محمود الشمري
تعلمون جيدا يا سادتي ان بلدنا وشعبنا يمر اليوم بأكبر تحدي عبر تاريخه الطوبل .. أنه بأختصار هو أن ( أكون أو لا أكون ).. أي أن يكون بلدنا محررا من رجس التسلط البعثي وشعبنا حرا أبيا أو يبقى سيف الديكتاتورية مسلط على أعناق أبنائه. وها أنتم ترون بأمهات أعينكم مدى الهجمة الوحشية التي يتعرض لها شعبنا لأنه رفض الديكتاتورية البعثية , وها أنت ترون أيضا مدي الأجرام الذي أسس له أخوة لنا في الدين والوطن و في العروبة حيث بعثوا ببهائمهم لتقتل أشرافنا وعامتنا لا لشيء الا لنزعة عمياء لا أريد تسميتها ولتعاطف مع دكتاتور قل نظيره عبر عمر البشرية . أن نظام البعث الخائب الذي يعتبر من أعتى الأنظمة الديكتاتورية التي شهدتها البشرية عبر التاريخ ما كان ليزول ويتشتت ويسقط لولا أن تظافرت جهود جميع الشرفاء, مواطنين في الداخل ومناضلين في الخارج ,وأيضا أرادة المجتمع الدولي. أن جميع البشر الأسوياء أينما كانوا لا يرضون بأي صورة من صور الأحتلال الأجنبي.. وليس البشر فقط وانما الحيوانات والحشرات وغيرها لا ترضى بأي دخيل يتسلط عليها بل وتقاومه.ولكن لا تنسوا يا سادتي أن للضرورة أحكام .. والعاقل من يحكم عقله ويجعله دليله, وليس العاقل من يركب رأسه ويكابر ويضع نفسه في مأزق جسيم .أن الله سبحانه وتعالى كرّم بني ادم بالعقل, ومن عمليات العقل هو التفكير , التفكير العقلاني الواقعي المبني على الحقائق وعلى التفحص ومن ثم الأستنتاج وأخيرا اتخاذ القرار المناسب لتحقيق مصالحه ومن ثم الوصول للخير و للسعادة. وأن من سمات العاقل هي أن لايتبع السفهاء وأن لايخوض مع الخائضين بل ينأى بنفسه ويقدّر أموره بدقة ويتحرك على أساس ذلك.
نحن جميعا نؤمن بأن المصلحة الوطنية هي التي جعلتنا نرضى منذ عام 2003 بوجود قوات احتلال في اراضينا ومن ثم قبلنا بألأتفاقية الأمنية.اذن المصلحة الوطنية لعبت دورها الحاسم ها هنا وهي تلقائيا تسلطت وهزمت الشعارات وهزمت المتاجرين بها وأفحمت مراهقي السياسة.أنا أؤمن ياسادة بأن الكثيرين من رجال السياسة عندنا هم ناس شرفاء ويريدون مصلحة البلد , ولكن لا تنسوا بأن السيئين على قلتهم فأن لهم تأثيرا قويا لأنهم يتصيدون في الماء العكر ويتبنون شعارات براقة لها وقعها في القلوب ولكنهم يستعملونهاأستعمالا خبيثا, أي (كلمة حق يراد بها باطل) .أسألكم بالله عليكم .. هل رأيتم طوال حيواتكم برلمانا متصارعا ومختلفا مثل برلماننا؟ لقد قام أولئك الأوغاد المتصيدين في الماء العكر بخلط الأوراق وأشاعوا البلبلة والصراع في صفوفه .هل سمعتم بحكومة متصارعة مثل حكومتنا؟ لقدأستطاع أولئك من زعزعة االثقة وخلقوا المتناقضات .وهل سمعتم برئيس وزراء لا يستطيع محاسبة وزراءه؟ أم هل سمعتم بفساد أداري بقدر ماموجود عندنا ؟وهل سمعتم بنواب منتخبون يهددون ويتوعدون بالويل والثبور ويعترفون بقيادتهم لمجاميع مسلحة ومليشيات خارج نطاق القانون ولا أحد يستطيع مسائلتهم خوفا من سطوتهم ؟أذن يا سادتي كيف سيكون الأمر أذا خرج الشرطي الأمريكي الذي له بعض من هيبة في قلوب اولئك المسيئين ؟هل سمعتم بجيش وطني عقائدي يدفع المتطوع لصفوفه رشوة لغرض الألتحاق به. أسألوا كل جندي عراقي التحق بصفوف الجيش بعد عام 2005 عن مبلغ الرشوة الذي دفعه ولماذا؟ سيجيبكم بانه أراد الالتحاق بالجيش من أجل المرتب ولذلك فقد دفع الرشوة .فكيف نطالب شخص أبتدأ حياته المهنية بدفع الرشاوي أن يقاتل ويستبسل في القتال ؟. أنا شخصيا سألت صديقي الرائد الذي كان يقود القوة التي تعرضت لكمين ارهابي في شارع حيفا في نهاية عام 2007 وأستشهد على أثرها 9 جنود عراقيون, سألته عن طبيعة المعركة , فأجاب .." يا أخي ما أن أبتدأ أطلاق النار حتى أختبأ الجنود داخل الهمرات ومن ثم هربوا الى داخل أحدى العمارات. أما أحدى الهمرات وكان بداخلها ضابط برتبة ملازم أول وعدد من الجنود فقد هربت من ساحة المعركة وعادت الى الوحدة تاركة الأخرين يلاقون مصيرهم أمام مجموعة من افراد العصابات التي لا تصمد امامنا لو قاتلنا لربع ساعة ." قلت ولكني سمعت بأن المدد قد أرسل لكم من معسكر العدالة .. قال ..لم يصل أحد. "أتعرفون لماذا لم يصل المدد يا سادة ؟ لأن الهمرات المدججه بالجنود المسلحين الذين أرسلوا للدعم من قبل أفواج متعددة لم يكن يجروء أي منهم بالدخول الى شارع حيفا وانما بقوا ينتظرون على طول الشارع المحصور بين مستشفى الكرخ الجمهوري ومديرية تربية الكرخ, حتى حضرت 3 همرات أمريكية تابعة لفريق التدريب فأقتحمت الشارع فتبعتها الهمرات العراقية . أنا أؤمن يا سادة بأن بعض من جنودنا هم رجال شجعان ومقاتلون أشداء ويجب أحترامهم والأشادة بهم , ولكنهم قلة قليلة لا تساوي شيئا أمام المتخاذلين والمرتشين الذين يساهمون باحباط الشجعان والتسبب بقتلهم . هل تعلمون يا سادتي متى يقاتل هؤلاء ببسالة ؟ أنهم يقاتلون عندما يتأكدون بأن عدد الأرهابيين هو بعدد أصابع اليد الواحدة , وان القوة التي هم جزء منها هي أكبر بعشرات المرات , فأنهم يستأسدون ويستبسلون والّا فأن أحدهم يرفع شعار (فليقال عني الف مرّة جبان ولا مرّة واحدة الله يرحمه). ولكم في عملية أقتحام مجلس صلاح الدين وغيرها خير مثال , فأن عدد الحراس أكثر من خمسين هربوا من الشبابيك والأسيجة أمام مجموعة أرهابية ضئيلة .وهل سمعتم بقصة احد أزقة مدينه الشعلة في شتاء عام 2009 عندما هاجمته قوة خاصة من الجيش العراقي لغرض أعتقال شخص متهم بقضية أختطاف.لقد حطمت القوة كل السيارات المتواجدة في الزقاق . كسرت ابواب المنازل , ودخلت عشرات البيوت بغير استأذان وحفرت السقوف والحيطان ودمّرت الزجاج والاثاث. والله ياسادة لقد رأيت بأم عيني كل ذلك ورأيت الطفل الذي أحترق نصفه الأسفل بالماء الحار بعد أن ركل أحد الجنود المدفأة التي كان يغلي عليها الماء لغرض تحضير الشاي. ووالله لقد رأيت كل الذين سلبهم جنودنا تلفوناتهم , وكلمت الشيخ الذي صفعه أحد الجنود بعمر أحفاده عندما أراد أن يسلبه تلفونه ولكن الشيخ أكد له أن جندي أخر قد سبقه وأخذ الموبايل.فكيف بنا يا سادة أذا خرج الجيش الأمريكي الذي له بعض من هيبة في صفوف بعض من جنودنا ؟هل سأل أحدكم يوما نفسه عن مصدر هذه الكميات الهائلة من الأسلحة والأعتدة وبراميل البارود التي يستخدمها الارهاب. من أين تدخل ؟ وكيف تدخل ؟ الجواب ياسادة , أن معظمها يدخل من منافذنا الحدودية الرسمية المحمية بواسطة قواتنا الأمنية وجيشنا الوطني مقابل مبالغ زهيدة من المال الحرام . وكذلك بهائم القاعدة فأنهم يدخلون العراق بكل حرية وبدون الحاجة الى التسلل عبر الحدود. أنا شخصيا عدت من الأردن ولم تفتح حقائبي ولم تفحص مقابل دفع مبلغ ضئيل من الدولارات جمعها سائق الحافلة من كل راكب بالقوة والّا فأنه التأخير والروتين, وأعطاها لل ( الشباب) المسوؤلين عن التفتيش, وكان بصحبتي بالحافلة عدد من الأشخاص الذين تدل هيئاتهم على أنهم ليسوا عراقيين والذين لم ينبسوا بأي كلمة طيلة فترة الرحلة بين عمان وبغداد. أما رحلة الأسلحة والأعتدة داخل الأراضي العراقية ووصولها الى اماكن تخزينها فأنها تتم أيضا بدفع مبالغ من الرشى ضئيلة (لبعض وليس لكل) الشباب المساكين الواقفين في السيطرات في الحر وفي البرد. أنا لا أريد أن أرسم صورة مأساوية لوضع قواتنا الأمنية ولكني فقط أريد أن أعبر عن عن رأيي الشخصي ورأي الكثيرين من المنسحقين والمتضررين والمنكوبين من أبناء شعبنا بيد عصابات البعث اللعين المتحالفة مع بهائم القاعدة سابقا وحاليا.لذلك أقول , أن علينا أن نضع الشعارات جانبا ونعتزل المتاجرين بها وما أكثرهم اليوم , وننظر نظرة واقعية الى مصلحتنا الوطنية , ونتحاور بأخلاص ونسأل الأختصاصيين عن مدى جاهزية قواتنا الأمنية وقدرتها على حماية بلدنا في الداخل وفي الخارج وأن لا ننساق وراء مروجي الشعارات, ولنعلم بأن بعض منهم يبيتون أمورا رهيبة ويريدون خروج الأمريكان ليفرضوا ارائهم ومعتقداتهم بالقوة , بعضهم يعتمد في ذلك على قاعدة شبابية غير قادرة على التمييز بين الغث وبين السمين, وبعضهم يعتمد على عصابات أجرامية وبعضهم يعتمد على عصبية مقيتة , وأن لا نجري وراء المغامرين والمراهقين السياسيين الذين يفتقرون تماما الى النظرة السياسية الواقعية.أن علينا ياسادتي أن ندرس الأمر بكل دقة ونحدد موقفنا من التمديد للقوات الأمريكية أم أنهاء عملها وبدون أي شعور بالأحراج وأن لا ننساق, ولا ننجر وراء أصحاب النيات السيئة الذين يريدون تدمير بلادنا وأحراقها وقتل شعبنا لغاية سيئة في نفوسهم المريضة.
https://telegram.me/buratha