عادل الجبوري
لعل واحدا من اهم وابرز عوامل التطور والتقم والنهوض بعناوينه وابعاده المختلفة في أي مجتمع من المجتمعات يتمثل في التخطيط، والتخطيط مفهوم واسع ويتضمن جوانب مختلفة تنسحب على كل مناحي الحياة، ويخطيء من يتصور ويفترض ان توفر الاموال والخبرات والكفاءات والموارد والثروات كاف لوحده-من دون التخطيط-ان ينهض بالمجتمعات ويحقق لها الرفاهية والازدهار والاستقرار وينتشلها من سطوة التخلف والفقر والعزلة والحرمان.ولانحتاج الى جهد كبير من اجل العثور على امثلة ومصاديق لدول ومجتمعات تمتلك من الموارد والثروات والعقول والخبرات والطاقات والامكانيات الكثير لكنها بقيت تأن تحت وطأة التخلف والفقر والعزلة والعوز والحرمان، لسبب بسيط هو غياب التخطيط والتدبر والتفكير وحضور الارتجال والتسرع والتبسيط!.وفي العالم الثالث الذي كان ومازال يزخر بالانظمة الديكتاتورية الاستبدادية نجد دولا كثيرة هي في الحقيقة غنية بكل شيء لكنها في المحصلة والواقع فقيرة ومتخلفة وبائسة، والعراق رغم تخلصه وانعتاقه من النظام الديكتاتوري الاستبدادي قبل ثمانية اعوام ونيف، الا انه لم يتمكن حتى الان من استثمار ثرواته وموارده وامكانياته المادية والبشرية الكبيرة -بل الهائلة-بالصورة الصحيحة لتنعكس على الواقع الحياتي العام للمجتمع. قد تكون التركة الثقيلة التي خلفها النظام الصدامي البائد احد المعوقات التي حالت دون تمكن الدولة-الحكومة من استثمار موارد البلد وثرواته وتحقيق قفزة اقتصادية وتنموية حقيقية، وقد تكون التحديات الامنية الكبيرة عائقا اخر في هذا الجانب، وقد تكون استحقاقات ومتطلبات بناء النظام الديمقراطي الجديد على انقاض النظام الديكتاتوري القديم عائقا اخر، بيد ان النقطة الجوهرية يتمثل في غياب التخطيط واستشراء الفوضى والتخبط وشيوع التسرع والارتجال مما تسبب في تبديد الكثير من الثروات، وتغييب الطاقات، وتهميش الكفاءات والخبرات، وبالتالي بقاء الامور تدور في حلقة مفرغة، لتتسع مساحات اليأس والاحباط وتنحسر مساحات التفاؤل والامل والاستبشار.وبسبب التخبط والفوضى والارتجال استدان نظام صدام اربعين مليار دولار لتصبح مديونية البلاد بعد عقدين مائة اربعين مليار دولار، ويمكن بغياب التخطيط الحقيقي ان تتكرر الاخطاء لتجلب مزيدا من الكوارث والاخطار.دولة مثل العراق ربما تصل ميزانيتها السنوية مع ارتفاع اسعار النفط هذا العام الى اكثر من تسعين مليار دولار من الممكن لها-مع وجود التخطيط وليس بغيابه-ان تعالج الكثير من المشاكل والازمات، وتستبدل الواقع السيء بواقع افضل منه بكثير.
https://telegram.me/buratha