عدنان شيرخان
يتعرض العراق شعبا وحكومة ومنذ اسابيع لحملة اعلامية كويتية شرسة تقودها مجموعة من الصحف الكويتية، بلغت حالة من الهيجان لايمكن السكوت عليها، عندما اختارت جريدة " الوطن" عنوانا رئيسا لها يوم اول امس الاحد يقول ( "عقدة" .. ميناء مبارك)، في اشارة (حسب تصور الجريدة) الى معاناة العراقيين من عقدة جديدة تقض مضاجعهم اسمها (ميناء مبارك).
كان بودنا ان لا ينجر الاعلام الكويتي الى هذا المنحدر ويصون لسانه، ولا يتحدث عن العقد، لان العراق ليس بلد عقد، فهذا البلد بمساحته وسكانه، ونسبة مواطنيه الى سكانه وعمقه الضارب في التأريخ لا يمكن ان يشكو من اي عقد، العراقيون الذين علموا البشرية الحرف والكتابة لا يمكن ان يعانوا من عقدة "ميناء مبارك". الشعب الذي خرج كطائر العنقاء من اجواء الانفجارات والقتل والتهديد بالحرب الاهلية وتصدى لاشرس واعنف هجمات الارهابيين في العالم يستحق ان يحترم لا ان يكون موضع سخرية في صحيفة "الوطن" وغيرها من الصحف.
كان حري بصحف الكويت فسح المجال امام السياسيين لايجاد حلول ترضي الطرفين، ومشكلة مثل ميناء مبارك لها عشرات الحلول لو انها حدثت بين بلدين اوروبيين. ولكن بالتأكيد ليس بالشكل العنتري الهستيري الذي يتحدث به النائب الكويتي (مسلم البراك) الذي اعتبر (أي استقبال لأي وفد عراقي سيعتبر إهانة للشعب الكويتي)، مذكرا ومشددا على (ضرورة أن يعي الجانب العراقي أن الكويت اليوم ليست ككويت عام 1990،والجيش الكويتي يختلف وضعه تماماً عن عام 1990).
عقدة غزو صدام المقبور للكويت هي "ام العقد" التي يعاني منها البعض في الكويت الشقيقة، وهي جذر وأصل المشكلة التي تقف عائقا امام اقامة علاقات اخوية طيبة، وهي الدافع امام اصرار الحكومة الكويتية ومجلس الامة على الحاق الضرر بالعراق .
بعد تغيير العام 2003 وذهاب نظام صدام الى مزبلة التأريخ كان من المفترض ان يبدأ البلدان بداية جديدة، ومع فوضى الاحتلال الاميركي للعراق تعالت اصوات في الكويت الشقيقة بضرورة تسديد (اقساط) التعويضات العراقية وترسيم الحدود، وبدأ العزف على نغمة تبعات الغزو العراقي (وليس الصدامي) للكويت، يومها نبهنا الاشقاء في الكويت بان استعمال مفردة (غزو صدام للكويت) اخف وقعا على نفوس الكويتيين والعراقيين، وبادرة مهمة لتحسين العلاقات بين البلدين. وبعد نحو ثماني سنوات على سقوط النظام المباد يستنكر النائب (مسلم البراك) ما يقال ان " الغزو كان صداميا، وهو غزو عراقي شارك به كل كوادر الشعب العراقي".
الغزو كان صداميا شارك فيه عراقيون مجبرون لاسباب تتعلق بسطوة النظام البوليسي الدموي وبالطاعة العسكرية واوامر الاعدامات التي تنتظر المترددين، وهم قياسا بحجم سكان العراق لايزيدون كثيرا على اعداد الكويتيين الذين كانوا يأتون العراق ايام (القادسية الكشرة) صحفيين وشعراء ينفخون في صدام شعرا ونثرا منبطحين ولسان حالهم الخفي يقول (سنحارب ايران حتى آخر جندي عراقي). .
https://telegram.me/buratha