علي محمد البهادلي
الإعلام مهنة قول الحقيقة وجلائها وهي مهنة مهمة وخطيرة، إذ عن طريقها يستطيع المواطن أن يحدد مواقفه تجاه الأحداث السياسية والاجتماعية التي تجري على أرض الواقع سلباً أو إيجاباً، لأنه لا يستطيع نتيجة انشغاله بهموم الحياة المعيشية أن يتابع الواقع ويلاحق الأحداث بنفسه، فكانت هذه مهمة الإعلامي، فالحقيقة إذاً مهمة مقدسة وأي تلاعب أو تشويه في نقلها يؤدي إلى نتائج سلبية جمة، منها حدوث البلابل وعدم الاستقرار وحتى في الميدان الاقتصادي قد تكون الشائعة من هنا أو هناك تستطيع أن تربك الأسواق المحلية أو حتى العالمية وتتسبب في ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، وقد تفلس بعض المؤسسات نتيجة خبر كاذب أو دعاية مغرضة، وهو أسوأ ما يقوم به الإعلام من دور.
ينبغي للإعلام أن يكون محايداً قدر المستطاع ولا يتأثر بالتوجه السياسي أو مصدر التمويل، والإعلامي الناجح الشريف الذي يحافظ على نزاهة مهنته وشرفها هو من لا يساوم ولا يجامل على حساب نقل الحقيقة، وعلى مهنية الصحافة، وينبغي له أن يبحث عن قناة إعلامية أخرى إذا ما حاولت القناة الإعلامية الفلانية أن تفرض عليه عملاً لا ينسجم وطبيعة مهنية الصحافة، لا أن يتنقل من هذه القناة إلى تلك على وفق ما يدفع له من أموال وعلى وفق ما يبيع من مبادئ الصحافة وقيمها، وهذا ما حصل ويحصل الآن كثيراً، وأعتقد أن الكثير من المؤسسات الإعلامية قائمة على ذلك، فلديها المفتاح السحري الذي عن طريقة يمكنها أن تفتح الطريق للإعلامي نحو شق طريق النجاح في هذه المهنة أو تضع العراقيل في طريقه ، فلديها قاهر الضمائر ومغير الاتجاهات لديها المفتاح السحري القذر ألا وهو الدولار.
ومن المؤسف حقاً أن تتجه القنوات الإعلامية الرسمية إلى هذا الأسلوب محتذية أسلوب زميلاتها من القنوات التي يتكون اتجاهها حسب مصدر التمويل، بيد أنه كان من المؤمل أن ترتفع هذه المؤسسات عن هذا الأسلوب الرخيص، ومما يلاحظ على بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية أنها على الرغم من أنها تحاول قدر الإمكان أن تنحو المنحى الوطني مبتعدة عن الحزبية والطائفية، لكنها مع ذلك تقع تحت تأثير المتنفذين فيها من مسؤولين ومشرفين، وهو ما قد يقع في بعض الأحيان تحت العنوان الذي ذكرنا ويندرج تحت قائمة الدعاية والتشهير والتسقيط السياسي، وهذا من العيوب الفاضحة، ولا أراني أجاوز الحقيقة إذا ما قلت إن ما تشهده الساحة العراقية من تنافس محموم على السلطة كان له الأثر البالغ على استخدام الجانب الدعائي والتشهير بالخصوم وتسقيطهم إعلامياً، بدءً من اتهامهم بالقيام بعمليات فساد كبيرة واختلاس الملايين من الدولارات واتباعهم مبدأ المحسوبية والمنسوبية على حساب المهنية في تسيير الأعمال المناطة بهم، وهذا ما لمسناه حتى في استجواب وزراء في الدورة البرلمانية الماضية، وقد تركن هذه القنوات إلى اتهامهم باتهام أخطر من هذا وهو المشاركة في أعمال إرهابية قذرة أو مساعدة الإرهابيين وتوفير الغطاء اللوجستي لهم، أو التغطية على أعمالهم .
إذاً مراعاة أصول المهنة وأخلاقياتها هو ما ينبغي أن يسود المؤسسات الإعلامية وأن يتصف منتسبوها بذلك، وأعتقد أن تحسين أوضاع الصحفيين كفيل بأن يجعلهم يقفون في المكان المناسب الذي يجب أن تقف أرجلهم عليه، وربما تكون نقابة الصحفيين أو غيرها من المؤسسات التي تعنى بالمطالبة بحقوق الإعلاميين قد نجحت في استحصال بعض المنافع في مصلحة العمل الإعلامي والإعلاميين، وهو خطوة مهمة يجب أن تتبعها خطوات في طريق تطوير العمل الإعلامي وإبعاده عما يلصق به من الأعمال التي تبعده عن المهنية وتدخله في دائرة العمل الدعائي والتشهيري، أعاذ الله الصحافة من هذه الأمراض الوبيلة!!!
https://telegram.me/buratha