علي حسن الشيخ حبيب
يبلغ عدد سكان العراق حوالي28,945,657 نسمة ، منهم الشيعة ويشكلون 65%-70%، سنة واكراد 30%-35%.
المقدمة:-
نظرة تاريخية على مواقف العرب السنة والشيعة منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة الى اليوم؟
عندما احتلت بريطانيا العراق عام 1914، شنت العشائر العربية الشيعية ، حربا ضروس على المحتل البريطاني ، بينما اتخذت قيادات العرب السنية العشائرية والدينية موقف الحياد، ومن ثم التحالف مع المحتل البريطاني ، وكُرموا على موقف الحياد لاحقا، واسندت اليهم ادارة الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية.
وبعد ثورة 14 تموز 1958، حاول عبدالكريم قاسم تجاوز الطائفية، ومعاملة جميع المكونات بالتساوي في الحقوق والواجبات،على الرغم من ان الدولة العراقية الحديثة منذ تأسيسها تميزت انها دولة طائفية ومحكومة دائما من قبل المكون السني .
في ما كان ولاء اغلب سكان المحافظات الشيعية الوسطى والجنوبية مؤيدون للزعيم قاسم وثورته ، بينما تبنى معظم سكان المحافظات السنية وأعلنوا العداء الى عبد الكريم قاسم وساهموا في عملية اغتياله والقضاء على ثورته وقيادتها.
وبعد الانقلاب البعثي المتلبس بزي القومية يوم 8 شباط 1963، دافعت الجماهير في المناطق الشيعية عن ثورة 14 تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم وعانت الكثير من الاضطهاد ودفعت الكثير من الضحايا، بينما ساندت واستبشرت المحافظات السنية خيرا في الانقلاب المذكور ، وعلى الرغم من أن الانقلاب البعثي قام باسم الوحدة والقومية العربية، إلا إنهم ما أن استقرت الامور قاموا في ازاحة معارضيهم حتى تنكروا للأهداف القومية ومارسوا الطائفية بأبشع صورها كما تم طرد البعثيون الشيعة والاكراد المتحالفون معهم.
وفي عهد حكم البعث الثاني عام 1968، فقد تبنى النظام الطائفية كأساس لبقائه، فجند معظم منتسبي مؤسساته القمعية من أبناء السنة، وأغدق عليهم الامتيازات المادية والمناصب الحساسة، وربط وجودهم ببقاء نظامه، في الوقت الذي خص مكونات الشعب الأخرى بالقمع والحرمان والحروب والمقابر الجماعية والغازات السامة والتهجير القصري ومصادرة الممتلكات، وما صاحبها من ويلات ودمار على العراق ، وحتى المناصب الممنوحة الى الشيعة والاكراد كانت تمنح الى اصحاب الولاء الكامل لراس الهرم..
وعندما قامت انتفاضة أذار1991 ( الانتفاضة الشعبانية) شملت المحافظات الشيعية والكردية فقط، بينما وقفت المحافظات السنية ساكتة ومدافعة عن نظام السني المتمثل بصدام وحزب البعث.
وبعد سقوط النظام يوم 9 نيسان 2003 استبشرت الجماهير الشيعية والكردية بسقوط الجلاد، بينما حزنت المحافظات السنيه، وبعد أسابيع أعلنت تمردها العارم بحجة مقاومة الاحتلال واعوانة، ولم تفصح عن الغرض الحقيقي لهذا التمرد المسلح، اوالحرب الطائفية التي لازال هدفها الخافي والمعلن هو اعادة الحكم الى السنة..
فعندما سقط حكم البعث رفض هؤلاء أن يكونوا سواسية مع بقية أبناء الشعب، وأعلنوا معارضتهم التي وجدوا فيها نهاية لامتيازاتهم واحتكارهم للسلطة، واصبح العراق على مفترق طرق، وعلى شفى الحرب الطائفية.
التهديد بالانفصال؟
بعد تلك المقدمة الاستطلاعية لمواقف العرب السنة والشيعة من خلال استقراء المواقف وفتح ملفات الماضي القريب من تاريخ الدولة العراقية الحديثة ، اما اليوم فقد هدد رئيس مجلس النواب والقيادي في القائمة العراقية اسامة النجيفي بانفصال السنة في العراق في تصريح له من الولايات المتحدة بثته قناة الحرة.
نتيجة لما وصفه بالاحباط الذي يشعر به السنة العرب في العراق ، النجفي أوضح أن هناك احباط سني في العراق واذا لم يعالج سريعا فقد يفكر السنة بالانفصال؟ وهذا التصريح يعد الاول من نوعة من قبل مسؤول حكومي سني منذ عام 2003 وتلويحة بالانفصال، بعدما كانوا يزايدون على وحدة العراق ومقاومة المحتل ، وشعاراتهم الفضفاضة التي احتلت صفحات الاعلام وواجهات الفضائيات.
الرؤية الاستراتيجية للشيعة وبعض السنة من مشروع التقسيم .
1- أعربت حركات سياسية وقوى وفعاليات سنية، عن أسفها لتلويح رئيس البرلمان أسامة النجيفي بإمكانية "انفصال السنة"، معتبرة أن تصريحاته تلك مخالفة للدستور العراقي، معتبرين ان السنة لم يمتلكون مقومات اقتصادية لاقامة اقليم السنة..
2- أن الانفصال يعد تخلياً عن أبناء السنة في بغداد والجنوب، ويدفع بهم لحرب طائفية غير متكافئة مع الاغلبية من العرب الشيعة .
3- اهالي المحافظات السنية ليسوا أقل وطنية وغيرة على بلدهم من أهالي البصرة الشيعية الذين رفضوا التقسيم ،على الرغم من ان البصرة تضم أكبر احتياطي للنفط في العراق وميناء البلاد الوحيد على العالم وبوابته الاقتصادية.
4- التفكير بالانفصال يعد تهرباً من تحمل المسؤولية وتغطية على فشل الأداء السياسي للمسؤولين العراقيين السنة، في الوقت الذي تسعى فيه قوى وطنية من المكونات العراقية الشيعية كافة للوقوف بوجه هذا المشروع الخطير.
5- المساس بوحدة العراق وما يترتب علية من خلط للاوراق والرهان على الحرب الطائفية، وتكشف الادعات الكاذبة والشعارات البراقة التي كان يتشبث بها السنة العرب في العراق في رفضهم للاحتلال والمطالبة بانسحاب القوات الأميركية.
6-عملت السعودية والاردن وبعض الاطراف في تركيا والكويت على صناعة قوى سياسية من اطراف الفساد السياسي السني ، في ممارسة الضغوط على الحكومة العراقية ، او في المساومات في الدوائر المخابراتية المغلقة لتمرير بعض الصفقات مع الولايات المتحدة الامريكية .
7- إن تصريحات رئيس مجلس النواب العراقي أسامه النجيفي التي لوح فيها بانفصال السنة جاءت في وقت بدأ فيه العراق بالتعافي من الطائفية والعنصرية، ومن شأن هذه الدعوة أن تولد الإحباط في نفوس العرب الشيعة الذين تعتبر مناطقهم رئة العراق الاقتصادية ، ورغم قساوة الظرف الامني عليهم وعمليات استهدافهم المنظمة من قوى سنية مدعومة بصورة علنية من الاقليم السني العربي وتركيا.
8- الغريب في الامر ان تأتي تصريحات النجيفي بالانفصال من واشنطن بعد لقائه القادة الأميركيين ومنهم نائب الرئيس جو بايدن،علما ان جوزيف بايدن دعا عندما كان سيناتوراً من ولاية ديلاوير الامريكية، أوائل أيار 2007، إلى تقسيم العراق لثلاث مناطق كردية وسنية وشيعية، تتمتع كل منها بالحكم الذاتي، ، ولم يحظ الاقتراح باي اهمية لأن من شأن ذلك إحداث فوضى إقليمية ، كما تثير حفيظة تركيا التي تخشى من قيام دولة كردية جنوبها.
9- اثارة تصريحات النجيفي الشكوك حول جدواها وتوقيتها،مما دفع القوى السياسية الشيعة الوقوف بوجه دعوات تقسيم البلاد وإفشالها بكل السبل المشروعة.
10-التصريحات التي دعا لها نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن سابقا وايدها اسامة النجيفي اليوم سيمحي اسم دولة العراق ، وسيشيع العراقيون جنازة دولتهم العريقة ، مهد الحضارات والرسالات السماوية .
رؤية السعودية في تفكك العراق.وفق نص التصريحات المثيرة للجدل التي اطلقها وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في واشطن سابقا على أن امريكا قد سلمت العراق الى ايران وان تبعية الشيعة وقياداتهم الى ايران ، وأكد الفيصل أن تفكك وانقسام العراق هو ما يقلق المملكة السعودية ويقلق جميع جيران العراق لان ذلك يجر الدول المجاورة إلى النزاع على النفوذ اضافة الى فتح الباب على مصراعية الى شيعة السعودية في المناطق الشرقية الغنية بالنفط بالتفكير بالانفصال وتشكيل دولة خاصة بهم.تبريرات الامير السعودي في هجومة العنيف على الشيعة وقياداتهم:-الأولى: أن الشيعة يرغبون في تفكك العراق وتقسيمه،مما يؤدي الى اضاف السنة ، وهذا أمر لن توافق عليه العربية السعودية وأطراف عربية أخرى وأن السعودية مستعدة لمنع ذلك بالتدخل العسكري لنصرة السنة اذا اقتضى الامر.الثانى:أن التصدي لمحاولة التقسيم قد ينجم عنها حرب فى المنطقة، خصوصا ان مقومات اقليم السنة هي ضعيفة اذا ما قورنت بثروات اقليم الشيعة الهائلة.
واقع الاقليم السني الجغرافي والاقتصادي.
ان الاقليم السني المزمع قيامة يتمركز في محافظات ذات اغلبية سنية ، مثل الرمادي التي تمثل اكبر رقعة جغرافية في العراق، وكذلك الموصل وصلاح الدين وديالى، والتي تفتقر جميعها الى النفط وكذلك الى الموارد الطبيعية التي من شانها توفير الظروف الاقتصادية المؤاتية لاقامة هكذا اقليم.
يبقى هناك احتمال واحد هو الاقرب للمنال، في اقامة الاقليم السني في غرب العراق وهو اندماج هذا الاقليم مع الاردن او الملكة السعودية وتنقل الصلاحيات الادارية والاقتصادية الى السعودية او الاردن وتعين والي او ولي امر ممثل للملك عليهم.
المشاكل المسقبلية لهذا الاقليم ؟
1- استخدام حرب المياة في زيادة الضغوط على مناطق العراق الوسطى والجنوبية .
2- محاولة الاستيلاء على كركوك الغنية في النفط لتكون عاصمتهم الاقتصادية ،مما يؤدي الى استعار حربهم مع الاكراد مع احتمال دخول تركيا على خط المواجهة.
3- انتقال المد السلفي الوهابي التكفيري الى هذا الاقليم بدعم من الوهابية السعودية لتحقيق توازن مع الثقل الشيعي المتمثل في مدنتي النجف وكربلاء المقدستين .
4- سوف تستثمر السعودية هذا الاقليم في نقل صراعها ومشاكلها الداخلية في خلق الازمات وتشجيع حواضن الارهاب وجعل حكومته على غرار حكومة طلبان الافغانية.
5-المشاكل الحدودية الموروثة من النظام السابق الذي غير المعالم الجغرافية للانبار مقتطعا مساحات شاسعة من محافظتي كربلاء والمثنى وتم اضافتهما الى الرمادي .
المصادر:-
1- سنة العراق وشيعته في محكمة التاريخ - علي حسن الشيخ حبيب
2- السنة العرب - جلادون ام الضحية - علي حسن الشيخ حبيب
3- السومرية نيوز.
4- موقع قناة الحرة عراق.
مركز الرافدين للدراسات والبحوث الاستراتيجية
http://www.alrafedein.com
https://telegram.me/buratha
