اسعد راشد
وهكذا تدور الدوائر! بالامس كان العراقيون عملاء واذناب الامريكان ‘ وقد اتهم ابناء بعرب ابناء الرافدين بانهم قد ركبوا السلطة عبر الدبابات الامريكية واليوم يأتي السفير فورد الامريكي عبر سيارته وموكب من السفارة الامريكية الى حماة ليتم استقباله بالورود وقد وصل الامر بان يشارك السفير المتظاهرون في الشوارع في احتجاجاتهم حتى وصف احد المراقبين الحفاوة التي لاقاه في المدينة المحررة بانها تاريخية ولا قبل لها ‘ بعكس موكب السفارة الامريكية في القاهرة ابان الثورة المصرية حيث دهست سيارة موكب السفارة المتظاهرين في الشوارع القريبة لساحة التحرير ‘ظاهرة ملفتة في اشارة الى عدم ارتياح الموقف الامريكي من تحرك الشارع المصري ضد نظام مبارك في مصر فيما العكس هو الذي يحصل في سوريا حيث يحظى الشارع المتظاهر بمباركة امريكية واضحة .
ولكون ان الاغلبية في العراق هم من الشيعة فان الخطاب الطائفي هو الطاغي في التعاطي مع القضية العراقية ومع المشهد السياسي الذي صاغه ابناء العراق بدماءهم وبمقابرهم الجماعية التي وزعها على ربوع العراق ابن صبحة المقبور ابان حكمه الاجرامي الدموي الطائفي ‘ واليوم ذات الخطاب يغطي المشهد السوري عبر اعوان ال سعود واشباه الرجال الوهابيين من امثال عرعور وملعون والذين تصدح اصواتهم النابحة مسامع اتباعهم ليجيشوا باتجاه اجندة مملكة ال عبد الوهاب والعتاة الفسقة من ال سعود المجرمين .
ليس هناك اي تفسير لتلك الحفاوة التي لا قاها السفير الامريكي في حماه السورية سوى ان الثورة السورية تحظى بمباركة امريكية واضحة وان المتظاهرين رغم احقية مطالبهم في النيل بحقوقهم السياسية والتخلص من مشاهد الظلم في بلادهم ‘ والمفارقة هنا ليست في اصل الزيارة التي قام بها السفير الامريكي ولا في دور دول الغرب واامريكا في دعم تحرك الشعوب وانما في الازدواجية التي يتعاطى بها الاعراب والمتمذهبين والطائفيين مع قضايا الشعوب ومطلبهم .
لقد بكوا على العراق بعدما تخلص شعبه من النظام الصدامي والبعث العفلقي الذي حكم العراق بالحديد والنار وقد ذبح من ابناء الرافدين اعداد غفيرة تتجاوز سكان حماه وحلب في زمن قياسي لم يخطر ببال احد ففي يوم واحد في الانتفاضة الشعبانية قتل اتباع البعث الاموي الصدامي في كربلاء المقدسة اكثر من 17000 انسان وقد تجاوز هذا العدد في المدن الجنوبية ليصل الى المئات الالاف اما في كردستان العراق فحملة الانفال لوحدها انتجت عن ابادة اكثر من 180الف انسان ‘ بكوا على العراق لان النظام الذي كان يحكمه قد اباح لهم استباحته ونهبه وسرقة خيراته وذهاب ريع نفطه الى جيوبهم ‘ بكوا على العراق لان النظام الذي قد حل محله قد انتخبه الشعب جاء بتصويت الاغلبية الساحقة من ابناءه ‘ بكوا على العراق لانهم قد خسروا المصب الذي كان يمدهم بالمال الحرام والسحت الذي كان يذهب الى بطونهم ‘ هذا العراق قد تحرر بارادة الشعب العراقي ولم يكن التدخل الخارجي الا بارادة دولية خارجة عن ارادة العراقيين .
ماذا يمكن وصف التحالف السني الامريكي في سوريا وليبيا من اجل اسقاط النظامين العربيين ؟ وماذا يمكن ان يعتبر ادعياء العروبة التدخل الغربي السافر وبـ "كارت اخضر" من الجامعة العربية السنية لقوات الناتوا في ليبيا ؟ ماذا كان يفعل السفير الامريكي فورد في حماه يوم امس ووسط جموع المتظاهرين الذين رشقوا سيارته بالورود ؟ولماذا لم يستنكر وعاظ السلاطين ودعاة المقاومة هذا التدخل الامريكي والغربي في سوريا وتحريضهم الواضح للشارع على العصيان والاضطرابات في البلاد وتشجيعهم في يوم اعلان "ان لاحوار حتى اسقاط النظام" على رفض الحوار ؟؟ ماهذه المفارقة بين المشهد السياسي في سوريا ونظيره الاخر في ليبيا؟!! اوليس الشعار المرفوع في عالم اليوم الذي يسوده قانون العلاقات الدولية ومنهجية الحوار في حل النزاعات الدولية والاقليمية هو الجلوس على الطاولة المستديرة لتطبيق سبل حل تلك النزاعات عبر الحوار ؟؟ فلماذا اذن الحوار مرفوض مع النظام في سوريا رغم قبول هذا الاخير بمبدأ الحوار وشروعه بتطبيق الاصلاحات رغم حالة البطئ الا ان انها تعتبر الخطوة الاولى نحو الاهداف الكبيرة للشعب السوري؟ ورغم علمنا ان النظام السوري مازال بحاجة الى خضة كبيرة لاخراجه من شرنقة الديكتاتورية ونظام الحزب الواحد ؟ فيما هذا المبدأ يفرض بقوة السلاح والقمع والضغوط على شعوب اخرى من اجل ان لا تنال حقوقها وتظل ترزح تحت الظلم والاستبداد؟اين اولئلك الذين اتهموا الشعب العراقي وابناء الشيعة بالعمالة للاجنبي والاستقواء بالخارج وهم اليوم يتوسلون بالغرب وامريكا من اجل تخليصهم من بعض الانظمة التي لا تناسب ذوقهم الطائفي او العنصري او حتى السياسي؟العراقيون نالوا الامرين من النظام البعثي من جهة ومن النظام العربي الرسمي من جهة اخرى وفي خضم ذلك وقفت بعض الشعوب موقف المساير والداعم لنظام القمع والاجرام في بغداد وبعد التخلص من صدام لم يكفوا ايديهم وتامرهم على ابناء العراق بل استمروا في نفس الادوار ولكن هذه المرة عبر شبكات الارهاب والقتل والتفجير التي يقودها لهذا اليوم ايتام البعث الصدامي واذناب ال سعود الوهابيين والسلفيين المجرمين‘ هم انفسهم الذين يقودون المتظاهرين في سوريا عبر قناة التكفير الوهابي الصفا وغيرها من القنوات الطائفية وقد كانوا بالامس يحرضون الشارع السني ضد ابناء العراق ‘ ومازالوا يحرضون وسوف يزداد خطرهم في ما لو تمكنوا من الحكم في سوريا وازاحوا نظام الحالي حيث سوف يتشكل تحالف وهابي على مستوى المنطقة كلها من اجل الاستمرار في مشاريع الذبح والقتل ونشر الارهاب والفتنة والحروب خدمة لال سعود وللحفاظ على عروشهم الظالمة .فهل يعي الشعب العربي حقيقة ما يجري من حوله ويدرك خطورة المخطط الوهابي السعودي وجهنمية الاهداف التي يسعون لتحقيقها شرذمة في تلك المملكة الفاسدة ؟
https://telegram.me/buratha