المقالات

الحكومة المنقوصة ومثلث برمودا

679 18:48:00 2011-07-23

قيس السهلاوي

عندما تم تشكيل الحكومة الحالية بعد مفاوضات شاقة وصعبة وشروط وتنازلات عكست وجود ازمة بالثقة بين الإطراف والمكونات السياسية كان الجميع يظن إن الازمة السياسية التي عاشتها البلاد خلال اكثر من ثمانية اشهر قد انتهت والتي جعلت من البلاد صاحبة اشهر رقم قياسي في العالم في البقاء من دون حكومة بالرغم من أجراء الانتخابات التي شهدت مشاركة شعبية واسعة وكثيفة ,لكن الطريقة التي اخرج بها سيناريو تشكيل الحكومة عكست التوجس والحذر والخروج بحلول ترقيعية مؤقتة كانت بالنهاية على حساب المواطنين العراقيين اللذين شهدوا ظهور حكومة منقوصة من حيث عدد الحقائب الوزارية التي بقيت من دون اختيار وزراء امنيين ,حيث التجاذبات والتقاطعات واختلاف الرؤى والتفسيرات والشكوك والطعون التي جعلت من عملية اختيار الوزراء الأمنيين امرا صعبا ومعقدا ولغزا عصيا على الحل كلغز مثلث برمودا وربما سينتهي عمر الحكومة الحالية والتي ربما لن تشهد اختيار وزراء أمنيين ,حيث انتهت السقوف الزمنية التي حددت لاختيار الوزراء الامنيين من دون الاتفاق على اختيار أي مرشح . رئيس الوزراء يصر على اختيار وزراء مستقلين بينما مرشحه لوزارة الداخلية من حزب الدعوة ويتهم باقي الإطراف الأخرى بانها مرشحيها من الحزبيين . البرلمان اخفق هو الآخر في الإمساك بزمام اللعبة وذلك عندما وقع النواب في فخ الحزبية ,حيث انقسموا واختلفوا على المرشحين . بقاء البلاد من دون وزارات امنية ينذر بأخطار كبيرة ومجازفات ليست مأمونة العواقب. الواضح ان غياب الثقة وتصاعد حدة الخلافات السياسية لن تسمح بحل هذه الازمة عن قريب والتي ستستغرق شهورا اطول والتي ستجعل البلاد تواجه فراغا في الملف الامني ,اذ ان ادارة الوزارات الأمنية بالوكالة لا تعطي نفس النتائج التي يعطيها وجود وزير متخصص ومنتخب دستوريا ويكون مسؤولا امام البرلمان عند أي تقصير او خلل يحدث ,.عملية اختيار الوزراء الأمنيين يجب ان تتم وفق معايير الاستقلالية والكفاءة والنزاهة وليس على أساس الانتماءات الحزبية الضيقة التي الحقت الضرر الفادح بالبلاد وأدت الى تولي شخصيات محسوبة على جهات سياسية معينة لملفات أمنية معقدة انعكست بالسلب على الوضع الأمني للبلاد ,إضافة الى انه جعلها فوق عملية المساءلة والمحاسبة بسبب الغطاء السياسي المقدم لها مما جعلها تتمادى في أخطائها وتتجاهل أية اعتراضات او انتقادات او مطالبات باقالتها رغم الاخفاقات والخروقات الكبيرة التي حصلت ابان فترة استيزارها ,اضافة الى ان بعضا منها كان يمتلك حزبا سياسيا وهو امر مخالف للدستور وللاتفاق السياسي غير المكتوب بان تكون الوزارات الامنية بعيدة عن التحزب والمحاصصات السياسية . الملف الامني المعقد والخطير في العراق يحتاج في الواقع الى شخصيات كفوؤة ومستقلة تكون مسؤولة امام البرلمان عن ادائها وعن اية خروقات امنية قد تحصل فيها ,إضافة إلى إتاحة الفرصة أمام هؤلاء الوزراء الأمنيين للقيام بعملهم بطريقة لا تكون فيها أية آثار جانبية للتدخلات الحزبية والسياسية التي تعد من ابرز العراقيل التي تحيط بطريقة معالجة الملف الأمني في البلاد ,اذ انه عندما تكون الوزارات والمؤسسات الامنية عرضة للتدخل الحزبي والسياسي والطائفي فانه سيكون محكوما على ادائها بالفشل مسبقا لانه سيحرمها من اية كفاءة حقيقية التي ستنعدم فرصها في العمل بسبب هيمنة الاحزاب عليها وهو ما يعيدنا الى مربعات سابقة . عدم اكتمال ملف تشكيل الحكومة وابقاء الوضع على ماهو عليه ليس صحيحا ويعرض البلاد إلى أزمات عميقة قد تحدث الآن وفي المستقبل وسوف يفقدها ميزة الاستقرار التي قد تعني للمواطن العراقي البسيط الشيء الكثير ,بل ان امور البلاد الرئيسية والمهمة ستبقى متوقفة عليه مثل عملية الاعمار والاستثمار وحتى الملفات الحدودية العالقة مع دول الجوار ستكون رهنا هي الأخرى بالموقف السياسي العام في البلاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك