الكاتب: كريم الوائلي
التفرد بالقرار واقصاء رأي الشركاء التاريخيون في العمل الوطني واحتكار الاجراء الحكومي سمة لازمت عمل الحكومة منذ تشكيلتها المنقوصة ، حيث درج صناع القرار الحكومي على التمترس في ورشهم والخروج بين فترة واخرى بقرارات ترقيعية غير مدروسة على شاكلة التسمين المفرط للحكومة ثم العمل على ترشيقها وتحديد مئة يوم لاصلاح عملها ثم البحث عن مخرج لخانق التحديد والموافقة على تأسيس مجلس السياسات قبل البحث في شرعيته ومهامه فضلا عن توزيع الوزارات الامنية ومن ثم الاختلاف حول مرشحيها واخيرا الحديث المتواتر اليوم عن تشكيل حكومة الاغلبية السياسية وهي حكومة ، ان ولدت ، فأنها اشبه بوليد خدج قد لا تكتب له الحياة في هذه المرحلة الحساسة التي هي احوج ما تكون الى الشراكة منها الى الغالبية ، وكان من جراء التفرد بالسياسات الارتجالية والمتسرعة والبعيدة عن الشراكة الشاملة الامعان في هدر الوقت اللازم لتطبيق برامج الحكومة والدوران في حلقة مغلقة لا نرى نهاية لها في الافق المنظور ، واثناء التخبط والدوران في متاهة البحث عن الحلول المسكنة يتباطأ عمل المؤسسات الحكومية وينشط الفساد المالي والاداري ويتلكأ العمل الرقابي وتسود الفوضى في الدوائر الحكومية ولا سيما الخدمية منها ، ومن المؤكد ان الشعب هو الجهة الوحيدة المتضررة من هذا الوضع . وعلى الرغم من كثرة الحديث عن حكومة الشراكة الى درجة تبدو من خلاله أنها واقعة بالفعل إلاّ انها في الواقع شراكة اقل ما يقال عنها انها شراكة منقوصة ومختزلة ولا وجود لها إلا في الاعلام التلفيقي ، ومفهوم حكومة الشراكة اساسا هو مفهوم تنقصه الافاضة والدقة فلا شراكة حكومية حقيقية وشاملة ما لم تكن هناك شراكة فاعلة وثابتة ومتكافئة في المشروع الوطني بوصفه يمثل القاعدة الصلدة التي تثبت عليها اركان ومرتكزات الدولة العراقية الجديدة التي يراد منها ان تكون ، بحق ، دولة المواطنة المنشودة . ويبدو ان هناك ضبابية بين مفهومي الشراكة في الحكومة والشراكة في المشروع الوطني والمفهوم الاخير يبيح لكل القوى السياسية المخاصة للعراق الجديد والفاعلة في المعترك الوطني ان تبدي رأيا او أعتراضا على عمل الحكومة ومدى قرب عملها او بعده عن دعم المشروع الوطني الهادف الى بناء دولة المؤسسات الدستورية التي تحقق الرفاهية للمواطن والامن والاستقرار للعراق ، ونستغرب كثيرا عندما نسمع من البعض عدم احقية هذا الطرف او ذاك من الاطراف الوطنية ، صغر او كبر ، في الاعتراض على عمل الحكومة بحجة عدم او قلة تمثيلها في الحكومة لاي سبب من الاسباب . ان المشروع الوطني يمثل المضمار الرئيسي لكل القوى الوطنية التي اثبتت حضورها التاريخي في العمل الوطني وساهمت بقدر كبير ومؤثر في العملية السياسية وشكلت قوة لا يستهان بها بدفع وتسريع التحولات الوطنية وفي طليعة هذه القوى المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي دأب على الوقوف ثابتا على مديات متساوية من كل القوى الوطنية الحريصة على المشروع الوطني والداعي الى تهدئة الاجواء الوطنية وتنقية فضاءاتها من سموم الفرقة والتنابز بالتهم .ان الشراكة الشاملة تعني فيما تعنيه الشراكة المتضامنة والمخلصة في المشروع الوطني بوصفه من الثوابت الوطنية التي يتعين التحلي بها لاثبات نزاهة اية حكومة اليوم او غدا . .
https://telegram.me/buratha