كريم الوائلي
يجتاز العراق في المرحلة الراهنة حالة الاعداد للنظام الديمقراطي الرشيد والذي يضع المؤسسات الدستورية موضع التطبيق التام ، ولم ينفرد العراق بالمرور بهذه المرحلة فكثير من الانظمة الديمقراطية ان لم يكن جميعها قد اجتازة هذه الحالة بطريقة او بأخرى وتتميّز مرحلة الاعداد للنظام الديمقراطي في العراق بميزة التجريب والاختبار واستنباط البدائل والآليات للوصول الى افضل الخيارات التي تتوافق مع خصوصية الحالة العراقية . وعلى الرغم من الاهمية القصوى للشروع الفوري والمستمر في ترويض التجربة العراقية على التعاطي مع الديمقراطية بوصفها خيار لا حياد او بديل عنه ، إلاّ انه من الفيد ايضا ان لا نغالي بالاخد بنتائج الانتخابات دون النظر في الظروف الموضوعية المحيطة بالتجربة وما يكتنفها من حلقات لم تتح لها الظروف ان تنضج بعد ، بل ، ان خيار الشراكة الوطنية هو وصقة علاجية لازمة يمر بها العراق بحق وحقيقة وهي في الاساس ازمة حكم بكل ما تعنيه هذه المفردة من معان ، وعلى ذلك فأن الشراكة الوطنية تمثل خيارا وطنينا لا بد منه في التحولات الديمقراطية ، بل ، ان الشراكة الوطنية تمثل نمط من انماط الديمقراطية الذي يستند الى التوافق والتراضي ويلجأ الشركاء لهذا النمط في مرحلة التحولات الديمقراطية لتذليل الازمات الناجمة عن تغيير النظام من نمط دكتاتوري استبدادي الى نظام ديمقراطي ، وغالبا ما تلجأ البلدان التي تتبنى نظاما ديمقراطيا فتيا الى الشراكة تلافيا للازمات التي تصاحب عادة التحولات وهي ازمات حتمية الحدوث وتتطلب قدرا كبيرا من الصبر والمطاولة في التعامل معها كونها من الخطورة بمكان ان تهدد المشروع الوطني برمته ، غير ان الشراكة ، هي الاخرى ، تستلزم شروطا وفضاءات وطنية يلتقي عندها الشركاء ويقع في مقدمة شروط الشراكة الايمان بالمشروع الوطني والتفاني في صيانته والمضي في ترسيخه وتوفير اسس تطبيقه من خلال انبثاق حكومة شراكة وطنية حقيقية تأخذ بزمام الازمة نحو الحلول الناجعة . ان من اهم شروط الشراكة استعداد كل الاطراف على تبني الحوار بوصفه الوسيلة الوحيدة لوضع اسس الشراكة والاستحقاقات المترتبة عليها وذلك من خلال تبني اطروحة طاولة الحوار المستديرة لسماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والتي تلبي حاجات الشركاء النفسية والموضوعية وتضعهم وجها لوجه امام ازمات بلدهم وما يحتاجه في المرحلة الراهنة ومن ثم اذعان الجميع لمتطلبات انضاج وصيانة المشروع الوطني بوصفه يحقق مصالح العراق العليا ويصونه من تقسيم ترابه الوطني ويضمن استقلاله المنجز ويمهد الطريق الى النظام الديمقراطي الرشيد والحقيقي والذي من شأنه ان يحقق العدالة ويضع المؤسسات الدستورية موضع التطبيق كما هو الحال في البلدان ذات التقاليد الديمقراطية الراسخة .ان الشراكة تتطلب ايمان منقطع بالمشروع الوطني وتبني وسيلة الحوار كوسيلة وحيدة للخروج من الازمات وبدون هذين العاملين تبقى الازمات والجمود آفة ملازمة للعملية السياسية غير ان الشراكة تمثل في حقيقة الامر وصفة لعلاج امراض مؤقتة ، ولن تكون بديلة عن النهج الديمقراطي المؤسساتي الذي يتطلع اليه الشعب العراقي بعد عهود طويلة من الاستبداد وعلى ذلك فأن المعنيين بالتحولات الديمقراطية يحذورن من التعاطي مع التوافقات الى الحد الذي يجعلها امرا واقعا يفضي الى التعايش مع الازمات وعلاجها بالامصال المسكنة والوقتية ، واذا ما حدث ذلك فأن جماهير الشعب العراقي قد تندفع الى الشارع تطالب بحجب الثقة عن الحكومة الامر الذي يفتح الازمة على ازمات متفرعة تستغلها المجاميع الارهابية والقوى المضادة للمشروع الوطني .
https://telegram.me/buratha