حسن البحراني
الهجمة الشرسة التي تعرض ويتعرض لها الشعب البحراني على ايدي جلاوزة عصابة الحكم الخليفي كبيرة لا يتحملها الجبال الا ان البحرانيين بصمودهم وباالارادة التي يمتلكونها وبايمانهم بالله وبقضيتهم العادلة غدوا اكثر صمودا ورسوخا من الجبال ‘ الجبل يستقل منه الا ان ارادة الشعب لا يستقل منها ومن هنا ايضا جاء في القران الكريم ما يذكرنا بهذه الحقيقة :"انا عرضنا الامانة على السموات والارض و الجبال فابين ا ن يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان ..".
ما يتعرض له شعب البحرين وابناء الاغلبية المظلومة هو فصل من الابادة الجماعية سياسيا وبشريا وديمغرافيا وبمشاركة الارادات الاقليمية وبعض من القوى الدولية التي وضعت انفها في الحراك القائم في البحرين بناءا على حسابات خاطئة وتحليلات كيدية قدمتها الاطراف الاقليمية المعادية للانسانية والديمقراطية وللحضارة البشرية التي قوامها العدل والانصاف واحترام حقوق الانسان ‘ لذلك اجتمعت الارادات الظالمة على الشعب البحراني من اجل اجهاض نهضتها وثورتها البريئة والناصعة البياض ولاهداف غير شريف .
الادارة الامريكية وقعت في الفخ الذي نصبته لها ارادة شياطين الخليج وعلى رأسهم مملكة ال سعود ونادي الامراء وملوك المنطقة وقد صوروا انتفاضة البحرانيين وكأنها تدخل ضمن تصفية حسابات اقليمية وفي هذا الصدد قاموا بفبركات وامور كيدية كبيرة سخرت لترويجها الماكينة الاعلامية الضخمة الخاضعة لسلطة المال السعودي وقوة الخداع والمكر العربي الرسمي الذي لا يضاهيه في ذلك مكر الشياطين والابالسة !
ومن هنا فان خروج البحرانيين اي ابناء الاغلبية المظلومة في البحرين الى الشوارع والاعلان عن رفضهم لمكر الشياطين ولجبروت النظام الخليفي والانظمة الاقليمية الداعمة له والاستمرار في نهضة انسانية سلمية قد شكل صدمة لكل القوى المستبدة في الخليج وخربط عليهم حساباتهم مما جعلهم يحسبون الف حساب فيما لو نجحت نهضتهم وازاحوا كابوس الظلم ورمز نظام الفصل والابارتايد الطائفي والعنصري الذي لا مثيل لهم في عالم اليوم ‘ وقد واجه ثوار البحرين حملة قمع وارهاب وتعتيم على ثورتهم بشكل ممنهج وباساليب كيدية وتضليلية كان الهدف منها منع التعاطف الدولي مع قضيتهم والتشويش عليها وترويج الاكاذيب والتقارير المفبركة ضدها بهدف تهميشها واقصاءها وبالتالي سهولة القضاء عليها ‘ وفي خضم هذه الحملة التضليلية الشرسة وتعمد الاعلام العالمي وخاصة العربي في فرض التعتيم وسياسة الاهمال لثورتهم لم يجد البحرانيون بدا من القبول باي دعم ياتيهم ومن اي جهة اقليمية ودولية من اجل فك الحصار وايصال صوتهم الى الرأي العام العالمي وقد كانت ايران الدولة الوحيدة التي مارست اقصى درجات ضبط النفس في عدم اعطاء اي مبرر للقوى الشيطانية في المنطقة لاتهامها بالتدخل في الشأن البحريني و قد تصرفت بحكمة ودراية سياسية كاملة مع ثورة شعب البحرين وقد كان لربيع الثورات العربية دورا كبيرا في افشال وفضح الاسطوانات القديمة والسيمفونيات المتكرر والتي كانت تتخذ سياسة اعلامية هجومية ضد ايران من اجل منعها من التعاطف مع قضايا شعوب المنطقة وكانت للقضية البحرانية حساسية خاصة في هذا المضمار لموقعها الجيوسياسي ولعلاقاتها التاريخية مع ايران ثقافيا واجتماعيا وحتى سياسيا في فترات معينة تلك العلاقة وما كانت ايران تشكلها من عمق جغرافي وعقائدي منذ قرون وخاصة بعد سقوط العميل الماسوني والدكتاتور المستبد الشاه ونظامه الفاسد غدت لها اهمية كبيرة بحكم تلك العوامل وبروزها كقوة ضاربة في المنطقة في وقت كان العراق مايزال يئن تحت وطئة النظام الفاشي والمجرم البعثي الطائفي قبل ان يسقط ويرمى به في مزبلة التاريخ. هنا يأتي دور ايران في التعاطف مع قضية الشعب البحراني ودعمها سياسيا واعلاميا هذا الدعم الذي توفر في ربيع الثورات العربية للشعب التونسي والمصري والليبي وبشكل خجول اليمني من قبل معظم الانظمة العربية والمجتمع الدولي فيما اخذت الاحداث في سوريا اهتماما خاصة وحظيت بمباركة ال سعود ومن لف لفهم بعد ان كانت المظاهرات والخروج الى الشوراع في نظر وعاظ الملوك وشيوخ الوهابية في مملكة ال سعود بدعة ومحرمة الا انها وفي سوريا وبقدرة قادر اصبحت واجبة وملزمة لاهداف واجندة طائفية ومذهبية واخرى لها علاقة بالمشروع الصهيوني ‘ نعم توفر هذا الدعم لتلك الثورات فيما كان غائبا كليا عن ثورة شعب البحرين بعد ان اتهمها شيوخ التكفير والتطرف والارهاب في تلك المملكة وفي الدوحة بالطائفية بل ولم يعترف بها القرضاوي كثورة واتهمها جزافا وبخلفية غير نزيهة بالطائفية كي يمنع دونها الدعم الشعبي في العالم العربي ويقطع اي امل في التعاطف معها .
ايران اعلاميا وسياسيا وقفت على مساحة واحدة مع جميع الثورات العربية وابرزت في وسائل اعلامها احداث الربيع العربي بتساوي الا ان الشيء المميز في التغطية الايرانية للاحداث هو في الوقت الذي تعاطت فيه امهات الفضائيات العربية بازدواجية واضحة مع الثورات العربية وظلمت بصورة كارثية ثورة شعب البحرين فان الاعلام الايراني تبنى تلك الثورة بمهنية خالصة ومشرّفة وهو ما اثار حنق ليس فقط عصابة الحكم في البحرين وانما احرج "فضائيات الثورة" في المنطقة وكشف عن ذلك الخلل الفظيع في العقل الجمعي الذي يقف خلف تلك الفضائيات واثبت ان ما يحكم سلوكياتها ليس مبادئ حقوق الانسان بل اجندة سياسية تطبقها بناءا على توصيات سلطوية صادرة من اروقة القصور الملكية والاميرية .ومن هنا ايضا نستطيع ان نفهم لماذا الادارة الامريكية قلقة مما يسمونه "النشاط الاستخباراتي" الايراني في البحرين ـ وكذلك اليمن ومصر ـ ومن تقارير كيدية يتم توصيلها الى تلك الادارة عبر عناصر غير نزيهة ومكابرة ومتواطأة مع الاسر الحاكمة في المنطقة حول حقيقة الثورة في البحرين والدور المزعوم لايران والذي لا يتعدى التعاطف الاعلامي وموقف انساني و سياسي قائم على مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان خاصة وان مايجري في البحرين يتجاوز التصور العقلي حيث جنون الانتقام الطائفي والتطهير او الابارتايد في صورته المذهبية قد فضح الداعمين لعصابة ال خليفة فضلا عن حلفاءها الاقليميين .فلا غرو بعد ذلك اذا لمس المراقبون دعم واضح وصريح اعلاميا وسياسيا من ايران وتخاذل معيب ومريب من قبل الاعلام العربي والنظام الرسمي في المنطقة ‘ ولا عجب ايضا اذا تفأجأ الامريكيون في يوم من الايام قيام ايران بدعم المظلومين في البحرين يتجاوز الصعيد الاعلامي او السياسي فيما يتواصل تدفق مختلف المساعدات واوجه الدعم لثوار ليبيا وللمعارضة السورية التي رقت لها قلوب الشرق والغرب! اما ثورة تونس ومصر التي يراد لها الوأد والالتفاف بثورة مضادة فهي مازالت تقاوم الاغراءات رغم تراجع الامور بشدة في الوضع التونسي .وبخصوص دور الاستخباراتي الايراني كما يزعمون فهو من نسيج العقول الخشبية المتعفنة التي ترى في اي تحرك شعبي وثوري بانه من صنع ايراني وترى في مثل هذ الاتهام خير وسيلة لاجهاضه والتشويش عليه وقد وقع الامريكيون في شباك هذا التشويه وصدقوا تقارير عملائهم الجبناء واعطوها قيمة لا تستحق وضعوا خلالها انفسهم في موقف الخصم لحركة الثورة الشبابية الشعبية في البحرين ونسوا ان ايران رغم التزامها الاخلاقي بدعم المظلومين في البحرين وفسح المجال للثوار بايصال صوتهم عبر اعلامها الى الخارج فانها اي ايران تعتبر رقما صعبا وكبيرا جدا في المنطقة باستطاعتها في اي لحظة قلب الطاولة على الجميع خاصة وانها تشكل اقوى قوة بشرية وعسكرية في المنطقة وانها تمثل مع العراق وثوار اليمن وفقا لما ذكره الاعلامي والناشط السياسي القيادي الاستاذ كريم المحروس في الخليج اكبر تجمع سكاني ليس من مصلحة ادارة اوباما والامريكان معاداتها ودعم خصومها الزائلين .
حسن البحراني
https://telegram.me/buratha