صبيح الناصري
احتاج تشكيل الحكومة الحالية الى اشهر طويلة قبل ان تتوصل الكتل السياسية الى اتفاق بشأنها , حيث قبل رئيس الحكومة نوري المالكي بشروط الاخرين لقاء تشكيل الحكومة والتي كان من بينها اخذ رأي الكتل ومشورتها قبل اصدار القوانين والقرارات وعدم التدخل في عمل الهيئات المستقلة وهوعمل اعتبرته الكتل التي شاركت حزب الدعوة في تشكيل الحكومة مشروعا لها باعتبار ان الحكومة المشكلة هي حكومة ائتلافية وليست حكومة اغلبية نيابية تسمح للحزب الفائز باعلى نسبة من الاصوات بتشكيل الحكومة بشكل منفرد ,لكن كل شيء تغير بمجرد الاعلان عن تشكيل الحكومة ,حيث تخلى حزب الدعوة وصقوره عن تعهداتهم ليمضوا بخطوات بعيدة للانفراد بالقرار السياسي دون الاخرين ,والتدخل في عمل الهيئات المستقلة وتسييسها عبر ادخال شخصيات محسوبة على الحزب ورئيس الوزراء لادارتها مما جعلها تفقد استقلاليتها واصبحت مجرد هيئات تابعة لمكتب رئيس الوزراء وليست هيئات مستقلة يمنحها الدستور الصلاحيات الكاملة للقيام بعملها . هذا الانفراد بالقرار السياسي ومصادرة الانجازات لصالح حزب الدعوة وحده والغاء دور الاخرين يثير استياء الكتل الاخرى المشاركة في الحكم والتي لم تلتمس الجدية من المالكي في صناعة شراكة قوية وفاعلة تضمن بان يكون للاحزاب الفائزة في الانتخابات دورها ولمساتها في صناعة القرار السياسي بعيدا عن الطموحات الفردية المقصودة لاغراض دعائية وانتخابية وعلى حساب الهدف الحقيقي وهو خدمة البلاد وشعبها . تهميش الشركاء واضعافهم نهج ثابت يقوم به رئيس الحكومة الذي يؤمن بان ادارة العراق وتوجيه دفة الادارة والسياسية والاقتصاد من حقه لوحده وليس من حق الاخرين وهو شعور يعطي الانطباع بان القيادة في البلاد تسير نحو الدكتاتورية والفردية التي ما زالت اثار التجربة الشمولية السابقة ماثلة للعيان والتي قادت البلاد نحو الخراب والدمار وجعلته في النهاية عرضة للاحتلال الاجنبي المباشر . تكرار سيناريو الانفراد بالحكم والغاء دور الاخرين بالرغم من الشعارات المرفوعة من حزب الدعوة الحاكم الذي استغل زعيمه منصبه كرئيس للحكومة في اقامة تجمعات سياسية مؤيدة سيقود البلاد الى كوارث ,فضلا عن تجيير النتائج الامنية التي تحققت بفضل التوافق السياسي بين المكونات وتوقف الاطراف الخارجية الداعمة لصالحه وحده واقصاء الاخرين وانكار دورهم في تحقيقها ,بالاضافة الى تمرير قناعات مغلوطة الى الشارع العراقي تؤكد قدرة حزب الدعوة على احداث تغيير شامل في البلاد عبر انجاز المشاريع الخدمية وتغيير واقع الحياة خصوصا في المناطق الفقيرة والمحرومة وهي قناعات اسهمت ماكينة الدعاية الحزبية للمالكي في رفع شعبيته الذي نصب نفسه رمزا لقائمة ائتلاف دولة القانون التي حصدت اغلب الاصوات وجعلت من الحزب يدير اغلب محافظات الجنوب والوسط ,لكن الواقع الخدمي لم يتغير كثيرا واجبرت التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها عدة محافظات في الجنوب قادة حزب الدعوة من المحافظين والمسؤولين على تقديم استقلالتهم بعد ان اثبتوا فشلهم ,اضافة الى تهم الفساد المالي والاداري التي تلاحقهم وتكشف تورطهم فيها ,اضف الى ذلك ان المالكي اصر وبعناد غريب على الدفع بخضير الخزاعي وزير التربية الفاشل والمثير لغضب الملايين من المدرسين والمعلمين في العراق الى منصب نائب رئيس الجمهورية ومنح المقعد الثالث له بالرغم من احتجاجات الشارع العراقي والمرجعية الدينية باعتبار ان المنصب الثالث لرئاسة الجمهورية يمثل اهدارا للمال العام وتبديدا له ويكلف الميزانية العراقية مبالغ طائلة ولاحاجة لهذا المنصب اصلا . الضغوطات التي تمارسها الكتل والاحزاب المشاركة فيي الحكومة هو من اجل تفعيل مفهموم الشراكة ومنحها دورا اكبر في صنع القرار ورفض المالكي لذلك يقود البلاد الى ازمة سياسية ,خصوصا وان صقور حزب الدعوة يقفون وراء هذا التصعيد من اجل اقالة الحكومة وتشكيل حكومة اغلبية برلمانية تسمح لهم لالانفراد بتشكيل الحكومة واقصاء الاخرين منها . كما ان دعوة الترشيق الاخيرة يحاول صقور الدعوة الالتفاف عليها وتوظيفها لصالحهم عبر الغاء ودمج الوزارات التي تخص الاخرين كالتيار الصدري واستثناء الوزارات التابعة لحزب الدعوة منها . الشراكة لا تعني التعطيل بل المساواة في المسؤولية والخروج بقرارات ومواقف موحدة تقوي موقف البلاد السياسي وتحصن وضعه الداخلي وتجعله اكثر تماسكا واذا ما استمر نهج الدعوة على حاله هذا فان البلاد ستكون مقبلة على حوادث جسام وعندها سيكتفي صقور الدعوة بحمل اكياس النقود التي جمعوها خلال المدة الحالية والسابقة ليعودوا الى فيلاتهم المكيفة والفارهة في كندا ولندن وفيينا بينما سيجني الفقراء الذين جوعوهم وشردوهم بدعاياتهم المضللة المزيد من الخيبة والالم .
https://telegram.me/buratha