قيس السهلاوي
مفوضية الانتخابات واحدة من الهيئات المستقلة التي شرعت بقانون وأخضعت لسطة مجلس النواب من اجل ضمان حياديتها وعدم هيمنة جهة سياسية معينة عليها ,لكن حزب الدعوة الحاكم برئاسة رئيس الوزراء يخطط كما يبدو للهيمنة على المفوضية وإخضاعها لسلطته بعد نجح في الهيمنة على العديد من المؤسسات المستقلة التي تبدو مستقلة من الظاهر وخاضعة له من الباطن عبر مدراء تم تعيين واختيارهم من قبل رئيس الوزراء بشكل شخصي ومن الدائرة المقربة منه مما افقد هذه المؤسسات حياديتها ودورها المستقل .مفوضية الانتخابات تعرضت هي الاخرى لحمالة منظمة ومنسقة ومقصودة من قبل نواب الحزب الحاكم بهدف اسقاط اعضائها وسحب الثقة عنهم او حجب الثقة عن المفوضية وحلها وتشكيل مفوضية جديدة وهو ما بدا واضحا من خلال تصدي النائبة عن حزب الدعوة حنان الفتلاوي لهذه المهمة عبر تقديم وثائق خلال عملية الاستجواب يثبت وجود فساد مالي يتعلق بشراء سيارات مصفحة او انفاق مبالغ مالية اثناء الايفادات الى الخارج . هذه الخروقات التي يزعم نواب حزب الدعوة انهم اكتشفوا من خلالها فساد المفوضية وعدم نزاهة المفوضين فيها والذي لم يكن الهدف منه عملا رقابيا بحتا ,بل عملا سياسيا مقصودا يهدف الى افراغ البلاد من المفوضية ووضعها في مازق سياسي جديد ,خصوصا وان عملية تشكيل المفوضية الحالية اخذت وقتا طويلا وكادت تتسبب في تعطيل الانتخابات البرلمانية و ومجالس المحافظات . ما تم اكتشافه ليس بالامر الخطير ولا يمكن ان يكون ذريعة لحل المفوضية ,بل بالعكس فان هذه التجاوزات المالية يوجد ماهو اخطر منها بكثير في مؤسسات تابعة لرئاسة الوزراء او جهات سياسية ومؤسسات حكومية اخرى لا يتم كشف الفساد فيها لاسباب سياسية . الواقع ان رئيس الحكومة يستغل ضعف دور البرلمان الرقابي ليتدخل في قضية ليست من صلاحياته او اختصاصه عبر الحاق المؤسسات المستقلة به واستغلال نقاط الضعف الموجودة فيها او وجود سوابق او ثغرات في ماضي القائمين عليها وتوظيفها في الهيمنة على هذه المؤسسات وادارتها بشكل مباشر من قبله مما يجعل من هذه المؤسسات فاقدة لدورها المستقل وتصبح مؤسسات ضعيفة وغير قادرة على القيام بواجبها الرئيسي . ان انشاء المؤسسات المستقلة وتضمينها بنصوص واضحة في الدستور كان عملا يهدف الى تدعيم العملية السياسية ومنحها قوة عبر الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والرقابية ,حيث يمثل وجود هذه المؤسسات ضمانة حقيقية لعدم هيمنة اية شخصية سياسية وهيمنتها بشكل فردي على القرار السياسي في الدولة ,بل بالعكس فان سلطة رئيس الوزراء هي تنفيذية وبالتالي فانه ليست له اية صلاحية او علاقة بهذه المؤسسات المستقلة . لقد شابت عملية تشكيل هذه المؤسسات نقاط ضعف واضحة ,حيث لم يتم اختيار بعض الشخصيات فيها وفق اسس الكفاءة والمهنية ,بل تم الاختيار وفق اسس القرابة والصلات من بعض الشخصيات السياسية مما افقدها عنصرا هاما وهو ضمان استقلاليتها بشكل تام ووجود شخصيات كفوءة تديرها بشكل صحيح وبعيدا عن اية ضغوطات قد تمارس من قبل هذا الطرف او ذاك . تسييس ملف المفوضية من قبل حزب الدعوة الحاكم يمثل مخالفة دستورية واضحة بحسب المادة 61 من الدستور نصت في الفقرة ثامنا على انه لمجلس النواب، حق استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة وفقاً للاجراءات المتعلقة بالوزراء، وله اعفاؤهم بالاغلبية المطلقة وبحسب المادة (102) من الدستور تُعد المفوضة العليا لحقوق الانسان، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النـزاهة، هيئاتٌ مستقلة، تخضع لرقابة مجلس النواب، وتنظم اعمالها بقانون. كما نص الفصل السادس في المادة 6الفقرة 5 لمجلس النواب اعفاء مجلس المفوضين مجتمعا او منفردا من مھامھا بالاغلبية المطلقة بعد ثبوت مخالفاتھم القانونية . حل المفوضية سيعني ادخال البلاد في مازق سياسي وسيعطل الكثير من الانتخابات المزمع اجرائها خلال الفترة القادمة ,اضافة الى انه لا توجد ضمانات بان حل المفوضية واستبدالها بهيئة مؤقتة لن تكون خاضعة لهيمنة رئيس الوزراء وسلطته كما حصل في الهيئات السابقة وبالتالي فان التجاوز على صلاحيات البرلمان والتدخل في عمله ليس صحيحا ويؤدي الى تقاطعات سياسية تطيل من عمر الازمة السياسية وتعمقها بدلا من ان تحلها .
https://telegram.me/buratha