المقالات

تقسيم واقاليم

845 23:57:00 2011-07-26

جواد العطار

اخفت المادة 112 من الدستور؛ في نصها بان النظام في العراق يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لا مركزية وادارات محلية؛ كثيرا من الغموض في موضوع صورة وشكل نظام الحكم حين جعلته مختلطا بين اقاليم مستقلة وادارات محلية تتمتع بنوع من اللامركزية ... ورغم ان المادة 115 حاولت استكمال صورة وطريقة تشكيل تلك الاقاليم من خلال منح الحق لكل محافظة او اكثر بتكوين اقليم بناءا على طلب الاستفتاء عليه ، على ان يقوم بأحدى طريقتين؛ الاولى تقضي بطلب ثلث الاعضاء في مجلس المحافظة ، اما الثانية فتقوم على طلب عشر عدد الناخبين المسجلين في كل محافظة؛ الا انها لم تستوفي الفصل المطلوب او تعطي شكلا جديدا لاسلوب الحكم .ومن نظرة اولية للمادتين الدستوريتين يتأكد ان ما تجري من دعوات لتشكيل اقاليم في بعض المحافظات هي دعوات دستورية تستند الى فقرات قانونية ، فما الاشكال حولها ! ولماذا الرفض لدى البعض ؟ ولماذا الخوف على وحدة العراق اذا كان الدستور هو الضامن والكفيل لها ؟ان الخوف والقلق من دعوات الاقاليم المتصاعدة ينطلق من مستويين :الاول : تاكيد الدستور على عاصمة واقاليم ومحافظات لا مركزية وادارات محلية ، وبالتالي فان الدعوات الحالية لتشكيل الاقاليم التي تنطلق من توجهات ذات اسس طائفية او مناطقية او حتى مذهبية تارة؛ وانفصالية تارة اخرى ... تنسف المادة الدستورية وتتجاوز حدودها ... وهذا ما يثير القلق والشك؛ ابتداءا؛ حيالها .الثاني : ان مجالس المحافظات الحالية ليست المخولة باتخاذ مثل هذا القرار في هذا الوقت على اقل تقدير ، لسببين : قرب انتهاء مهام دورتها الانتخابية التي لم يتبق عليها سوى سنة او اكثر بقليل؛ اولا . وثانيا؛ فقدان معظم تلك المجالس للشرعية المطلوبة امام جماهيرها بعد اخفاجها الذي لا يختلف عليه اثنان في كافة المجالات وخصوصا الخدمية منها . لذا فان دعوات الاقاليم؛ من قبلها؛ تثير الريبة لانها قد تخفي وراءها رغبة بتعطيل مدد واستحقاقات دستورية وانتخابية قادمة او الاستمرار بالسلطة والبقاء فيها لاطول فترة ممكنة . اذن الخلاف ليس على المبدأ الذي يقر الاقاليم نظاما للادارة اللامركزية او الادارات المحلية ( المحافظات غير المنتظمة باقليم ) ، ولكن الخلاف حول طريقة التفكير التي ترى في الموضوع تقسيما للعراق او تشتيتا لاوصاله . وليعلم نواب مجلس محافظة البصرة عن دولة القانون ان دعواتهم وطريقة تفكيرهم لاعلان اقليم البصرة غير شرعية لانهم جزء من الحكومة الحالية ويتحملون مسؤولية الاخفاقات الحاصلة على كافة الصعد ... كما يجب ان يعلم نواب مجلس محافظة الانبار ان دعواتهم لاعلان اقليم مستقل؛ كمن يغرد خارج السرب؛ لانهم مرفوضين اصلا من اهالي الانبار الى درجة انهم لم يتمكنوا من الحصول على اي مقعد في الانتخابات التشريعية الاخيرة لهم او لائتلافاتهم ، لذا فان الحل الامثل لفرز الاوراق والابتعاد عن خلطها يكون في اعلان انتخابات مبكرة لمجالس محافظات تحسم الجدل الحالي وتترك الخيار للشعب وتسحب البساط من تحت اقدام من يريد التلاعب بوحدة العراق لمصلحة شخصية او حزبية دون وجه حق ، في الوقت الذي يقف فيه العراق امام تحدي خطير يتمثل بقرب خروج القوات الامريكية نهاية العام الجاري ... وعزاءنا في هذا الوقت ان قانون الاجراءات التنفيذية الخاصة بالاقاليم والتي اقرها مجلس النواب في عام 2006 يقضي بموافقة خمسين بالمئة من سكان المحافظات في استفتاء عام . واذا لم نجافي الحقيقة فان الخوف على وحدة العراق مشروع في هذا الوقت بالذات لاسباب منها : 1. ان الديمقراطية الناشئة في العراق تحتاج الى التدرج في اتخاذ القرارات المصيرية حفاظا عليها اولا؛ واستمرارا لمنجزاتها ثانيا .2. ان الوعي العام على مستوى النخب والمجتمع والكتل السياسية؛ على حد سواء؛ لم يصل لحد اللحظة الى المستوى المطلوب والناضج والمتقبل لثقافة الحكم غير المركزي (الاقاليم) الذي يضمن وحدة وتماسك العراق . لذا فان الفيدرالية او اعلان الاقاليم يحتاج الى ازالة الخوف ، الناجم عن عودة الحكم الشمولي مرة اخرى ، حتى لا يكون قرارها رد فعل لفوبيا الديكتاتورية التي تخيم على اهلنا في الجنوب او الرغبة الجامحة باستنساخ تجربة كردستان؛ او النظرة الانفصالية في الغرب نتيجة غبن مفترض في عقول سياسييها ، لانها قد تخلق لنا ديكتاتوريات صغيرة في الاقاليم الجديدة . ويومذاك لن ينفع من يفكر بالتصويت للاقاليم؛ لا الدستور ولا الفيدرالية ولا حتى مجرد التفكير في حينها باعادة عقارب الساعة الى الوضع الحالي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك