احمد عبد الرحمن
كمبدأ عام تتفق جميع القوى السياسية على اهمية وضرورة ووجوب اجراء الترشيق الحكومي، بأعتباره يمثل احد الخطوات المهمة لاصلاح العملية السياسية وتجنيبها منزلقات خطيرة. رئيس مجلس الوزراء بأعتباره رئيس السلطة التنفيذية، عرض رؤيته لموضوعة الترشيق على مجلس النواب، والاخير بدوره اقرها. ومع ان هذه الخطوة مهمة للغاية، الا ان الخطوات الاخرى لاتقل اهمية عنها من اجل تحقيق الاهداف المتوخاة من تلك العملية، والتي تتمثل اساسا، بمعالجة الترهل في الجهاز الحكومي، وبالتحديد التشكيله الوزارية التي كان عددها برأي الجميع تقريبا مبالغ فيه وغير ضروري، وكذلك بترشيد النفقات، وعدم ارهاق ميزانية الدولة بأستحقاقات قد لاتبدو في كثير من الاحيان ضرورية وملحة، وتحويل المبالغ المالية الفائضة والمتوفرة نتيجة عملية الترشيق الى مشاريع من شأنها تقديم الخدمات لابناء الشعب العراقي لاسيما الفئات والشرائح الاجتماعية المحرومة.ولعل هذا يتطلب اول ما يتطلبه اخراج عملية الترشيق من شرنقة المساومات والترضيات والصفقات السياسية بين القوى المشاركة في العملية السياسية، وان لاتكون فرصة لبعض القوى لاقصاء وتهميش قوى اخرى تحت يافطة وذريعة الترشيق، اضف الى ذلك يجب ان تقترن العملية برمتها ببرنامج عمل حكومي واضح المعالم، ورؤية علمية وعملية واقعية لحل ومعالجات المشاكل والازمات السياسية والامنية والخدمية والاقتصادية، والا ما فائدة الترشيق اذا ظلت الرؤية غائبة، والبرنامج الحكومي لاوجود له، كما هو الحال الراهن، والامر المهم جدا، ان لاتجري العملية في داخل كواليس وغرف مظللمة بعيدا عن الانظار، اذ لابد ان يكون مجلس النواب هو الاطار لها، بأعتبار ان اعضاءه هم ممثلي الشعب العراقي. والشيء الذي لابد من التأكيد عليه والتنبيه اليه هو ان المعيار الحقيقي لنجاح عملية الترشيق الحكومي لايتمثل بعدد الوزارات التي سيتم الغائها او دمجها، وانما بمنهجية وموضوعية وسلامة تلك العملية بما من شأنه ان ينعكس بصورة ايجابية على الواقع العام للبلاد، ويفتح افاقا رحبة ويوفر فضاءات فسيحة لظروف واوضاع افضل للجميع. ولاشك ان ذلك يتطلب قدرا كبيرا من تغليب المصالح الوطنية العامة على المصالح الفئوية الخاصة، ونكرانا للذات وتجاوزا للانا.
https://telegram.me/buratha