خضير العواد
عندما نتكلم عن أي حدث يجب أن نقدم ألأدلة القوية والصحيحة التي تثبت صحة كلامنا , لأن كل كلمة أو رأي أو موقف فأن الأنسان محاسب عليه أذ يقول ألله سبحانه وتعالى ( وقفوهم إنهم مسؤلون ) , لقد قرأت قبل أيام مقالاً يتناول القرار المطروح في الساحة على أعتبار لاجيء مخيم رفحاء من ضمن السجناء السياسيين , أذ كان الكاتب مغتاض على هذا الأمر فكتب مقالاً ملأه بالكلمات والقصص البعيدة عن الصحة فظلم أُناس ضحوا وقدموا للقضية العراقية أروع الأمثلة وأنا لاألومه ولكن الشئ الوحيد الذي أسف عليه أعتماده على أناس غير أهلاً لنقل الخبر فأعطوه أخبار غير صحيح عن أحوال هذا المخيم ولم يحقق هو بالأمر فاخذها على علاتها لكي يؤيد موقفه المضاد لهذا القرار فوقع في المحذور الذي يريدنا ألله سبحانه وتعالى الأبتعاد عنه , علماً أن مخيم رفحاء كان قبلةً للمعارضة العراقية بكل أطيافها الأسلامية والعلمانية وأنا أنقل كلمة واحدة قالها أحد القياديين السياسيين الذي زاروا المعسكر كثير من المرات وهو الدكتور الجعفري ( لقد كان صوت المعارضة العراقية غير مسموع في الخارج حتى ظهر مخيم رفحاء أي قال لقد أوصلتم صوتنا الى العالم ) فقد كان المخيم بحق صوت الشعب العراقي المظلوم الذي خرج الى العالم بعد أن حاول المستكبرون والطائفيون اخناقه وجعله يصارع الموت تحت أعتى الدكتاتوريات في العالم .لقد لجئ الى هذا المخيم ثلة من الثوار الذين شاركوا بأنتفاضة شعبان المجيدة عام 1991 يرافقهم بعض العوائل التي شاركت بألأنتفاضة أو الذين حاولوا أنقاذ أنفسهم أو أفراد عوائلهم من أيدي أزلام البعث البائد , فقد ألتحق اللاجئون الى المخيم من معسكرين للاجئين العراقين داخل الأراضي العراقية كانا تحت الحماية الأمريكية هما سفوان قرب الحدود الكويتية والسماوة قرب الحدود السعودية حيث تم نقلهم الى مخيم رفحاء في الأراضي السعودية تحت الضغط الأمريكي وتم توزيع الخيم عليهم وهم اللذين نصبوها بأيديهم في منطقة لا تسكنها حتى الحيوانات من شدة حرارتها نهاراً وبرودتها ليلاً, وقد أستمر هذا الحال في المخيم لأكثر من سنة ومن ثم تم نقلهم الى مخيم أخر قد تم بناءه في مدة قصيرة للغاية حيث يتكون من بيوت على نوعين أحدهما للعزاب والأخر للعوائل ألأول يتكون من سياج من الأبلوك وداخله غرف من خيم قد نصبت لهم وأما الثاني فيتكون من بيوت مبنية من الأبلوك وسقفها من الجينكو , وكانت المواد الغذائية توزع يومياً بالأضافة الى كسوة الشتاء والصيف مع مبلغ مالي لشراء الحاجات المهمة أما الماء فيجلب لهم بالتنكرات , أما أحوال المخيم أو المعسكر كما يحب أهل رفحاء تسميته فكانت خطرة للغاية فقد حاول السعوديون من أول لحظة أن يوجدوا العقبات للاجئين لكي يتم أرجاعهم بشكل طوعي حيث أعطوا لكل من يرجع مبلغاً من المال ولكن رفض اللاجئون لهذه الخطوة فقد جعل الأستخبارات السعودية تلعب لعبة قذرة جداً مع مجموعة من المنافقين العراقين حيث كانوا يهجمون في كل ليلة على بعض الخيم ويلقون القبض على اللاجئين وفي الصباح الباكر يتم ترحيلهم الى العراق بشكل قسري وبالفعل تم ترحيل أكثر من 2000 لاجئ بهذه الطريقة حتى أنتفض المخيم ضد السعوديين ومن معهم من المنافقين وتم تأسير مدرعة سعودية وجنودها من قبل أل جويبر (الناصرية) وأضرب اللاجئون العراقيون عن الطعام لمدة ثلاث أيام وكانت المفاوضات مستمرة بين اللاجئين والجيش السعودي بواسطة الأمم المتحدة حيث مثل جانب اللاجئين البطل عبود الغانم (المشخاب) والجانب السعودي قائد عمليات المنطقة الشمالية الأميرتركي الفصل والأمم التحدة كان يمثلها كريم الأتاسي (سوري الأصل) وبالفعل تم تحقيق كل مطالب اللاجئين ومنها توقيف الترحيل القسري وعدم دخول أي دورية سعودية الى داخل المعسكر وأدارة المخيم من الداخل تتم بأدي عراقية وبالمقابل يتم أطلاق سراح الجنود السعوديين مع المدرعة ( هذه هي قصة الأضراب عن الطعام ) .أما فعاليات المعسكر فكانت متنوعة كالمحاضرات الدينية (الفقهية , الأخلاقية , المنطق,اللغة العربية وغيرها) ندوات شعرية ومعارض رسم ومسرحيات وصلاة الجماعة اليومية بأوقاتها الثلاث بالأضافة الى أقامة جميع المناسبات الدينية وكان يمثل المرجعية في المعسكر الشيخ الساعدي الذي كان أحد الذين عينهم السيد الخوئي للمحافظة على النظام أيام الأنتفاضة الشعبانية المجيدة وبعد سفر الشيخ الساعدي الى أيران أستلم القيادة الشيخ الكندي وبعده أستلمها الشيخ الصادقي وهو من الأخوة الأفغان و فلم يترك اللاجئون أي طريقة أو وسيلة الى أيصال قضية الشعب العراقي الى الخارج حتى طلب الكثير من القيادات المعارضة العراقية من اللاجئين بالبقاء في المعسكر وعدم السفر لأن تأثيرهم أشد وأقوى دعماً للقضية العراقية ومن ضمن هؤلاء القيادات السيد محمد باقر الحكيم (رحمة ألله عليه) الذي رعى المعسكر من اللحظات الأُولى وكان يؤكد على هذه النقطة وبالفعل بقى الكثير من اللاجئين في مخيم رفحاء ولم يسافروا حفاظاً على قضيتهم , وقد دعم اللاجئون الثوار في الأهوار بمبالغ طائلة تقدر بألاف الدولارات وكان يتم نقلها الى مكاتب المجلس الأعلى في أيران عن طريق المسافرين اليها ومن ثم ترسل الى الأهوار , فقد كان اللاجئون العراقيون في مخيم رفحاء في سجن حقيقي كبير ولكنه كان في الأراضي السعودية لأنه لايسمح للاجئين عبور سياج المخيم وكان يسمح لبعض اللاجئين بين فترات متباعدة بالذهاب الى مدينة رفحاء من أجل التبضع .وقد قتلت القوات السعودية في أحد أيام شهر رمضان من عام 1993 أكثر من 50 لاجئ وجرحت العشرات وأبعدت اكثر من 150 لاجئ الى العراق الذي كان ينتظرهم الموت المحقق , فمخيم رفحاء كان سجناً للمنتفضين العراقيين ضد نظام صدام المجرم فسجنهم السعوديون بدعم أمريكي لقد كانوا يعطوهم المأكل والملبس ولكن بين الحين والأخر يقدمون لهم القتل والأرهاب ضد من حمتهم قوانين الدنيا وأعراف القبائل بشتى أنواعها فهل يقتل الضيف أو الدخيل أو اللاجئ بقوانين هذه الأيام فهذه هي أحوال اللاجئين العراقين في مخيم رفحاء , فأنهم بحق سجناء سياسيون عانوا معاناتهم ولو بشكل مختلف فهل يبخل عليهم الوطن بأن يعطيهم لوازم الحياة الكريمة وهم اللذين أعطوا للقضية العراقية كل مايملكون وجعلوها قضيتهم الأُولى التي بها يتوسمون .
https://telegram.me/buratha