الدكتور يوسف السعيدي
اطلالة على البرلمان...-------------------------كنا نتمنى ان نتحدث عن البرلمان الحالي باعتباره قد تجاوز البرلمان السابق في الانجاز... لكن مصدراً نيابياً مطلعا قد كشف النقاب لوكالات الانباء عن وجود 290 قانون بانتظار التشريع وان المجلس بحسب قول المصدر لم يتمكن من تشريع سوى تسعة قوانين علماً ان المجلس قد بدا جلساته في تشرين الثاني الماضي أي منذ عدة اشهر...وعلى مسؤولية المصدر ذاته فان 11 قانونا جاهزاً للتصويت اي ان اللجان المختصة قد ابدت رايها وقرئت مرتين وتمت مناقشتها ولم يبق سوى رفع الايدي (بنعم) او (لا) ويمكن ان يتم ذلك بجلسة واحدة لجميع القوانين الاحد عشر فلماذا لم يتم التصويت؟ان مرد هذا العجز في ظنننا يكمن في :الصراعات بين الكتل السياسية حول صغائر الأمور...ومنهج (أعارض فانا موجود) الذي تشبث به البعض.والتذبذب في المواقف...وتحديد المواقف على اساس (كل ما يأتي من غيره فهو باطل)...والمناورات لإقصاء الخصوم أو تحجيم دورهم...وحصر الاهتمام بالمصالح الحزبية..والعزلة عن جموع الشعب وعدم الاهتمام بمعاناتها...ان هذه الأمور كلها هي على النقيض من واجبات برلمان يفترض انه احد اعمدة الديمقراطية التي ما زالت تحبو في بلادنا...البرلمان سلطة تشريع، وسلطة مراقبة، ثم انه قبل هذا فكر يقود ليس بممارسة السلطة بل بافكار تغذي السلطة، وتشذب سياساتها، وقرارات تلتزم السلطة بها...واذا ما تحدثنا عن القوانين...فكان حرياً بالبرلمان خلال فترة ولايته نقول كان حريا به:ان يلغي قوانين جائرة ليرفع عبئها عن المواطنين...ويلغي قوانين أخرى لم تعد ملائمة للمرحلة وتقف عائقا أمام التجديد...ويعدل من قوانين فيزيل عنها الخطأ ويبقي الصواب، أو يطرح منها ما هو غير ملائم ويبقي على الملائم، ويتبع في كل هذا منهج الاحلال ان يضع الصحيح مكان الخطأ، والملائم في موضع الذي فات اوانه...ثم كان المفروض في البرلمان ان يشرع قوانين جديدة تعالج المشكلات القائمة وتفتح الابواب لمعالجة مشكلات مستجدة أو حتى متوقعة...فكل تشريع يجب ان لا يتوقف عند حدود الراهن بل يتجاوزه الى ما سوف يجيء لكي لا يكون لنا في كل يوم قانون، ولكي لا تصبح التشريعات قيداً على التطور أو مصدة أمام رياح التغيير.ثم، ليس صعبا، ان نضع تصوراً لما هو آت فالنتائج مرهونة باسبابها، والمقدمات تتيح الفرصة لاستشراف المستقبل.فاين تحديث الريف والاسكان وبناء الصناعة ورفع كابوس البيرقراطية والروتين عن القطاع الخاص ليخدم الوطن والمواطن؟...واين هو الموقف من السياسة التعليمية ومن الرعاية الصحية والضمانات الاجتماعية؟اما الرقابة فمن المؤسف ان البرلمان لم يراقب مؤسسات الدولة اكثر من مراقبة نوابنا بعضهم البعض..وهنا نتوقف لنقول: انه ليس المقصود بالرقابة مراقبة من نختلف معه ونتجاهل ما يفعله الصديق والحليف.وليس الرقابة، وهذه نقطة مهمة، هي تسقط الاخبار بطريقة التجسس.ولا هي التحفز للانتقام مع سبق الاصرار...ولا هي عملية ثائرية المقصود منها اقتناص الزلات وتضخيمها..كلا ولا غايتها العقاب لذات العقاب.ان الرقابة ليست على الشخص ككائن فيزيقي أو اعتباري أنما هي على الاداء وفق منظومة من الوسائل والقنوات، تتيح المجال لمعرفة الكفوء من غيره، وصاحب الخبرة عمن سواه، والمخلص عن الذي لم يعرف شيئا عن الإخلاص.. والوطني عن العنصري والطائفي... والنزيه النظيف السريرة واليد عن اللص الذي يغرف ولا يشبع...وان الرقابة هي ايضاً تمييز بين من طور مؤسسته وانقذها من وضع مترد كانت عليه الى وضع جديد جعلها تؤدي مهامها على افضل وجه...والرقابة تشمل التمييز بين من خدم المواطنين وبين من خذلهم...سواء خذلهم بعدم الاهتمام بما يعانون، أو بالتعالي البيروقراطي، أو بتعقيد الإجراءات، أو بقضاء الوقت يلهو بمسبحته ويستقبل الضيوف....ان الرقابة بمعناها التقويم، وبمعناها الذي ينصرف الى ترميم وبناء جديد لم ينهض بها البرلمان بل هو نفسه بحاجة الى رقابة على ادائه...المؤسف اذن، ان البرلمان قد اضاع وقتا طويلا من عامه الاول...وان القوانين التي عرضتها السلطة التنفيذية ما برحت مكدسة على الرفوف.وقبل ان يغضب اي من الاخوان منا ليسأل نفسه: أو ليس هذا ما حدث؟ فان كنا على صواب فهذا ما ابتغيناه والا (فواجد هم بث ما يجد).ويالبؤس الذين لم يتركوا لهم اثراً يذكر في الحياة...الدكتوريوسف السعيديالعراق
https://telegram.me/buratha