حسن الهاشمي
كل أمريء بما كسب رهين، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، قد يتبادر إلى الذهن إن هذه الآيات الشريفة وما شاكلها تختص بالآخرة، بيد إنها قوانين حضارية يمكن تبنيها في الدول الديمقراطية الناهضة، حفظا للعدالة من الضياع، وإعطاء كل ذي حق حقه، المجرم ينال جزاءه العادل، والمبدع يكافأ ويكرم، والحياة تأخذ مجراها وفقا لقوله تعالى ولا تزروا وازرة وزر أخرى.أقول قولي هذا لأنه ومع بالغ الأسف نجد أن مسألة التعميم بدأت تستفحل في أوساطنا الاجتماعية، ما جعل الكثير يخوض في الظنون والأوهام والاتهامات دونما تفحص وتثبت وترقب، ما يؤدي إلى التشهير والقذف والاتهام يطال العديد من الشخصيات ربما تكون ضحية تلك الإشاعات التي يطلقها أصحابها استنادا إلى التعميم الذي بات من أكثر المفارقات شيوعا حتى قيل إن الشر يعم والخير يخص. إذ نجد إن الكثير من الناس يتورطون بالتعميم دون أي مسوغ صحيح، نجد إن البعض حين يذهب إلى دائرة معينة ويلقى معاملة سيئة من موظف يعمم حكمه على كل الموظفين فيقول جميع موظفي الدولة سيئون مستندا في حكمه هذا على حالة واحدة أو حالتين وهو مستند لا أظنه كافيا للحكم على الجميع، البعض حين يرى سياسيا يلف ويدور ويخادع يحكم على كل السياسيين بالخيانة، والبعض حين يرى رجلا معمما لا يتصف بالزهد والتقوى يتهم رجال الدين كلهم بالنكوص عن واجباتهم الدينية، علما إن الذين توافرت لديهم شرائط التقليد من العلمية والعدالة والتقوى طالما يتصفون بالزهد والإعراض عن الدنيا والتوجه لخدمة الدين والدفاع المستميت عن المصالح العامة للناس.نحن نعلم إن بعض السياسيين انخرط في العملية السياسية وهو يحاول إسقاطها من داخل مؤسسات الدولة لدوافع ربما تكون طائفية أو سياسية أو حزبية، وهذا النمط غريب لاسيما ونحن نضع اللبنات الأولى لدولة ديمقراطية تحاول أن تبني مؤسسات دولة تنفذ طموحات الجماهير عبر القنوات الدستورية، ويعلم ذلك البعض إنه ليس لديه رصيد في صناديق الاقتراع، فعمد إلى تلقي الدعم المادي والمعنوي من دول ديكتاتورية معارضة لما يجري من إصلاحات في العراق الجديد لركوب الموجة ومحاولة تقويض التجربة الديمقراطية وذلك بالتفجير والترويع والإغتيالات، وإنما وصفناه بالغريب لأنه خيانة للشعب والوطن ومحاولة بيعه بأزهد الأثمان لأجندات خارجية مشبوهة. والوطنيون من السياسيين يعرفون أولئك الذين لديهم تلك الأجندات المخربة وبالرغم من ذلك فإنهم يفضلون السكوت، تارة من أجل المصالحة الوطنية وأخرى للحيلولة دون إحداث شرخ في العملية السياسية وثالثة للتمرير من أجل التمرير والإغضاء مقابل الإغضاء، وكل تلك المبررات المعلنة وغير المعلنة مرفوضة، لأن أمر الخيانة للوطن والشعب خطير ومرفوض ولا يمكن السكوت عنه مطلقا، وعليه يجب وضع النقاط على الحروف وتبيان مواطن الخلل في تلكؤ مسار العملية الديمقراطية دون تحفظ على حزب أو شخص أو جهة مهما تبوأت من مراكز في مرافق الدولة المختلفة، حتى يمكن تخطيها والانطلاق من أرض صلبة لتثبيت دعائم الاستقرار والتطور للبلد.وبالرغم من كل ما ذكر إنه من الخطأ إسقاط تصرفات المسيئين على الجميع، وفي الواقع إن لهذه المفارقة أضرار اجتماعية وسلبيات كثيرة من أهمها تشويه سمعة الأخيار الذين ربما ينزوون درءا للفتنة وتصدي الأشرار من ليس أهلا للقيادة ممن لا يهمهم سوء النظرة إليهم، وبالتالي تتقوض أركان الدولة والمجتمع شيئا فشيئا وهو إيذان للسقوط والإرتكاس، من هنا إذا ما أردنا دولة ديمقراطية قائمة على أساس العدل والإنصاف، لابد أن نستأصل ظاهرة التعميم الذميمة وأن يكون الحكم على الأفراد أو المؤسسات دقيقا فيذم المسيء وحده، ويمتدح المحسن دون أن يكون هناك ثمة تعميم في البين.
https://telegram.me/buratha