احمد عبد الرحمن
يتفق الكثيرون من المعنيين بالشأن السياسي العراقي -ان لم يكن الجميع-على ان واحدة من ابرز اكبر عوامل ضعف الاداء الحكومي، هو الترهل الفاضح في مختلف مفاصل الدولة، وبالاساس التشكيلة الحكومية.وهذه الرؤية ليست جديدة، بل انها تعود الى عدة اعوام سابقة، وانها في واقع الامر لم تأت من فراغ وانما تبلورت نتيجة تجربة واقعية عملية افرزت كما كبيرا من الاخطاء والسلبيات ومكامن الضعف والتلكوء ومظاهر الفساد في بنية الدولة.ولكن مع ذلك فأن تصحيح ومعالجة مثل هذا الخطأ لم يتحقق وتكررت ذات التجربة السابقة في الحكومة التي تشكلت اواخر العام الماضي اثر مخاضات عسيرة دامت بضعة شهور. وبدلا من ان يصار الى تقليص عدد الوزارات بالغاء الوزارات التي استحدثت في المرحلة السابقة-قبل خمسة اعوام-في اطار المساومات والترضيات السياسية بين الكتل المعنية بتشكيل الحكومة، فأنه تم استحداث وزارات جديدة لتصل مجموع المواقع الحكومية بما فيها منصب رئيس مجلس الوزراء ونوابه الى اثنين واربعين موقعا بعد ان كانت اقل من اربعين في التشكيلة السابقة.وهذه بلا شك مفارقة عجيبة غريبة، ان يتم تشخيص الخلل، وفي ذات الوقت يتم تكريسه وتثبيته، بل واكثر من ذلك تضخيمه.من حق المواطن العادي ان يتساءل عن جدوى وجود عدد كبير من ما يسمى بوزارات الدولة التي من الواضح انها ما وجدت لتحسين اداء الدولة وتقديم الخدمات لهذا المواطن، وانما لايجاد مواقع لاشخاص وقوى سياسية، لتمنح من خلالها الرواتب والامتيازات العالية، وكأن ما موجود من اسماء ومسميات وكأن ما ينفق من اموال طائلة بعنوان رواتب ومخصصات وامتيازات لكبار المسؤولين قليل.في معظم دول العالم لايتعدى عدد الوزارات في الحكومات خمس وعشرون وزارة وقد يكون عشرون وربما يكون اقل من هذا العدد، الا في العراق الذي يتزايد عدد اعضاء برلمانه في كل دورة انتخابية، ويزداد عدد وزرائه بتزايد العناوين والمسميات السياسية، ويتزايد مقدار الاموال التي تهدر وتضيع جراء السياقات والمنهجيات الخاطئة، في مقابل حرمان شرائح وفئات اجتماعية عديدة من الخدمات الاساسية التي تضمن لها الحياة الكريمة في بلد يزخر بالموارد والثروات والخيرات التي قلما تتوفر بهذا القدر والتنوع في بلد اخر.
https://telegram.me/buratha