مهدي زايــر جـاسم
يؤدي الاستثمار دوراً بارزاً في الانتقال إلى اقتصاد السوق والاقتصاد الحر وأعتقد أن هناك إجماعاً من أوساط صنع القرار والقطاع الخاص في أن دخول الاستثمار هو الحل في مواجهة التحديات الاقتصادية ومن أبرز هذه التحديات هي الفقر والبطالة، فالاسثمار هو الذي يرفع مستوى دخل الفرد العراقي ، وهو الذي يوفر فرص عمل لشريحة واسعة من الطبقة الكادحة التي تبحث عن قوت يومها وتعيش في مناطق منكوبة تنقصها الخدمات الأساسية للعيش الكريم ، وهو يقوِّض الفساد الإداري والمالي الذي ينهش مواردنا الاقتصادية من كل حدب وصوب ،في بلد تعادل موازنته موازنة ثلاث بلدان مجاورة لنا، والاستثمار يساعد الدولة على إقامة مشاريع ضخمة أو متوسطة تستوعب آلاف العاملين سنوياً .
ولكن العديد من الأصوات المطالبة بدخول الاستثمار هي نفسها التي تضع العراقيل أمامه، وتقدم عشرات الشكاوي، بحجة عدم وجود الأراضي اللازمة لإقامة المشاريع ،وعدم قدرة المصارف على إيجاد التمويل اللازم ،وهم نسوا أو تناسوا بأن واجبهم الرئيس تذليل العقبات أمام المستثمر الأجنبي ،فرأس المال جبان وخائف كما يقول الاقتصاديون ، فيجب تذليل كل العقبات أمامه للشروع في دخول البلد ،وأعتقد أننا متأخرون جداً عن بلدان المنطقة المجاورة لنا ،بسب الوضع الأمني المضطرب الذي كنا نعيشه؛ والآن الحمد لله كل الظروف مهيأة للانطلاق في الاستثمار؛ لأننا بأمس الحاجة له لتطوير قطاع الكهرباء وقطاع الخدمات والصرف الصحي، أما القطاع النفطي، فهو القطاع الأول في جلب الاستثمار؛ لكون ميزانية الدولة تعتمد عليه بشكل كبير . وأعتقد أن التركيز على قطاع الإسكان ومشروع المليون وحدة سكنية سيكون فرصة وانطلا قة حقيقية نحو استثمار حقيقي وفعلي في قطاع مهم وحيوي يخدم شريحة واسعةخاصة أن الدراسات الميدانية تؤكد حاجة البلد لبناء ثلاثة ملايين وحدة سكنية في عموم العراق لحل مشكلة السكن ،والأحياء العشوائية ، خاصة أن الملايين يعيشون في أراضٍ تابعة للدول ،أو ما تسمى (بالعرصات ) ، وتخفيف الأعباء عن المواطن الذي ينتظر بفارغ الصبر تقديم الخدمات الضرورية له . تشجيع الاستثمار كحاجة ملحة وضرورية بالنسبة لبلدنا يتطلب جهوداً مضاعفة واستثنائية ،كما يتطلب مرونة وشفافية عالية ،وتشريعات تلغي كل العقبات أمام المستثمر الأجنبي ،كما يتطلب وقف الهجوم الفوري غير المعلن على الاستثمار ولو لم يصرح به، والابتعاد عن المصالح الشخصية،خاصة أن معظم السياسين يمتلكون شركات يسند لها العديد من العقود الحكومية (ومن لحم ثورة وطعمة)كما يقول المثل الدارج ،فلماذا الاستثمار و"دوخة الراس" كما لايمكن إدخال الاستثمار العربي والأجنبي بالسلاسل ، بل بالقوانين الواضحة والإيمان بقدرة الاستثمار على إنجاز مشاريع ذات قدرة اقتصادية كبيرة،فمجال السياحة مهمل منذ وقت طويل عدا السياحة الدينية والاستثمار في هذا المجال يحقق واردات صخمة نحن بأمس الحاجة لها . والواقع يقول إن دور القطاع الخاص في رسم سياسات إستراتيجية قادرة على النهوض بواقع الاسثمار مازال محدوداً ،فمرور سبع سنوات نعتقدها كافية للولوج في مجال الاستثمار في قطاعات الدولة المختلفة ، وهو دون مستوى الطموح مما يحول دون انتهاز الفرص وتحقيق طفرات واسعة وكبيرة تحقق نمواً اقتصادياً في مدة محددة من الزمن ، لايعتبرشيئاً مستحيلاً أو خارقاً . وتحقيق الشراكة بين القطاع الخاص والعام ،يقوم على الاحترام المتبادل والشفافية في كل مفاصل الدولة، وتكافؤ الفرص تحت مظلة القانون ،والابتعاد عن التشكيك وإحلال الثقة،وإقرار التشريعات الضرورية،واستقرار الوضع الأمني،كلها مجتمعة تحفز الاستثمار ،وتخلق له فرصاً حقيقة وواقعية لإنعاش بلدنا وتحسين خدماته،وتقوض الفساد المستشري،وتضرب بيد من حديد أي سارق للمال العام، فالحذر كل الحذر من زواج السلطة بالمال .
https://telegram.me/buratha