المقالات

مؤتمر للاعلام النفطي ... عربة جديدة تجرها احصنة قديمة

1198 17:50:00 2011-07-02

حمزة الدفان

قيل لنا ان كلية الاعلام تعقد مؤتمرا بالتعاون مع شركة اعلامية امريكية ووزارة النفط في النادي اللبناني في الكرادة ، وقد حضرنا وكان موضوع المؤتمر كيفية تقديم خدمات اعلامية لقطاع النفط ، واكتشفنا ان الفريق الاعلامي القديم لعدي صدام كله كان حاضرا بعد ان استولى على أماكن خطيرة في الدولة الجديدة ، واضاف اليه حشدا من صاحبات السيقان البيضاء ، فالدكتور هاشم حسن هو عميد كلية الاعلام وقد تبنى المؤتمر ، والدكتور كاظم المقدادي استاذ في الكلية وقد ادار المؤتمر ، وعاصم جهاد هو الآن الناطق باسم وزارة النفط ، وتحسين الشيخلي اصبح رئيسا للمركز الاعلامي للحكومة ومستشارا في رئاسة الوزراء ، اضافة الى حشد من الاساتذة والاعلاميين والاعلاميات الذين يعرفون بعضهم البعض وتنبض في صدورهم ذكريات صحيفة بابل وتلفزيون العراق وتلفزيون الشباب وبهذه التشكيلة المتفاهمة هيمنوا على الصف الاول في قاعة المؤتمر وعلى منصة الخطابة ، ولكن اتضح لاحقا انهم هيمنوا حتى على المداخلات التي اعقبت القاء الكلمات فقد بدا ان هناك نوعا من الاتفاق المسبق حول من يتكلم وماذا يقول وكل من يرفع يده من الحضور يريد المشاركة في المداخلات يتم تجاهله تماما ويجري تقديم واحد من هذه المجموعة . المؤتمر كله لعبة صغيرة من الاعيب الفساد العراقي الحكومي النشيط الذي لا يتوقف ، شركة اعلامية امريكية تتفق مع كلية الاعلام ووزارة النفط وسط هذه الفوضى السياسية والامنية على تدريب الاعلاميين العراقيين على كيفية خدمة القطاع النفطي ، وترويج الشفافية في العقود ، وايجاد اعلام متخصص يعرف الاطار المؤسسي لصناعة النفط ودور النفط في الاقتصاد والتنمية وغير ذلك من الموضوعات ، وقد تحدث مندوب الشركة الامريكية عن دورات اعلامية تدريبية مستقبلية ستعقد في دبي والاردن وبريطانيا لهذه التدريبات المهمة ، وبدأ الحضور يتهامسون حول الفساد الذي من المتوقع ان يحدث بقوة في هذه الدورات ، فهذه المجموعة الصدامية العريقة التي هيمنت على المؤتمر واجتثت الحاضرين هي نفسها سوف تهيمن على تهيئة اسماء الاعلاميين الذين يشاركون في تلك الدورات وسيكونون طبعا من المجموعة نفسها ، خاصة وانهم خبراء في تهيئة الورشات في عمان ودمشق والقاهرة واسطنبول ، ثم سيجري تهيئة قوائم تكاليف فيها خمط كبير ، وبعد ذلك سينفتح الافق على مزيد من الصفقات ، فالامريكي الذكي الذي دخل هذه اللعبة الى جانب فريق عدي القديم انما دخل سلسلة صفقات من النوع الذي لا ينتهي من اوسع الابواب فمادام النفط يتفجر من باطن الارض ومادام تصديره متواصلا فوق الارض هناك اعلام لا بد ان يجري ويستمر يبارك هذه الصفقات ويشيد بالمنجزات ويؤلف الخطابات . الاسئلة التي تثار حول هذا المؤتمر : هل من الصدفة ان يجتمع هذا الفريق البعثي المعروف في هذا المكان والزمان وان يقرر هذه الافكار ؟ انا لا اؤمن بالصدفة ، بل حتى المؤمنون بها لا يمكن ان يعدوا ماجرى صدفة ، فالبعثيون يملأون اركان الدولة ويزحفون على مؤسساتها ، وقد اصبحوا يفتخرون بذكرياتهم لانها لم تعد وسيلة لاستجلاب الخطر بل اصبحت وسيلة لكسب ثقة الحكومة الجديدة ، في سنة 2004 كان يخاف احدهم ان يذكر ماضيه اما الآن فيحنون الى تلك الذكريات ويفتخرون بها وقد يروي لك احدهم كيف كان عدي ابن صدام يعتمد عليه في كتابة الاعمدة او التحقيقات وكيف تلقى مكافئة قوية منه وكيف ربت على كتفه ، ومن لا يملك مثل هذه القصص يخترعها ، فيلقى الاحترام في العراق الجديد وتسند اليهم اخطر الوظائف الاعلامية والعسكرية والادارية ! في هذه القضية التقت فلسفة الاسلاميين مع رغبة واشنطن ، فالاحزاب الاسلامية الحاكمة تقول بانها قررت الاعتماد على جهاز الدولة الصدامي بكل مكوناته واستبدال المواقع القيادية فقط ، اي استبدال العربة وابقاء الاحصنة فمن كانوا خدما للمؤسسة الصدامية القمعية سيصبحون خدما للمؤسسة الجديدة ، بصفتهم المهنية ، وهي من علامات الظهور ! انت مؤمن مبدأي ومن كان جلادك بالامس فهو خادمك اليوم وهذا لطف الهي وتحقق لوعده : (ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) وهذه وراثة غير الهية كما هو واضح لان بعضهم يستثمرها مالا وجاها وبعضهم يتلقاها فقرا وتهميشا وضياعا وكلاهما مستضعف قديم ! اتهام لعدالة الله تعالى ، انه رب الكون وليس مؤسسة السجناء ! هكذا يفهمون القضية ، وان سالتهم : ومن كان أخاك بالأمس اصبح عدوك اليوم فلماذا اليس لهذا المظلوم ربا ينتقم له مثلما لك رب يجعلك خليفة في الارض كما تدعي ؟ ... يمكن للحكام الجدد ان يحققوا نجاحا كبيرا في استقطاب هذه الكوادر المخضرمة واعتصار جهدها لاسباب عديدة اولها استثمار تجربتهم كموظفي دولة ، والثاني انهم مدربون على العبودية للحكام وليس الديمقراطية ولا يقولون (لا) ابدا مما يسهل عملية ادارتهم ، والثالث لكي يقول الحكام الجدد للعالم العربي انهم غير طائفيين وان موظفي المؤسسة السابقة باقون ، واخيرا لكي يتخلصوا من قواعدهم ورفاق دربهم الذين تربوا على مبدأ النزاهة والتكليف والنقاش والاعتراض والتصحيح حيث اصبحوا في هذه المرحلة عوامل مسببة للصداع ولا بد من استبعادهم . اما من جهة واشنطن فان تجربة علمانية تقليدية في العراق لا يمكن بناؤها عبر مجموعة من المتدينين وجمهور المرجعيات والمحيط المذهبي المتصل بقيم دينية معينة بل تبنى باستخدام العلمانيين انفسهم وهم طبقة تعمل باجور لمن يريد ، لذا من المتوقع ان تظهر الوان غريبة من المبادرات والانشطة التي تعزز دور هذه الطبقة من المخضرمين وتزيد من حضورهم في واجهة الحدث يقابل ذلك مزيد من التهميش لمن يوصفون بانهم مؤمنون او اصحاب نزاهة او اصحاب تاريخ مشرف ومن الذين قاتلوا النظام السابق وضحوا بكل شيء لانقاذ بلدهم . وترافق هذه الاجندة دعاية قوية وموجهة تقول بان الاسلاميين ليس لديهم كوادر ، ولا اصحاب شهادات ، ولا اصحاب راي ، وكان صدام يصف معارضيه بهذه الكلمات نفسها ليقلل من شأنهم في الرأي العام العراقي والعربي فهل كان راي صدام صحيحا؟ وهل من الضروري تطبيقه في العراق الجديد ، واعتباره فتوى صدامية من النوع الذي لا يمسه القدم ؟

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك