومة المهتضم حقها؛ لتعلن معها الشراكة الحقيقية في سبيل تخليص العراق من جراثيم الاستئثار والاستبداد والفساد، وأعتقد أن هذه الطبقة إذا استطاعت أن تكسب ود الجماهير ورضاهم فإنها في المستقبل قادرة على تكوين رأي عام مضاد لما يجري من تردٍ سياسي وفساد إداري وتدهور خدمي، لا سيما إذا لم تكن هذه الطبقة، أي الطبقة المثقفة، خاضعة في تحركها لأجندة سياسية وأيدلوجية معينة وهو ما أفشل التظاهرات التي خرجت في الأشهر المنصرمة، واستطاعت الأحزاب الحاكمة تحجيمها وتشويه سمعتها أمام الجماهير للسبب المذكور آنفاً،إذاً الوعي الذي ستخلقه الطبقة المثقفة لدى الجماهير وتفاعل الجماهير من جهة أخرى هو المفتاح الرئيس لتغيير الواقع المجدب بآخر معشوشب ممرع.
https://telegram.me/buratha