صبيح الناصري
يعتبر رفض أعضاء البرلمان وبغالبية مطلقة سحب الثقة عن أعضاء مفوضية الانتخابات بداية مهمة وخطوة بالاتجاه الصحيح لقطع الطريق على أية محاولات يقوم بها رئيس الحكومة لفرض ارادته على الهيئات المستقلة واختيار أعضائها من ضمن طاقمه الحكومي كما حصل من قبل في مؤسسة الشهداء والسجناء السياسيين وجهاز المخابرات الوطني ومستشارية الأمن القومي والتي فقدت استقلاليتها وتحولت الى دوائر تابعة الى مكتب رئيس الوزراء ويديرها أشخاص غير كفوئين وغير مؤهلين بالمرة مما انعكس بالسلب على أداء تلك المؤسسات التي أصبحت من حصة حزب الدعوة مستغلا ضعف أداء البرلمان خلال الدورة السابقة والتي سمحت بتمرير مثل هذه الخروقات الدستورية الواضحة .لقد حاربت كتلة القانون وخلال الأسابيع الماضية وبضراوة من اجل إقالة أعضاء المفوضية بتهمة وجود خروقات وفساد مالي كبير لدى أعضائها وجرى تضخيم هذه الخروقات وبشكل مبالغ فيه وقادت النائبة حنان الفتلاوي الحملة مزودة بوثائق حكومية ورسمية تزعم فيها فساد المفوضية , وطالبات بإقالتها وسحب الثقة من أعضائها,رغم انه توجد وثائق لدى المفوضية تثبت فسادها وسرقتها للمال العام . الأحزاب والكتل السياسية وحتى المنضوية في الائتلاف الوطني رفضت الوقوع في الفخ الذي اراد المالكي ان يوقعها فيه ,حين رفضت التصويت على اقالة المفوضية مدركة حجم المخاطر المترتبة عن هذا العمل الخطير الذي يهدف الى ايقاع البلاد في فراغ سياسي خطير ,إضافة الى ان المفوضية البديلة التي سيتم تشكيلها ستحتاج الى وقت طويل جدا بسبب الخلافات والتقاطعات الحادة بين الكتل ,فضلا عن المخاوف من ان المالكي سيستغل هذا الفراغ لتشكيل مفوضية جديدة من قبل أشخاص محسوبين عليه سيتم طرحهم ليحلوا محل المفوضين المقالين . من الواضح ان حجم الاستهداف لهذه المفوضية كان كبيرا وكان الغرض منه معاقبتها بسبب إخفاقها في تمرير فوز ائتلاف دولة القانون رغم محاولة الإعادة . كما ان حزب الدعوة تعامل مع الموضوع بانتقائية واضحة فهو ركز على المفوضية من دون غيرها بينما يتغافل عن الفساد والخروقات المالية الكبيرة التي يديرها هذا الحزب فمستشارية الأمن القومي التي جرى إقصاء موفق الربيعي عنها لا احد يعلم اليوم شيئا عن واجباتها ودورها وانزواء مستشار الأمن القومي النائب (المطفي) فالح الفياض الذي لم يمسك مسدسا واحدا يوما ما في حياته عن الأعلام وعدم قيام مكتبه بأية نشاطات او تصريحات وكأنها غير موجودة اصلا . لقد أثيرت بحق الربيعي الكثير من الاتهامات بشان مكتبه والطريقة التي كان يدير بها المستشارية والتي منها تعيينه لاكثر من 400 موظف في مكتبه رغم ان العقد ينص على عشرين فقط ,اضافة الى عدم وجود ميزانية محددة ومعروفة له . الواقع في هذه المستشارية لم يتغير مع تولي الفياض ,حيث جرى طرد جماعة الربيعي واستبدالهم بموظفين جدد تابعين لمكتب المالكي وظل العدد مرتفعا وكبيرا . مؤسسة السجناء السياسيين تم الاستيلاء عليها من قبل حزب الدعوة وجرى طرد المسؤولين المستقلين فيها وأصبح مدير مكتب المالكي طارق عبد نجم هو من يديرها بالاتفاق مع مديرها الدعوجي الحالي ,حيث حجم الفساد والاختلاس المالي الكبير وطريقة توزيع الرواتب والمنح الى المستحقين والتي يجري التلاعب فيها بشكل معروف للجميع . كل هذا الفساد والخروقات التي يقوم بها حزب الدعوة يتم التغاضي عنها والتعتيم عليها بينما يتهم النواب من اعضاء الكتل السياسية التي رفضت التصويت على اقالة اعضاء المفوضية بانهم مصفقين للفساد ومباركين له بينما الواقع اثبت بان اعضاء مجلس النواب قد اثبتوا جدارتهم وقاموا بواجبهم ,حين أدركوا الاغراض الحزبية والسياسية وراء هذا الإلحاح على إقالة المفوضية والذي كاان سيعني إلقاء البلاد في فراغ مجهول وقاتل من اجل إرضاء الحزب الحاكم وزعيمه ومحاولاته الانفراد بالقرار لسياسي وفرض هيمنته على المؤسسات والهيئات المستقلة والتي باتت تعاني من تدخلات رئيس الحكومة والمقربين منه وأدى إلى تحولها إلى مؤسسات حزبية مغلقة فقط على اعضاء الحزب الحاكم ,حيث لا احد يعلم بالضبط ما يحدث في داخلها من فساد واستيلاء على المكاسب والامتيازات ,اضافة الى تحولها إلى مؤسسات فاشلة وغير قادرة على القيام بواجبها . حزب الدعوة الذي يصفق اعضائه في البرلمان لرئيسهم وهو يخالف الدستور بشكل واضح وعلني حين يستولي على الهيئات المستقلة الخاضعة بموجب الدستور لسلطة مجلس النواب يحاولون وبشكل خطير جر البلاد إلى مشاكل واختناقات سياسية تثبت عدم وطنيتهم وإخلاصهم لهذه البلاد واهلها .
https://telegram.me/buratha