الدكتور رافد علاء الخزاعي
ان الصيام هو رياضة روحية لترويض الانسان وتغير طباعه وسلوكه هو مدرسة تربوية وسلوكية وعلاجية وصحية لتنقية النفس وتجديد خلايا الجسد المتعب من الادران وماحمله العقل من اهات .انه محطة سنوية نتوقف عندها لنكون امام الرب في تواصل وتحت الرقابة الربانية المباشرة على الشروط والواجبات المطلوب اتمامها من خلال تلك العبادة.الصوم لغويا مطلق الإمساك عن الشيء، فإذا أمسك شخص عن الكلام، أو الطعام فلم يتكلم، ولم يأكل، فإنه يقال له في اللغة: صائم، ومن ذلك قول القرآن }إني نذرت للرحمن صوماً} أي صمتاً وإمساكاً عن الكلام، وأما معناه في اصطلاح الشرع فهو الإمساك عن المفطرات يوماً كاملاً، من طلوع الفجر الصادق، إلى غروب الشمس، بالشروط التي وضعها الفقهاء وهذا التعريف متفق عليه بين الحنفية؛ والحنابلة، أما المالكية والشافعية والشيعة فإنهم يزيدون في آخره كلمة "بنيّة" فالنية محل خلاف. فرض صوم رمضان في شهر شعبان من السنة الثانية من هجرة الرسول (صلهم)إلى المدينة."قال رسول الله صلوات الله عليه وعلى اله الطاهرين" : من صام رمضان ايمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه. (رواه أبو هريرة)كل عمل ابن اّدم يضاعف: الحسنة بعشر امثالها الي سبعمائة ضعف، قال الله تعالي: إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به. يدع شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل : إني امرؤ صائم. روى عن أبو هريرة ان رسول الله -صلى اله عليه وسلم واله- قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه" لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فقد قال رسول الله- -"أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر" من الآراء التي ذكرت في حكمة الصيام.الصوم مدرسة سلوكيةان الانسان في يومياته العادية تعود الاكل بحرية والشرب باي وقت وتعود في حياته المدنية على الاكل بثلاث وجبات وبمواقيت محددة فرضتها عليه المدنية الحديثة وهي الفطور والغذاء والعشاء وان تعوده عليها خضع للنظرية بافلوف الشرطية من التعود على الوجبات وصارت ممارسة اعتيادية فحين يحين وقت الغذاء يشعر الانسان بالجوع ورغبته بالاكل وكذلك العشاء وهلم جرى على هذا المنوال السلوكي .ان الإنسان تحكمه عاداته، ويصل به الأمر إالى أن يصبح مجموعة من العادات، فتتحكم فيه إلى درجة فيعدو معها، كأنه آلة من الآلات فيبتعد عن المرونة التي تفرق بينه وبين الآلات. والإنسان الذي تحكمه عاداته : يصبح عبدا لها وفرض الله الصيام لتحرير الإنسان من هذه العبودية، فإن الصيام يعلم الإنسان نوعا من المرونة، حتى لا يتصرف تصرف الآلة.وفي وقت رمضان وتحديد وقت الفطور والسحور بمواعيد مختلفة عن سياق وجباته المعتادة سستغير الشرطية الاجبارية لديه مما يولد لتغير الانماط السلوكية الاخرى المرتبطة بالعادات الاخرى مثل التدخين وشرب الشاي والقهوة وغيرهم ممن تعود عليهن. ان احد تخفيف تلك الاثار الانسحابية للشرطية البافلوفية هو الجمعية في الصيام فصوم العائلة والاصدقاء والمجتمع كله يعطي دافع حماسي للمارسة الصوم مما يولد اطر جديدة للعلاقات الاجتماعية مثل الفطور الجماعي للعائلة والالتئام حول مائدة الافطار بتجربة جديدة ونمط اكلات جديدة غير متعود عليها في ايامه الاعتيادية مع السحور الليلي والتغير في اوقات النوم والعبادات والاعمال المختلفة كلها هذه الحماسية الجماعية تؤدي الى تغير في بعض العادات النمطية.إذا تأملنا جيدا سوف نجد أن شهر رمضان هو نظام غذائي جديد يلتزم به الإنسان المسلم كل سنه ، ويزداد تأملك إذا علمت أن الإنسان ليس وحده هو الذي يصوم بل إن الصوم موجود أيضا في الحيوانات ، فلقد لاحظ العلماء أن كثيرا من الكائنات الحية تمر بفترة صوم اختيارية بالرغم من توافر الغذاء حولها ، فمثلا من الطيور ما يكمن في عشه ويمتنع عن الطعام في مواسم معينه كل عام ، وبعض الأسماك يدفن نفسه في قاع المحيطات أو الأنهار لفترة معينه بدون طعامان احساس الانسان بالجوع خلال فترة الامساك وعن اشياء متاحة له سيجعله يعيد تفكيره في الجوع والعطش والشعور بمعاناة الاخرين . من الفقراء والمعوزين ان الشعور بالجوع يرتبط بمشاعر اخرى مثل الخوف والقلق ولكنه هنا جوعا اختياريا يعطيه قوة تدريبة على الصبر والارادة وعلى قوة التحمل للوصول الى وقت الفطور وحظوره للمائدة الرماضنية سيعطيه نمطية من التفكير الاخر هو الارتباط بالقناعة والشكر على النعمة انه درس تدريبي لمدة شهر وفق اطر مختلفة تزداد معه قوته وصبره وارادته مما يولد تغيرات في نمطية التفكير.فلذلك اعتقد ان تطور فرض الصوم عبر الاديان هو تطور تاريخي حيث نرى ان صيام اليهود والمسيح والصابئة والهندوس يختلف تدريجيا ان صيام اليهود اشد قسوة وهو مرتبط مع الاعتكاف في المعابد اما الصيام المسيحي فهو مرتبط بالصوم عن المنتجات الحيوانية للاعتقاد انه الارتباط بالشهوة الحيوانية ولديهم صوم كبير وصغير واما صوم الهندوس هو صوم النذر الى وقت الحصول على مطلوب الدعاء كما ذكر المهامتا غاندي ان امه عند غياب اخية نذرت ان تصوم حتى عودة اخيه وامتنعت عن الاكل والشرب لمدة عشرة ايام حتى عودة اخيه وصوم الصابئة وغيرها من الاديان نعرف ان الصوم هو مدرسة سلوكية وحتى الفلاسفة مثل ارسطو كان يصوم للايام متعددة لاعتقاده ان الصوم يطرد الشر والسموم من الجسم وتقوية الارادة.ان الصيام في الاسلام هو مدرسة سلوكية وتقويمية للنفس فلنسأل انفسنا بعد هذا الشهر ماذا غير فينا هذا الشهر من عادات وسلوكيات خاطئة. لنجعل من شهر رمضان محطة تقويمية لنا ونسال الله ان يتقبل الطاعات ويهدينا الى خير السبيل.
https://telegram.me/buratha