المقالات

اما هذا واما ذاك .....

886 16:43:00 2011-07-31

ابراهيم احمد الغانمي

تداولت بعض وسائل الاعلام والاوساط السياسية العراقية مؤخرا تقارير عن اعداد المعتقلين خلال الشهرين الماضيين، واوردت التقارير ارقاما صدرت عن جهات قضائية تشير الى ان عدد المعتقلين خلال شهري حزيران وتموز بلغ خمسة واربعين الف شخص، ولم توضح التقارير طبيعة التهم التي كانت وراء اعتقال هذا العدد الكبير من الاشخاص.ومن الطبيعي ان تثير هذه الارقام اسئلة واستفسارات عديدة عن سلامة الاجراءات القانونية والقضائية ومدى توفر معايير العدالة فيها، واسئلة واستفسارات اخرى عن مستوى الجريمة في العراق بأشكالها المختلفة.فأذا فرضنا مثلا ان الخمسة واربعين الف الذين تم اعتقالهم بعضهم ارهابيين وبعضهم سراق ولصوص وبعضهم مزورين وبعضهم نصابين ومحتالين وبعضهم مرتكبين لجرائم اخلاقية، فهذا يشير الى ان المجتمع العراق اصبح بؤرة لكل مظاهر واشكال الجريمة الامنية والسياسية والاخلاقية والاجتماعية والمالية، وعندذاك لايمكن اقتصار الاجراءات على ملاحقة المجرمين واعتقالهم ثم اصدار الاحكام القضائية بحقهم، بل لابد من ان تعكف الجهات الحكومية العليا ومعها منظمات المجتمع المدني المتخصصة بدراسة ذلك الواقع الخطير والوقوف على اسبابه وخلفياته ووضع الخطط والمشاريع العلمية والعملية لتغييره واصلاحه، اذ لايكفي ان اقول ذلك الشخص قاتل ومجرم وذاك مزور وذاك محتال وذاك زاني والقي به في السجن او اعلقه على المشنقة، وانما المطلوب اكثر من ذلك بكثير، المطلوب عملية اصلاح اجتماعي شامل فيي حال كان البلد يعج بالمجرمين من كل الانواع والاشكال، تتمثل بالقضاء على البطالة وتحسين الاوضاع الحياتية لعموم ابناء المجتمع والحد من ظاهرة تسرب الاطفال والشبان من المدارس، والاهتمام بالارامل والايتام وتطهير الاجهزة والمؤسسات الامنية وغير الامنية الحكومية من الارهابيين والمفسدين، وبث الوعي الديني والاجتماعي الصحيح، وغيرها من الامور. وعلينا المعنيين ان يدركوا ويفهموا ان السجن ليس بأفضل الحلول وانما هو اسوأها. واذا افترضنا-او ان الحقيقة هي كذلك، بأن هذا العدد الهائل من الاشخاص تم اعتقال عدد كبير منهم بصورة عشوائية ولمجرد تريد ان تظهر الاجهزة الامنية بأنها تعمل وعملها مثمر والدليل على ذلك انها اعتقلت خمسة واربعين الف شخص في غضون شهرين فقط، فهذا الفساد والظلم والحيف بعينه، اذ لايعقل ان تسعى مؤسسة امنية الى الحصول على شهادة كفاءة ومهنية وتكسبب الامتيازات على حساب الاف الناس الابرياء الذين تضعهم في نفس خانة القتلة والمجرمين والارهابيين وتحولهم بالتالي الى اشخاص سيئين او تصنفهم بهذا الشكل.هذا الاسلوب والمنهج يجلب الكوارث في الواقع، لانه بدلا من ان يؤدي الى الاصلاح فأنه يؤدي الى التخريب والتدمير الاجتماعي والاخلاقي والقيمي، ويشيع الظلم والاجحاف ويضيع المعايير والفواصل في تصنيف من هو سيء ومن هو جيد في المجتمع. ومن يقول ان الامور سارت بعد الاطاحة بنظام صدام المقبور بشكل صحيح فأنه اما يجافي ويجانب الحقيقة والواقع، او يجهل مايجري، ان ثقافة وسلوك وفكر النظام المقبور مازال مهيمنا وحاضرا في مختلف زوايا المجتمع، وما لم نستأصل تلك الثقافة وذلك السلوك والفكر من جذورها فأن الانحدار والتراجع سيبقى مستمرا ولاسبيل لايقافه عند حد معين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك