احمد عبد الرحمن
تؤكد وتثبت تجارب الاعوام الثمانية الماضية التي اعقبت سقوط نظام البعث الصدامي، وكذلك تجارب العقود التسعة المنصرمة التي اعقبت تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عام 1921، ان التوافقات الوطنية تأتي في كل الاحوال والظروف بأفضل النتائج واحسنها لجميع القوى والكيانات والمكونات، وان التدخلات الخارجية كانت تجلب دائما المشاكل والازمات والمآسي والكوارث ان عاجلا ام اجلا. ولسنا بحاجة الى ان نتوقف طويلا عند صفحات ومحطات تأريخنا الحديث والمعاصر حتى نتيقن مما ذهبنا اليه لان كل الامور واضحة وجلية بما فيه الكفاية. واليوم ونحن العراقيون جميعا نقف عند منعطف حساس وخطير، وعند محطة حاسمة، علينا ان لا نقع في اخطاء وقعنا فيها او وقع فيها اخرون في اوقات سابقة، وعلينا ان نفرز بين المناهج الصحيحة والمناهج الخاطئة، وعلينا ان نضع معايير وطنية عامة نحتكم اليها لنحسم خلافاتنا واختلافاتنا ونلتقي عند نقطة معينة، ونجتمع على رؤية واحدة. مقومات وعناصر التوافقات الوطنية كثيرة وكبيرة، وما يجمع بين الشركاء في الوطن الواحد اكثر مما يفرقهم، والتنوع الفسيفسائي للمجتمع العراقي، قوميا ودينيا ومذهبيا وطائفيا وعشائريا، يمثل نقطة قوة اكثر منه نقطة ضعف. واذا كانت قد حدثت مشاكل وازمات بين بعض مكونات المجتمع العراقي الواحد في الماضي البعيد او بالامس القريب ، فليس لان هناك خللا في منظومة العلاقات والروابط الاجتماعية والسياسية والثقافية بينها، وانما لان قوى واطرافا خارجية دخلت على الخط وارادت ان تفرض خياراتها وتمرر اجنداتها وتملي اراداتها، وربما لا يغيب عن بال الكثيرين من ابناء الشعب العراقي مبدأ "فرق تسد" الذي عملت به قوى خارجية دولية في دول مختلفة من بينها العراق، وكانت له اثارا ونتائج سلبية مازال جزء منها ماثلا لنا بمظاهر واساليب وسياقات شتى. واذا كنا في هذه المرحلة الحرجة والحساسة امام خيارين، الاول، الجلوس مع بعضنا البعض لنحدد مساراتنا الصحيحة ونضع النقاط على الحروف، والثاني طرق ابواب الاخرين ليحلوا لنا مشاكلنا، فالاولى بنا ان نلجأ الى الخيار الاول مع ما فيه من صعوبات ومشاق، لانها بالتأكيد لن تكون اكثر من تبعات واستحقاقات الخيار الثاني.
https://telegram.me/buratha