احمد عبد الرحمن
يتفق كل المسلمين بلا استثناء على ان العروج الملكوتي العظيم للنبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم من الارض الى السماء الذي عرف بألاسراء والمعراج ، مثل حدثا تأريخيا عظيما انطوى على دلالات ومعان قد لايمكن للعقل البشري استيعاب كل ابعادها والاحاطة بكافة جوانبها ، ولعل الاية الكريمة المباركة (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي ...) ترسم صورة اجمالية لطبيعة ذلك الحدث فضلا عن كونها تشير الى المكانة العظمية لخاتم الانبياء والمرسلين لدى الباري عز وجل.ان قراءة الدلالات والمعاني العميقة لحدث الاسراء والمعراج لايمكن بأي حال من الاحوال ان يخضع للحسابات المادية المحسوسة لانه لايمكن ان يندرج ضمن الاحداث والوقائع المادية، بل انه فعل الهي اريد من خلاله اظهار مكانة وموقعية الرسول الاكرم محمد بن عبد الله ، واظهار البعد العظيم للرسالة المحمدية الخاتمة، واثرها الحاسم في مسيرة البشرية جمعاء، وهدايتها من التيه والضلال الى النور والايمان، واخراجها من اتون العبودية والجاهلية والتخلف الى فضاءات الحرية والمعرفة والتفكر.ان معجزة الاسراء والمعراج حققت هدفين كبيرين، الاول، مواساة الرسول الاكرم وتخفيف ما لقيه من عناء وعنت من الكفار والمشركين، والثاني، تقديم دليل قاطع على صحة نبوته صلى الله عليه واله وسلم. وإنها -أي معجرة الإسراء والمعراج- لم تكن ، ولا يصح أن تكون، حدثا مرتهنا بزمن أو مرحلة تأريخية ولّت، بل إنها ـ شأن أحداث السيرة كلها ـ مدرسة للتكوين منها تستمد العبر والدروس التربوية والخطط العملية تطبيقا للإسلام بما يقتضيه كل زمان ومكان للحفاظ على القيم الدينية الاسلامية الصحيحة التي جاء بها الرسول الكريم محمد (ص) ، وليواصل حملها وتبليغها من بعد العترة الطاهرة من اهل بيته الكرام، حتى تملاء الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا على يد الموعود المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف، وكما قال تعالى في محكم كتابه الكريم "وعـد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنّهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا.
https://telegram.me/buratha