احمد عبد الرحمن
كتبنا في وقت سابق انه "لعل واحدة من ابرز واخطر تلك السلوكيات والممارسات والثقافات، السعي المحموم وراء المواقع والمناصب والامتيازات والحرص على نيلها بأي ثمن، ومن ثم الحرص بدرجة اكبر على التشبث بها وعدم التفريط بها تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت الاسباب والدواعي والمبررات".وعبارة "لعل واحدة.." يعني وجود مظاهر وسلوكيات وممارسات خاطئة ومنحرفة اخرى في بنية الدولة العراقية وفي مجمل المنظومة الاجتماعية انسحبت اثارها السلبية على الواقع العام ، لتزيد الامور تعقيدا وسوءا بدلا من ايجاد افاق وفضاءات لتحقيق انفراجات ومعالجات وحلول لابد منها اذا اريد لهذا البلد ان ينهض من كبواته ، وهذه المظاهر والسلوكيات والممارسات تعد بعضها من تركة العهد البائد، وبعضها الاخر نتاج سياقات واجراءات غير صحيحة.والخطير في الامر هو انها ليست بعيدة كل البعد عن ضرورات ومتطلبات التحول الديمقراطي الحاصل في العراق بأبعاده المختلفة، وانما هي تمثل عناصر وعوامل مساعدة الى حد كبير على التراجع والنكوص، وفقدان الثقة، واتساع مساحات الاستياء والتذمر والغضب والاحباط الشعبي لدى فئات وشرائح اجتماعية عديدة، مازالت لم تستشعر حتى الان ثمار ونتائج التغيير الذي حصل في العراق، بسبب عدم حصول تبدل يعتد به في واقعها الحياتي، وهذه الفئات والشرائح تمثل اغلبية في المجتمع العراقي، في مقابل حصول تبدل -او انقلاب جذري-في الواقع الحياتي لنخب محددة تمثل اقلية من المجموع العام للمجتمع.ومثلما ان بقاء غالبية ابناء الشعب العراقي يعانون من كم غير قليل من المشاكل والازمات، يعد امر غير صحيحا، ونتاج سياسات ومنهجيات خاطئة، فأن تمتع اقلية منه بأمتيازات يمكن وصفها بالخيالية يعد هو الاخر غير صحيحا، ونتاج ذات السياسات والمنهجيات الخاطئة.والاستغلال السيء للسلطة والنفوذ بمعناه الواسع والعريض هو مايلخص حقيقة الازمة ، والخلل الفاضح في بنية الدولة العراقية الجديدة-المعاصرة.وهذا الاستغلال يفتح مسالك ومسارات منحرفة، على صعيد وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب، ونهب الموارد والثروات العامة بطرق ووسائل شتى، واستشراء المحسوبية والمنسوبية، وتفشي الفساد الاخلاقي الى جانب الفساد الاداري والمالي، والاهتمام بالشكليات ومظاهر البهرجة واهمال الجوهر والمضمون.وهكذا.وهذه كلها لايمكن ان توصل الى اية نتائج ايجابية، بل من المؤكد ان تجلب اكبر واخطر الكوارث ان لم يصار الى احتوائها والقضاء عليها بأسرع وقت.
https://telegram.me/buratha