قيس السهلاوي
استقالة نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ليست حدثا عاديا ,بل حدثا مميزا وسط مشهد سياسي مخيب للامال ومثير للاحباط وسط تدافع وتزاحم وتقاتل على المناصب والكراسي . انفرد المجلس الأعلى بمبادرة سياسية نادرة الحدوث في التاريخ السياسي العراقي الحديث عندما تقدم مرشحه لمنصب نائب الرئيس لتقديم الاستقالة رغم خبرته الواسعة وحاجة رئيس الجمهورية اليه ,لكن لعادل عبد المهدي والمجلس الاعلى كان لهم رأي اخر ,حيث فضلوا احترام ارادة الشعب والنزول عند رغبته في عدم تحويل الحكومة ومناصبها الى وسيلة للجاه والسلطة وعلى حساب معاناة ابناء الشعب العراقي الحقيقية .ليست هذه المرة الاولى التي يتقدم بها المجلس بمثل هذه المبادرات التي تعكس وطنيته ومآثره الخالدة وهي ليست منة منه على احد ,بل شعور وطني من الصميم بان خدمة العراقيين وأبنائهم هي في المقام الاول ويجب أن يكون السلوك السياسي الرفيع التناغم مع إرادة الشعب العراقي و في مقدمة الخطوات والأهداف . لقد صم الكثير من المسؤولين والحركات السياسية في البلاد اذانهم عن نداء المرجعية بضرورة تقليص المناصب الحكومية وتقنين الرواتب والاجور التي يتقاضاها كبار المسؤولين وما تضيفه هذه المناصب من ثقل على ميزانية الدولة ,بل فضلوا السير في ركاب المطالبات بهذه المناصب واتخام الحكومة بها رغم عدم ضرورتها وهذا نابهع من السلوك الاناني والرغبة في البحث عن المناصب وتجاهل إرادة الشارع العراقي الذي يجد في هذا التضخم الحكومي في المناصب والوظائف واستحداث بعضها رغم انه ليس موجودا في نصوص الدستور والذي يمثل في نظره استهانة بارئه وحقوقه السياسية وتحويلها الى منصات للكسب غير المشروع وتدوير المناصب وحرمان من هو احق بها . لقد شكلت الانتخابات البرلمانية الأخيرة موقفا سياسيا معقدا دفع الى تاجيل تشكيل الحكومة لفترة طويلة وادت الى مشاورات سياسية فيما بينها استغرقت وقتا طويلا ولكن بالنتيجة ظهرت تشكيلةة وزارية تعد الاكبر في تاريخ العراق السياسي الحديث ,حيث ارتفع رقم الوزارات الى اكثر من 42 وزارة رغم عدم ضرورية عدد منها ,إضافة الى استحداث ثلاثة مناصب لنيابة رئاسة الجمهورية رغم ان الدستور نص على واحد منها فقط . هذا التوسع في عدد المناصب أصاب الاداء الحكومي بالترهل وأفقد الكثير من فاعليته وحيويته وجعله يصاب بالتخمة رغم انه قد كان بالامكان تقليص العدد وفق قاعدة تفاهمات سياسية تتقدم على المصالح الحزبية الضيقة .المجلس الاعلى ادرك بان الربح على حساب الشعب العراقي هو خسارة من الجانب المعنوي لان الشعب العراقي يرغب في رؤية طبقة وكتل سياسية وحزبية واعية تخلص في عملها له لا ان تتحول الى مؤسسات ربحية على حساب معاناته لذا فانه تقدم بهذه المبادرة استجابة لنداء المرجعية اولا ولحث الكتل السياسية على التقدم بمبادرات مشابهة ونبذ الخطاب الفردي الأناني ولمنح العملية السياسية دفعة معنوية قوية تسهم في حل الوضع الراكد وتحريكه وتقديم درس سياسي بان الأحزاب والكتل السياسية ينبغي ان بان لا يكون هدفها تحقيق الارباح والمكاسب ,بل التنازل واحترام ارادة الشارع العراقي وإعطاء النماذج والدروس الوطنية بأنها جديرة حقا باحترامه وثقته .
https://telegram.me/buratha