حسن البحريني
الاحداث الماساوية التي تمر بها البحرين تفرض على المراقب ان يسلط الضوء قليلا على الطائفة السنية في هذا البلد الذي تحكمه ال خليفة منذ ما يقارب من 250 سنة هذه العائلة التي تنسب نفسها الى الطائفة السنية والتي اقامت سلطتها باسمها واحاطت بنفسها بافراد من الطائفة المذكورة في كل الاجهزة الرئيسية والوزارات السيادية وخاصة المؤسسات الامنية والعسكرية التي يشكل ابناء الطائفة السنية ليس فقط عمادها بل كل اعتمادها عليهم وقد استثنى منها اغلب ابناء البلد الاصليين وهم الشيعة ان لم نقل كلهم على الاطلاق .
احداث ثورة 14 فبراير والتي تفجرت في وجه اسرة ال خليفة المستبدة كطبقة ظالمة وليست كفئة اوافراد ينتمون الى الطائفة السنية وما تبعها من اجراءات قمعية وعمليات تطهير طائفية شاملة وواسعة وحملة انتقام هستيرية من الطائفة الشيعية اثارت تساؤلات حول مدى خطورة الدور الذي تلعبه الطائفة السنية في حماية نظام سياسي قمعي ومستبد يستغل الحس المذهبي لدي تلك الطائفة من اجل الزج بها في اتون حرب مكشوفة وظالمة ضد الطائفة الشيعية التي غدت اليوم ضحية اعلام غير منصف ومواقف لانظمة سياسية تعمل على استغلال الحالة المذهبية لتجييش طائفة باكملها في صراع ضد طائفة اخرى مسالمة تطالب بحقوقها السياسية من منطلق حقوقي وانساني بحت لم تسمح لها سلطة الاعلام الخليفي ولا اعلام الفضائية العربية ان تمارس دورها في التعبير عن مظلوميتها ولا ايصال صوتها الى بقية الشعوب العربية التي لا تشاركها في المذهب ولكن يجمعهما العامل الانساني الذي يسموا على الطائفيات والمذهبيات وحتى القوميات .
الا ان ثورات الربيع العربي والتغييرات المستمرة في الوضع السياسي لمعظم البلدان العربية فرضت على النظام السياسي في البحرين من الاعتراف بوجود معارضة وكشفت في نفس الوقت من وهم الاستقرار الذي تنشده عائلة ال خليفة رغم القمع والارهاب وفرض الحكم البوليسي وحتى العسكري على المواطنين الشيعة الذين رغم كل الجراح وما عانوه من تنكيل على يد النظام واستغلال الاخير لابناء الطائفة السنية في تطبيق هذه السياسة القمعية لم يرفعوا الا شعار "الوحدة الوطنية" وحتى هذا الشعار الوحدي لم يعجب صناع القرار في اسرة ال خليفة فقتلوه وافرغوه من مضمونه من خلال تحريض الطائفة السنية وعبر بعض الهواجس الكاذبة ضد كل انسان شيعي في البحرين يحمل مثل هذا الشعار !
الاحداث الاخيرة في البحرين ومنذ تفجر ثورة 14 فبراير ازالت الكثير من المعوقات امام المراقبين السياسيين لمعرفة حقيقة نظام ال خليفة ودوره التخريبي والتدميري للبلد ولابناءه من كلتا الطائفتين فقد قام النظام بربط مصير الطائفة السنية باالعائلة الخليفية المجرمة والديكتاتورية كما ان تقوية الحس الطائفي لدي ابناء السنة وزج الاعلام الرسمي من خلال جلب معظم مثقفي ابناء الطائفة السنية في الاجهزة الاعلامية من صحف ومحطات تلفاز وفضائيات وتحريضهم بخطاب طائفي ضد الشيعة تعتبر جريمة كبرى بحق الطائفة السنية خاصة بعد ان استطاعت العائلة الخليفية من تحويل معظم ابناء هذا الطائفة الى حراس وجنود لنظام دكتاتوري فاسد بكل المعايير .لذا فان هذا الموضوع يستحق دراسة اكثر وتسليط اضواء حول الظروف المرحلية والتاريخية التي ادت الى ان تتحول الطائفة السنية في البحرين الى ادات قمع وجريمة بيد النظام المستبد حيث يؤكد معظم المؤرخين ان عائلة ال خليفة هم عصابة غزاة اتت من منطقة النجد في شبه الجزيرة العربية لتحتل البحرين وبمساندة القوى الاسنعمارية وخاصة البريطانية ودعم حلفائها في القبائل العربية الغازية وهنا لا يستبعد بعض المؤرخين دور ال سعود في تمكين ال خليفة من الاستقرار في البحرين بعد احتلالها ‘ وقد كانت مساحة البلاد الصغيرة وتمتعها بالمياه العذبة والزراعة الواسعة والخضار سببا في طمع الحكام الجدد وسيل لعابهم و سرعة انقضاض ال خليفة عليها والسيطرة على مقدرتها ولم يكن هناك في البلد الا عدد قليل من ابناء الطائفة السنية وكانت الاغلبية هي شيعية وتعمل في مجال الزراعة واحيانا ايضا الغوص وصيد الاسماك ‘ احتلال ال خليفة للبحرين اشعرهم الحاجة لجلب المزيد من ابناء القبائل السنية من نجد وخاصة من قبيلة الدواسر وكذلك بعضا من سنة فارس تشكلت منهم اجهزة امنية وعسكرية قبل ان تتوسع لتشمل الاردنيين واليمنيين والباكستانيين .وقد ظل الشيعة يشكلون غالبية السكان ومازالت معظم مناطق البحرين المعروفة ومدنها وبلداتها وحتى "قراها" معروفة بشيعيتها وهي تحتل مساحة شاسعة من البلاد مثل السنابس والبلاد القديم والماحوز والجفير وحتى المنامة رغم ان فيها الخليط واذا ابتعدنا قليلا سنجد ان هناك الكثير من المناطق وبمجرد ذكر اسماءها تعرف بانها شيعية مثل بني جمرة وسار وجد جفص وسماهيج والعراد والدير والديه وكرزكان ودمستان والسهلة والسند والتوبلي والعالي والكوره وام صيبع والخميس والهملة وجنوسان والشاخورة والسقية وتاتي جزيرة السترة وهي عبارة عن مجموعة من البلدات التي توسعت بعد الطفرة العمرانية تشكلت منها السترة والمعامير والبوري والنويدرات وغيرها‘ فيما المناطق السنية هي معدودة ومحدودة وهي تعرف بانها ركيزة للنظام مثل الرفاع والبسيتين والحد وهاتين القريتين تقعان في جزيرة المحرق التي فيها خليط شيعي سني يغلبها الطابع السني قبل ان يتم ربطها بجسر من طرف المؤدي الى السترة ‘ وقرية البديع ـ البديع صغيرة جدا ـ وام الحصم وكذلك بعض احياء العاصمة مثل الحورة والقضيبية وهي خليط ايضا فيما المدن المستحدثة مثل مدينة عيسى وحمد وزايد تضم خليط من الطائفتين‘ وظلت الرفاع وبعض المناطق مثل البسيتين سنية خالصة اما الرفاع فهي قلعة النظام لا يسمح ان يتملك الشيعي فيها وهي بقت موالية لال خليفة سكانها يشكلون العمود الفقري للمؤسسة الامنية القمعية .وقد كان الشيعة يشكلون 85% من السكان الا ان سياسة التجنيس الطائفية والتي بدأ بتطبيقها بقوة منذ نهاية السبعينات وقد اشتدت وتيرتها بعد اعتلاء حمد عرش السلطة قد خفضت النسبة الى مايقارب من 75% وهي نسبة يمكن للمراقب ان يلمسها بوضوح في الانتخابات التي كانت قد جرت في الفترات الاخيرة حيث تقسيم الدوائر الانتخابية على اسس طائفية وغير عادلة ابرز هذا الفارق بحيث ان جمعية الوفاق التي دخلت البرلمان بـ18 عضو من مجموع 40 مقعد قد كسب اكثر من 60% من اصوات الناخبين رغم مقاطعة الاطراف الشيعية الاخرى لها فيما البقية لم تحقق الا نسبة اقل من 30 % وقد حصلت على 22 من المقاعد ! طبعا في البحرين رغم اعتماد النظام على الاجهزة الامنية واحتماءه بالجيش وحديثا بالحرس الملكي والمرتزقة الاجانب وقوات الاحتلال السعودي الا انه فشل في تحقيق استقرار امني وسياسي وحتى اقتصادي للبلاد بسبب فقدان التوازن السياسي وسياسة الفصل الطائفي ‘ وقد ادّى تكدس الثروة وتجمع المال والسلطة بيد اسرة ال خليفة الى عزلة النظام الخليفي اكثر واكثر ولم تستطع بالطبع سياسة القمع من اسكات الاصوات المنادية بالحرية والعدالة والانصاف ‘ كما ان تراكم الثروة بيد عائلة ال خليفة لا يعني ان االثروة وصلت الى الطائفة السنية بل ان االوضع الاقتصادي وحالة تدني المدخول للفرد الواحد في كلتا الطائفتين دفعت بشيوخ الطائفة السنية المتملقين للنظام بنشر وعود كاذبة لابناء الطائفة السنية بتحسين رواتبهم المعيشية شرط تقديم الولاء المطلق للعائلة الحاكمة والوقوف في وجه المطالب الحقة لابناء الطائفة الاخرى واخوتهم في الوطن .الاحداث الاخيرة وتمادي النظام في سياسة البطش والتنكيل واستغلال النظام لابناء الطائفة السنية في تطبيق نظام الفصل الطائفي من خلال الفصل الجماعي من الوظائف والاعتقال على الهوية و استمرارالمحاكم العسكرية والاحكام القاسية والظالمة الصادرة منها بحق افراد ورموز الطائفة الشيعية المدنيين قد اوصل الاوضاع في البحرين الى نقطة اللارجعة وقد ساهم هذا الامر وانكشاف حقيقة العائلة الخليفة الحاكمة امام الرأي العام العالمي الى عزلة النظام ‘ فتحويل ابناء الطائفة السنية الى اداة طيعة للقمع والبطش والتنكيل بالمعارضين سوف يساهم اكثر واكثر في عزلة النظام والى تبني مشروع ليس فقط اصلاح النظام وانما تغييره وقد ساهم ربيع الثورات العربية الى تقبل مثل هذا الطرح خاصة في مثل ظروف القمع والقتل وسياسة الابارتايد الطائفي التي تمر بها البحرين وتمادي عائلة ال خليفة الفاسدة في غيها واجرامها وادخال الطائفة السنية باكملها في مأزق جرائم ال خليفة وتحويل الولاء للوطن ومبادئ حقوق الانسان الى الولاء للعائلة والنظام وشخص الملك ورئيس الوزاء وولي العهد .البحرين وعلى حد قول الدكتور علي محمد فخرو وهو من المناضلين والمفكرين السنة وقد قال من خلال ورقة قدمها في اللقاء التخصصي لمنتدى التنمية ‘معالم النظام الديمقراطي المنشود في دول مجلس التعاون ـ دبي ـ ‘ ان البحرين بحاجة الى ان "تصعد فوق الطائفية والقبلية والعائلية!‘ والمهاترات الاعلامية وجنون الموتورين والانتهازيين واصحاب المصالح الضيقة ‘ ومماحكات الصراعات الاقليمية والمذهبية والسياسية..تحتاج الى ترتفع فوق كل ذلك وتغلب الوطنية الجامعة والدين الجامع والعيش التاريخي المشترك ومبادئ الديمقراطية لتصبح البحرين واحة عيش وسلام لجميع اهلها ضمن عروبتها واسلامها ووطنها العربي الكبير"..وكما قال الامام علي عليه السلام "الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق"..
حسن البحريني
https://telegram.me/buratha
