المقالات

حملة انقاذ المجرمين ماذا تعني ومن يقف وراءها ؟

749 12:30:00 2011-07-21

حمزة الدفان

كنا نطلق على الساسة والموظفين ذوي الميول الصدامية تسمية (بقايا البعث الصدامي) بعد ان نصحنا بعض اهل الخبرة بان نؤمن بوجود بعثيين غير صداميين ، ولكن حدثا واحدا جعل كثيرا من المفاهيم تتغير وكثيرا من الاسرار تطفو على السطح ، الحدث هو تلك الضجة المثارة حول صدور حكم الاعدام على بعض رموز النظام السابق الذين حوكموا محكمة اصولية ، اعتراضات تصدر من اشخاص رسميين فنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي يرسل تطمينات علنية الى اسر المحكومين يعدهم فيها بعدم توقيع الاحكام ، ونائب طائفي الهوى ينادي باعلى صوته انه وعد حواضنه في الموصل وتكريت بمنع اعدام المحكومين . هذه الاجواء تذكرنا بالاجواء التي سادت ايام الحكم على صدام وعدد من اعوانه وحملة الدفاع عنهم التي انطلقت من عواصم عربية ومن حواضن الارهاب ومنابر الجريمة المنظمة في البلد ، لكن تلك الحملة كانت محدودة وحذرة اما حملة الدفاع الحالية عن مجموعة من المجرمين والقتلة فهي علنية وقوية ويقودها قياديون في الدولة وكانت القوات الاميركية سلمت السلطات العراقية الاسبوع الماضي خمسة مدانين بارتكاب جرائم قتل الى وزارة العدل التي توقعت تنفيذ حكم الاعدام فيهم خلال شهر والمدانون الخمسة هم: وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن (اخوان غير شقيقين لصدام حسين) وسلطان هاشم أحمد (وزير الدفاع الاسبق) وحسين رشيد (ضابط رفيع المستوى) وعزيز النومان (مسؤول رفيع المستوى في حزب البعث). الاعتراضات المتصاعدة وبلا خوف او حياء او مراعاة لمشاعر ضحايا المجازر الدموية التي كان هؤلاء منفذيها تعد مؤشرات على تحول خطير في مسار الحدث العراقي واهم تلك المؤشرات :1- الاعتراضات تعد تشكيكا مباشرا في مصداقية المحكمة الجنائية العليا وتدخلا في شؤون القضاء العراقي المستقل . 2- الاعتراضات تتجاهل حقيقة ان المدانين المذكورين يجري التعامل معهم على انهم منفذو عمليات ابادة وتطهير طائفي وعرقي وهي تدخل في الجرائم ضد الانسانية وقد تم تعريفهم دوليا وليس على مستوى العراق فقط .3- هذه الاعتراضات تدل على الاستهانة بحقوق الضحايا الذين طالتهم جرائم هؤلاء المدانين ولايجدون منبرا ينصفهم ويضمن لهم رد الاعتبار والقصاص سوى الحكومة التي انتخبوها وتمثل ارادتهم فكيف اذا تخلت عنهم واصبحت منابرها تستخدم للدفاع عن المجرمين .4- هذه الاعتراضات دليل على تصاعد النفوذ البعثي داخل الحكومة فقد اصبح البعثيون الاقدم المتخفون بلباس الثورة والتغيير يخلعون ارديتهم ويعلنون هويتهم البعثية بجرأة ويتنافسون على الدفاع عن القتلة ، مع حشد من الاسماء البعثية الجديدة التي تتصاعد اصواتها في البرلمان والحكومة والمؤسسات المختلفة وكلها تبعث رسالة واحدة مفادها الدفاع عن المجرمين ، واعتبارهم رموزا لطائفة مظلومة ولجيل ومنهج مضاد للعملية السياسية ، وقد سبق لهذه المجموعة من بعثيي العراق الجديد ان نجحوا في اسقاط وتمييع قانون المسائلة والعدالة دفاعا عن رفاقهم في الحزب المحضور ولطي صفحة الجريمة والفساد الصدامي القديم ، ونجحوا في تجميد احكام عدد كبير من المجرمين الذين كانوا يستخدمونهم كمليشيات سرية لتنفيذ عمليات مسلحة عشوائية للحصول على مكاسب سياسية ، كما نجحوا في تهريب عدد كبير من رفاقهم المحكومين من داخل السجون بمبالغ هائلة دفعوها الى متعاونين من داخل ادارات تلك السجون ، ولضخامة تلك الاموال فقد اشتركت في صفقات التهريب شخصيات مهمة والمثل الفرنسي يقول : (لكل شرف درجة انصهار) فقد انصهر شرف كثير من الضباط والقادة بنار تلك الرشوات الكبيرة ، وفي مناسبات عديدة اثار البعثيون موجات خطيرة في الرأي العام لاطلاق سراح جميع اعضاء مليشياتهم السرية الذين يقاتلون بأوامر تصدر من شخصيات حكومية معروفة لتركيع الخصوم والابتزاز السياسي ، وقد حققت مساعي البعثيين الحكوميين اهدافا مهمة اخرى تدخل ضمن تقويض المؤسسات الجديدة منها تهديم وتجميد هيئة المسائلة والعدالة ، حل المحكمة الجنائية العليا وانهاء اعمالها ، ترتيب ما يسمى بالعفو العام الذي سوف يصاغ بطريقة تضمن اخراج عدد كبير من رفاقهم المدانين من السجون واعادتهم الى ميادين القتال في شوارع بغداد والمحافظات ، ولم يتوقف الزحف البعثي عند هذه المديات فهم الذين نجحوا في اقناع مفاصل معروفة في الحكومة بتغيير مفهوم ما يسمى بالمصالحة الوطنية حتى اصبحت الوزارة المعنية بالموضوع تتصل بالعصابات المسلحة المعروفة بارتكاب جرائم لصالح البعث الصدامي وتعلن براءتها وتلمع وجوهها وتطلق عليها تسميات وطنية ، هذه المبادرة الخطيرة جعلت عشائر سنية معروفة في الموصل والرمادي تعلن رفضها هذا الاسلوب في المصالحة وكون هذه العصابات مطلوبة لتلك العشائر بدماء غزيرة وهي تطلب مقاضاتها وليس العفو عنها ، هناك حضور بعثي قوي في دوائر الدولة منظم ويدار بسرية عالية وله اهدافه ويستثمر بقوة الشرخ الحاصل في الصف الشيعي والعداء المتصاعد بين مكونات التحالف الوطني ، حيث تعتقد بعض الاحزاب انها بتقريبها للبعثيين تستطيع تحييدهم والاستفادة من خبرتهم ثم حرمان خصومها الطائفيين والسياسيين من استخدامهم ، واغرب ما في القضية ان البعثيين الموالين للنظام السابق من اعلاميين وعسكريين واساتذة جامعات ومثقفين واداريين يتغلغلون بسرعة داخل مؤسسات السلطة وبحماية احزاب بعضها اسلامي معاد لنظام صدام ، حتى ان فريقا منهم استطاعوا ان يهيمنوا على وسائل اعلام اسلامية ومكاتب قادة معروفين ويتحولوا الى مستشارين يوسوسون للقيادات العليا والوسطية ، يزينون لهم سوء اعمالهم ويداعبون فيهم مشاعر الشخصنة والعظمة الكاذبة ويلبون رغباتهم الدفينة في الاستعراض والاشتهار والتفرد خاصة وان البعثيين اصحاب خبرة في صناعة الدكتاتور المستبد المغرور الحالم بالتاليه والسيادة المطلقة ، وعندما يتم ايصال تحذيرات الى تلك المراكز والاحزاب والقيادات حول هيمنة البعثيين الصداميين على مكاتبهم يردون بالقول ان هؤلاء مخلصون وشيعة وانتموا الى البعث مجبرين وليسوا من اصحاب الجرائم ثم ان جماعتنا المؤمنين القدامى متعبون محبطون وكبار سن ولا يستطيعون ادارة العمل كما يجب ، ولكن الحقيقة غير ذلك ، فالبعثيون مدربون على التملق والتزلف والتسلق والنفاق واظهار الطاعة العمياء وهي مفردات يحبها بعض القادة واصحاب المكاتب والمناصب فيسعينون بهم لهذه الاسباب وكذب من قال بأن رفاقهم القدامى من بقية المشانق والخنادق متعبون وعاجزون ، فهم لا متعبون ولا عاجزون ولا هم يحزنون كل ما في الأمر ان تلك الكوادر اصحاب دين وشرف ومروءة ويرفضون التملق والتزلف ومسح الاكتاف ولا يتحملون مظاهر الفساد والانحطاط والمحسوبية المستشرية في بعض المراكز الحكومية والحزبية لذا فهم يعترضون ويجادلون وهذا ما لا يروق لاخوانهم الذين انخرطوا في سلك السلطة وتذوقوا حلاوة الحكم الذي هو منحة اجنبية تسترد متى شاء المانح . المهم ان البعثيين المتسلقين الى هذه المراكز المهمة سيكون بوسعهم اسقاط تلك المكاتب والقيادات وايقاعها في احضانهم عاجلا او آجلا ، ثم اسقاط اعتبارها في الساحة الشعبية ، لذا يجب التأكيد على ان التصعيد الاعلامي ضد احكام الاعدام الصادرة بحق رموز النظام السابق ليس عملا منفصلا بل يقع ضمن اجندة العودة البعثية الى مراكز السلطة في العراق وهي تتحول الى نشاط علني سلمي اعلامي يعتمد العنف كلما احتاج الى ذلك ، وعندما تفتح الدولة ابوابها مشرعة لهم فهو اعتراف بعجزها وانزلاقها الى نهايات غير معروفة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك