المقالات

إعتذار خائن

1786 23:51:00 2011-07-23

نزل رجل من سيارته المصفحة وحوله سرية كاملة من الحماية الخاصة وسار بضع خطوات ليقف على شفير قبر جماعي ويخاطب البقايا من عظام رفاقه قائلا :

ما زلت أتذكر وجوهكم المتبسمة رغم عمق الجراح ، وأسمع صوت قهقهة ضحكاتكم التي تتحدى أحزان الزمن الصعب ، ومازلت أشعر بدفيء أكفكم حين كنت أصافحها رغم صباحات الشتاء وبرودة السلاح الذي كانت تقبض عليه طوال الليل ، وما زال في فمي طعم رغيف الخبز الذي كنا نتقاسمه سوية فلم أذق طعاما ألذ منه رغم كل الأكلات العجيبة والغريبة التي أتناولها في أفخم المطاعم العالمية .

لقد جئت لأقف اليوم على شفير قبوركم أيها الأخوة والأحبة أو بالأحرى ( قبركم الجماعي ) الذي دفنتم فيه لأقدم لكم إلإعتذار لأن الحياة الجديدة قد فرضت واقعها علينا . وأقول لكم بصراحة ، إن آباءكم الذين كانوا يستقبلونني في بيوتهم بوجوه باسمة وكرم عراقي أصيل رأيتهم وقد تجاوز بعضهم الثمانين عاما وهم يجلسون على قارعة الطريق يستجدون الناس حفنة من مال أو قطعة من خبز يشبعون منه جوعهم ، وأمهاتكم اللاتي كن يقفن على ( التنور ) ليصنعن لي خبزا ويقدمن طعاما مما تجود به قدورهن رأيتهن اليوم وهن محنيات الظهور بين أكوام النفايات يبحثن عن الزجاجات الفارغة ليجمعنها لعلهن يحصلن على بضعة دنانير ، ورأيت أولادكم يقفون على أبواب المسؤولين بحثا عن أي وظيفة مهما كانت بسيطة ولكن الحراس يطردونهم كما تطرد ( الكلاب السائبة ) ، ورأيت بناتكم يطرقن أبواب القصور العالية والبيوت الفخمة لعل أحدا يريد خادمة لعائلته الكريمة .

أنا أعترف لكم بأن سلطتي تكونت من نزيف دماءكم ومكانتي تأسست من بقايا أشلاءكم وعرشي صنعته من أكوام عظامكم ، فلولاكم لم أكن شيئا مذكورا . لذا أتيت اليوم اليكم  شاكرا لتضحياتكم التي رفعتني الى السماء وجعلتني من ذوي الجاه والسلطان ومعتذرا في الوقت نفسه لأنني لا أستطيع أن أقدم لآباءكم ولأمهاتكم ولأولادكم شيئا ، فالحفاظ على منصبي يتطلب مني التعامي عن كل ما أراه وأن أدفن تاريخكم في مقابر جماعية كالمقابر التي دفنت فيها أجسادكم ولا بد لي من مصافحة جلاديكم ومجاملة قاتليكم  يا أخوة النضال .

إنا أعترف أن دماءكم أيها الأحبة كانت الشعار الأكبر ولكنها اليوم أصبحت مصدر السلطة والثراء ، فهي الرصيد الحقيقي الذي لم ولن يتأثر بالأزمة الإقتصادية العالمية ولا يخضع لقانون العرض والطلب وأعتقد أن من حقي أن أكون صاحب الإمتياز في التصرف بتلك الدماء الطاهرة لأنني أنا الذي إكتشفت قيمتها وعرفت كيف أتعامل بها في أسواق التجارة وأحولها الى سيولة نقدية وعرفت كيف أناور بها في ميادين السياسة . ومع ذلك ورغم كل ما وصلت إليه مازلت أقرأ سورة الفاتحة على أرواحكم وأقف دقيقة إجلال لكم ، فالسلام عليكم يوم ولدتم والسلام عليكم يوم أستشهدتم والسلام عليكم يوم تبعثون .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسنين النجفي
2011-07-24
فعلا هو هذا الذي حصل ولكنك نسيت شيء واحدا الا وهو المعذبين الذين بقوا على قيد الحياة فلا اخوانهم انصفوهم ولا هم لهم قدرة على سحق هؤلاء الظلمه ولا حتى انت انصفتهم في مقالك هذا انا لله وانا اليه راجعون وانا اليه لمنقلبون وقد صدق الله العلي العظيم في قوله ثلة من الاولين وثلة من الاخرين لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
العراق
2011-07-24
نعم السلطة والاموال تعمي العيون والبصيرة لقد فقدنا الثقة بمن يحكم العراق والسياسيون في العراق الجريح لقد ظهر نفاقهم وما تخفي قلوبهم وما تفكر عقولهم لا تهمهم مصلحة العراق ولا يهمهم شعب العراق الفساد في السلطة العليا والقتلة في السلطة العليا ومن يحيد عن الدستور والقانون هم في السلطة شهداء العراق في زمن النظام المباد والوقت الحاضر يتحملها المسؤولون العراقيون يا من تفرقون بين العراقيين ويا من تبحثون عن السلطة والاموال والشعب العراقي يعاني ويقاسي والى الله المشتكى
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك