قيس محمد علي
عدالة السماء
يواجه عزيز صالح النومان حكما بالاعدام شنقا حتى الموت في قضية الانتفاضة الشعبانية .وقال قاضي محكمة الجنايات العراقية العليا إن "المحكمة حكمت على عضو القيادة القطرية المدان عزيز صالح النومان في قضية الانتفاضة الشعبانية التي وقعت خلال العام 1991 ضد النظام السابق، بالاعدام شنقا حتى الموت لارتكابه جريمة القتل كجريمة ضد الانسانية وفق احكام المادة(12/اولا/أ) وبدلالة المادة (15/اولا وثانيا وثالثا) من قانون المحكمة الجنائية العليا رقم 10 لسنة 2005 المعدل واضاف القاضي " وفق احكام المادة (406/1/أ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، المعدل واستنادا لنص المادة( 182/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971، المعدل..
ليلة القبض على عزيز صالح النومان كانت تلك الليلة فاصلة مهمة في حياة القيادي البعثي الكبير للتحول الى فأر صغير محصور بين اربعة جدران ضيقة ، بعد حياة حزبية حافلة بالمتناقضات والعنف والقتل والابادة والتدرج الوظيفي السريع من مراقب زراعي مغمور في قضاء الشطرة بالناصرية ( خريج اعدادية الزراعة )الى قائد في الجيش الشعبي ثم محافظا للنجف وكربلاء، ثم وزيرا للزراعة وعضوا في القيادة القطرية للحزب المنحل ، وحاكما للكويت الاوحد وووو....!!كل الاخبار كانت تشير الى ان عضو القيادة القطرية عزيز صالح النومان قد تمكن من الهرب الى خارج العراق لماضيه المتخم بالانتهاكات والجرائم ، وكان يعلم جيدا بانه مطلوب اولا من ابناء جلدته وعشائر مدينته ، الا ان القوات الامريكية كانت لديها معلومات اكيدة حصلت عليها من اعترافات رفاقه ، واجهزة التصنت المتطورة ، بوجوده في منطقة المنصور في بيت احد اقاربه وفي مخبأ غير رسمي !في ليلة 22 من شهر ايار من عام 2003م اقتحمت قوة امريكية مخبأه السري في دار بمنطقة الداوودي والقت القبض عليه دون مقاومة ! اعترف على اثرها فورا بعد انهياره واستسلامه واوضح انه اضطر للاختباء في دار الرفيق علاء المولى ( وهو اعلامي بعثي عمل سكرتيرا لوزراء الاعلام حامد يوسف حمادي ومحمد سعيد الصحاف ومديرا لاذاعة الجماهير وتلفزيون بغداد وينحدر من الناصرية ايضا ) الذي قام بمساعدته كثيرا للتواري عن الانظار بعد ان كشفت او قصفت كل المواقع البديلة وفشلت ايضا سبل الهروب الى خارج البلاد خوفا من بطش الناس الغاضبين حيث كان يقوم بتوفير مستلزمات الغذاء والدواء له بحكم القرابة والمصاهرة التي كانت تربطهما ، كونه خال زوج ابنته ( علي طالب المهندس ) و الذي ضحى من اجل توفير داره كملجأ آمن و انتقل ليسكن في بيت شقيقته في المنصور من اجل ذلك ( وفقا لما جاء في وثائق استجوابات المحقق جورج بيرو الضابط في مكتب المباحث الفيدرالي ( اف . بي . آي . ) الذي قام بالتحقيق مع صدام والمطلوبين 55 من اركان نظامه التي تم نشرها في الموقع الرسمي للارشيف القومي الامريكي في 1/7/ 2009 والتي تم نشرها في جريدة عالم اليوم في وقت لاحق .
سيرة انفتحت ..ملفات الاجرام كثيرة ومتشعبة لعزيز النومان فهو متهم بالكثير من الجرائم والانتهاكات ضد الانسانية والتنكيل بالشيوعيين والاسلاميين والكرد الفيليين وتهجيرهم كما انه متهم بقمع الانتفاضة الشعبانية ، ، ومتهم بأنه وراء الفظائع التي ارتكبت ضد مواطنين كويتيين ابان غزو الجيش الصدامي لها ، بالاضافة الى تدمير المراقد المقدسة والاضرحة والحسينيات.ويعتبر عزيز صالح النومان المتهم بالقيام بفضائع ضد ناسه وابناء جلدته ويعد واحدا من أخطر الأيدي القامعة والضاربة لشعبنا العراقي، ولايقل إجراما عن رفيقه وسيده (ابن عم الطاغية ) علي الكيمياوي ، الذي قام بكبح جماح المظاهرات والانتفاضات في الناصرية وعموم المحافظات العراقية ، وساهم مساهمة فاعلة في إخماد الإنتفاضة الشعبانية .موظف مغمور تدرج كما اسلفنا من وظيفة مراقب زراعي في الشطرة الى مناصب حزبية متقدمة كلما اوغل في البطش والاجرام بحق ابناء مدينته حتى صار مسؤولا للبعث البائد في الشطرة في مطلع الثمانينات، ثم قائمقاما لها، قبل أن يُعين محافظا لمدينتي كربلاء والنجف على التوالي، وكانت بصمته الاجرامية واضحة بحق العلماء والمراجع والمدنيين الشرفاء وشيوخ العشائر الاصلاء في تلك المدينتين .
اسد على اهله وجريدي عند الطاغيةفيما كان صدام يعظم ويغني ويرفع من شأن اهله وافراد عشيرته ويجعلهم وارثين لكل موارد العراق ، كان بالمقابل ابناء الناصرية والجنوب والوسط من البعثيين الذين تقدموا في الحزب وتدرجوا المناصب الحزبية ، كالجرذان عند اسيادهم ، عبيدا اذلاء لاخير فيهم على اهليهم ولا على مناطقهم بل اجزم انهم صعدوا على اكتاف الفقراء ودماء الاحرار والتنكيل بالافاضل من العلماء والاشراف من شيوخ العشائر وبالاخص عندنا في الناصرية ، واتحدى اذا قام احدهم بتبليط شارع او بناء مدرسة او تشييد معمل ، وانما كانوا جرذانا ممقوتين ، وخدما طائعين وللشرف بائعين ، فئران اذلاء بين يدي اسيادهم الطغاة واسود على اهليهم وناسهم !بالمناسبة اتذكر بان النومان كان يراس وفدا من اهالي النجف في لقاء مع صدام المقبور الذي يتحدث عن الشرف والوطنية والشجاعة فقال النومان معقبا شكرا سيدي لقد علمتنا اشلون يصير الشرف ! فتحولت هذه الى نكتة بالشارع العراق حينها على عديمي الشرف الذين باعوا كل ما يمت الى الشرف بصلة ! وعندما اندلعت الإنتفاضة الشعبانية في الناصرية قام النومان بصحبة الكيمياوي، بأعمال شنيعة وتصفيات واسعة وقتل للمدنين في المدن والقصبات التابعة للناصرية بابشع صورها، وعلى رأس قوات كبيرة من الأمن الخاص والحرس الجمهوري، وكان صدام قد خصصهما لذبح أهلنا في الجنوب ، وأخيرا وقبل أن تصل القوات إلى الناصرية بحوالي عشرين كيلومترا، نزل النومان والكيمياوي في أراضي عشائر آل صكَبان ، وقاما باطلاق المدافع الثقيلة والراجمات على الطيبين من اهلنا ، حين راحت تدك مدينتنا العزيزة بلا رحمة، وشاهدنا طائرة (هليكوبتر) كانت تقف عمودية في سماء المدينة، فترة طويلة قيل في وقتها أن المجرمين كانا يراقبان السكان من نوافذها، وهم يتساقطون بين جريح وقتيل، وهارب إلى الضواحي من شدة القصف، وقد أخذت الجميع حالة من الخوف والهلع زادها بكاء الأطفال وعويل النسوة، وسقط شيوخ وكبار السن في الشوارع من شدة الإعياء!! وكانت هذه إحدى مصائب نظام البعث البائد شهدناها بأعيننا وعشناها، لأننا كنا مع الناجين إلى منطقة تل اللحم، وأصيب مواطنون واستشهد الكثير منهم على أرصفة المدينة، ولم يتوقف المجرمان النومان والكيمياوي عن قصف المدينة حتى استسلمت إلى آخرها، فأمر هذان المجرمان الناس للخروج إلى آخرهم ، وخرج الناس طائعين وهناك في ذلك المشهد المأساوي، أحضر البعثيون وعناصر الأمن والمخابرات ، وكان بين أيديهم تقارير وقوائم بأسماء المنتفضين أعدوها من وراء نوافذ بيوتهم، حيث اختبأوا خوفا من غضب الجماهير إبان اسابيع الإنتفاضة، وجاء هؤلاء البعثيون وعناصر الأمن ملثمين وأطلق عليهم اسم (المشخِّصين)، وأدوا واجبهم الفاشي بمساعدة الحرس الجمهوري بإشراف النومان والكيمياوي على إخراج أبطال الإنتفاضة من بين صفوف سكان الناصرية، وكانوا وقعوا بين أعتى المجرمَين، وأقيمت محاكم ارتجالية في الهواء الطلق كان فيها الكيمياوي حاكما و النومان محاميا و لكم أن تتصوروا شكل المأساة، حين أُذل الكثيرون في ذلك المكان الموحش، وضرب الناس وعذبوا وأهينوا في العراء، ثم سيق أعداد كبيرة من شباب الناصرية إلى حافلات توجهت بهم إلى بغداد في الحال ، ومنذ ذلك التأريخ خرجوا ولم يعودوا إلى أهليهم وذويهم الذين اصابهم اليأس ، ولم يعثر عليهم الا اشلاء وجماجم وملابس ممزقة كأجسادهم بعد مرور اكثر من عشر سنوات وأكثر حينما سقط النظام الوحشي وكشف النقاب عن شهداء الغدر الذين قتلو بدم بارد من خلال المئات من المقابر الجماعية في انحاء مختلفة من العراق وبالاخص قرب الحلة !
الملف المفتوح الى اشعار اآخر!
وبالرغم من ان المحكمة الجنائية العراقية العليا قد عقدت جلستها الأولى بشأن ملف قمع انتفاضة الشعب العراقي لعام 1991 في الأول من أيلول من العام 2009 وكشفت عددا من الجرائم وليس جميعها وان احكام الاعدام التي صدرت على خلفية التهم الموجهة الى عزيز صالح النومان والى رفاقه من اركان النظام الفاشي ، بتنفيذ حملات اعتقال وتصفية جماعية لمئات الآلاف من المواطنين خلال انتفاضة العام 1991 ، الى جانب جرائم التهجير والقتل وسلب الهوية من الكرد الفيليين كذلك الجرائم التي ارتكبها في الكويت بصفته حاكما اوحد خلال دخول الجيش الصدامي اليها ، اضافة الى تدمير المراقد المقدسة وسوق الناس عبر تجنيدهم في الجيش الشعبي الى مثرمة القتل في جبهات الحرب .. سلسلة من الجرائم والانتهاكات التي سوف لن تنتهي اليوم ولا ستنتهي غدا اوبعد غد وانما الملف سيبقى مفتوحا حتى بعد تنفيذ حكم الاعدام لان مسلسل الاجرام الذي ارتكبه النومان ورفاقه الموغلين بالاجرام والبطش والوحشية بحق ابناء الناصرية والجنوب والمدن المقدسة وابناء العراق كثيرة وكثيرة جدا وارض العراق ستبوح يوما بعد اخر عن انتهاكات اخرى واخرى بحق الدماء الزكية للعراقيين الذين قالوا لا للظلم ولا للطغيان ولا للديكتاتورية ولا للتهميش والذين ارتكبت بحقهم اسوء انواع الانتهاكات هنا او هناك من قبل عزيز صالح النومان ورفاقه واشباهه خزاهم الله في الدنيا .وليعذرني ابناء مدينتي الاجلاء الذين اكن لهم كل الحب والمودة واقبل التربة التي يمشون عليها .. ليعذروني من اثارة مشاعرهم في هذه الايام الشعبانية ولعلي ادررت دموعا عزيزة على احبابهم الذين فقدوهم في تلك المرحلة من خلال هذه السطور ، ولكي لا ننسى بان الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل ، وبانتظار ليلة القبض على الرقاب الظالمة لاهلها والانفاس الموغلة بالاجرام والقباحة حيث ليلة تنفيذ اعدامهم ، ليلعنهم الناس والتاريخ ويلعنهم الله سبحانه وتعالى في الآخرة ، وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
قيس محمد عليالناصرية
https://telegram.me/buratha