عماد الاخرس
شهدت ساحة التحرير صباح يوم الجمعة المصادف 1762011 تنظيم تظاهرتان .. الأولى .. تأييد لقرار حكم إعدام مجرمي عرس الدجيل والثانية تطالب بالإصلاح وتحسين الخدمات والحرب على الفساد .وبينما كنت أُتابع عن قرب سير الأحداث فيهما رصدت ظواهر جديدة لم أشهدها في التظاهرات السابقة منذ انطلاقها في شباط من هذا العام .
الظاهرة الأولى .. ( فرق أعراس موسيقيه تحت نصب الحرية ) .واعتقد إنها المرة الأولى الذي يشهد هذا النصب حضور فرق بآلات موسيقيه متخصصة لإطلاق أعلى الأصوات .والمتعارف عليه منذ تشييده بأنه مكان خاص للنشاطات والفعاليات السياسية ومنها التظاهر .. الاحتجاج .. الاحتفال بالمناسبات الوطنية .والغريب في الأمر هو عدم وجود أي حفل زفاف في الساحة ولكن العازفين يستخدمون آلاتهم بقوه وانفعال غير مشهود له حتى في الأعراس الجماعية التي تحضرها عشرات الفرق !
الظاهرة الثانية .. ( تزايد أعداد السقاة بائعي شربت الزبيب ) .والمعتاد أن يتواجد واحد أو على الأكثر اثنين في هذه الساحة يتجولون بين المتظاهرين . لكن الغريب هذه المرة تواجد ما لا يقل عن ثمان أفراد أو أكثر من السقاة الشباب ببدلات صفراء جديدة وهم يتجولون بشكل منفرد أو مجتمعين يتمازحون فيما بينهم !لقد كان هؤلاء يتعمدون الضرب بقوه وبنغمات مختلفة في أقداح النحاس المخصصة لشرب الزبيب و التي يحملونها بأيديهم لإصدار أصوات عاليه تزعج المتواجدين في الساحة .
الظاهرة الثالثة .. ( التجول الانفعالي لأحد الأفراد المأجورين بين المتظاهرين ويدعى انتسابه إلى منظمة أين حقي ) .والغريب في الأمر بان هذا الشخص يتجول بنشاط بين المتظاهرين ويتحدث لهم والى الفضائيات بضرورة الكف عن التظاهر .. ولا يكتفى بهذا فقط بل يوزع اسمه ورقم تلفونه بينهم ويطالبهم بالاتصال به أو الذهاب إلى منظمة أين حقي وعرض مشاكلهم الشخصية وستقوم بدورها في إيصالها إلى مجلس الوزراء أو البرلمان أو أي فرد من الحكومة لإيجاد الحلول الفورية لها !يتضح من تصرفاته بأنه ضيق الأفق والتفكير ويفهم بان أزمة الغضب الجماهيري التي تعيشها ساحة التحرير منذ ما يقارب الخمسة شهور محصورة في المشاكل الشخصية !وبقصد المزاح اقتربت منه وسألته .. عفوا .. هل بإمكانك أن تطلب من الحكومة البدء بترشيق الوزارات من 43 إلى 16 وزاره كما موجود في الصين الأكثر بلد في العالم نفوساً ؟ .. نظر لي بحقد وتركني دون أن يجيب على سؤالي لأنه الظاهر كان يبحث عن الجهلة والأميين من المتظاهرين فقط.
الظاهرة الرابعة .. ( اصطفاف العشرات من المدنيين بشكل منظم على جدران المحلات التي تحيط بساحة التحرير ) .لقد كانت غاية تواجدهم مفضوحة في مراقبة ما يجرى في الساحة وهم يجلسون على الأرض يتوسطهم ضباط يرتدون الزى العسكري .وبصراحة كانت هويتهم الأمنية لا تخفى على احد وكأنها كتبت على جبينهم .ورغم تشخيصي السريع لهم ومن باب المزاح أيضاً اقتربت من احد الإعلاميين وكان يقف على مقربه منهم وسألته .. ما هذا التجمع الشبابي المنظم والغير طبيعي ؟ .. فأجابني .. اسكت إنهم من الاستخبارات!ودندنت مع نفسي .. أسهل شيء في بلدي هو تشخيص رجال الأمن !وفى العودة إلى أحداث الجمعة السابقة بتاريخ 1062011 والاستعراض البطولي لقوى الإسناد وأتباع الحكومة في نفس الساحة واعتداءهم بالضرب على المتظاهرين نجد بان الظواهر الأربعة أعلاه تلتقي معها في الغاية وهى التضييق والتشويش ومحاولة الحد من التظاهرات ولكن باختلاف الأسلوب والأداء . أخيرا أقولها .. حقا أمر غريب يثير الدهشة أن تستمر القوى المتسلطة في الحكومة إلى ابتكار أساليب رخيصة جداً لقمع التظاهرات بسببها تغيرت مطالب المتظاهرين من الإصلاح إلى إسقاط الحكومة وإعادة الانتخابات!
https://telegram.me/buratha